جمعه: 10/فرو/1403 (الجمعة: 19/رمضان/1445)

فنقول: أمّا الروایة الاُولى والثانیة فقد صرّح العلّامة المجلسـی(قدس سرّه) فی مرآة العقول بمجهولیّتهما([1])، وإنّما جعلتا روایتین وتكرّر نقلهما فی الكافی؛ لتعدّد سندهما، وإلّا فلا ریب فی أنّهما روایة واحدة، رواها زرارة، عن أبی جعفر(ع)، كما لا ینبغی الاعتماد على كلّ واحد من سندیهما. أمّا السند الأوّل: فمحمد بن یحیى هو أبو جعفر العطّار القمیّ من مشایخ الكلینی، شیخ أصحابنا فی زمانه ثقة عین، كثیر الحدیث، وعبد الله بن محمد من مشایخه، وهو أخو (بنان) أحمد بن محمد بن عیسى، فهو لیس بالخشّاب، والصحیح عبد الله بن محمد، عن الخشّاب، والظاهر أنّه الحسن بن موسى الخشّاب، كما وقع فی السند الثانی، وهو من وجوه أصحابنا، مشهور كثیر العلم والحدیث.

وعلّة السند فی علیّ بن سماعة؛ لأنّه غیر مذكور فی كتب الرجال، والمذكور أخوه الحسن بن سماعة، فیمكن وقوع التصحیف فیه، وما فی

 

النسخة المطبوعة بهامش مرآة العقول، والنسخة الّتی أخرجنا منها الحدیث «ابن سماعة»، وعلیهما فیحتمل أن یكون هو الحسن بن سماعة بن مهران، وهو واقفیّ لم تثبت وثاقته([2])، ویحتمل أن یكون الحسن بن محمد بن سماعة، فإنّه یروی أیضاً عن علیّ بن الحسن بن رباط([3])، وهو أیضاً من شیوخ الواقفیّة، ثقة، كثیر الحدیث، وكان یعاند فی الوقف، ویتعصّب([4])، ویحتمل أن یكون ابن سماعة هو محمد بن سماعة بن موسى بن روید، أو محمد بن سماعة بن مهران، وقد أنكر وجود الثانی صاحب تنقیح المقال.([5])

 

والكلام فی ترجیح هذه الاحتمالات بعضها على بعض لا ینتهی إلى ما تركن إلیه النفس، ویخرج السند من الجهالة؛ فلذا لا نطیل الكلام فی ذلك. فظهر أنّ علّة هذا السند هو كون الراوی عن علیّ بن الحسن بن رباط مجهولاً، لم یعلم أنّه علیّ بن سماعة، أو الحسن بن سماعة، أو الحسن بن محمد بن سماعة، أو محمد بن سماعة.

وأمّا علیّ بن الحسن بن رباط فهو ثقة معوَّل علیه، من أصحاب مولانا الرضا(ع).([6])

وابن اُذَینة شیخ أصحابنا البصـریّین، ووجههم، روى عن أبی
عبد الله(ع).([7])

وأمر زرارة فی جلالة القدر معلوم.

وأمّا السند الثانی: فالظاهر أنّ أبا علیّ الأشعری هو أحمد بن إدریس القمّی، الثقة، الفقیه، كثیر الحدیث، توفّی بالقرعاء سنة ستٍّ وثلاثمائة.([8])

 

وأمّا الحسن بن عبد الله أو عبید الله فهو أیضاً قمّی، ولكنّه مرمیٌّ بالغُلوّ([9])، وعلیّ بن سماعة ـ على ما بیّنّاه ـ لیس مذكوراً فی كتب الرجال، إلّا أنّ الشیخ(قدس سرّه) ذكر «الحسن بن سماعة» بدل «علیّ بن سماعة»([10])، وهو ـ كما قرأت ـ واقفیّ لم تثبت وثاقته([11])، مع أنّ المفید أیضاً أخرجها عن علیّ بن سماعة ([12])، وبذلك یضعف احتمال التحریف، ویقوی جهالة السند.

ومثل هذا السند غیر معتبر أیضاً فلا یعتمد علیه.

وأمّا الحدیث الثالث: فمحمد بن یحیى هو أبو جعفر العطّار القمّی المذكور فی سند الروایة الاُولى، ومحمد بن أحمد هو محمد بن أحمد بن یحیى، وهو وإن كان جلیل القدر ثقة فی الحدیث إلّا أنّه كان یروی عن الضعفاء، ویعتمد المراسیل، ولا یبالی عمّن أخذ.([13])

 

وكان محمد بن الحسن بن الولید یستثنی من روایته ما رواه عن جماعة سمّاهم، وهو (محمد بن أحمد بن یحیی) صاحب كتاب نوادر الحكمة، له كتاب یعرفه القمّیّون بـ «دبّة شبیب».([14])

ومحمد بن الحسین هو ابن أبی الخطّاب الهمدانی، جلیل من أصحابنا، ثقة، عین، عظیم القدر، كثیر الروایة.([15])

والظاهر أنّ أبا سعید العُصفوری وأبا سعید العصفری وعبّاد بن یعقوب الرواجنی واحد، كما نبّه علیه شیخنا النوری(قدس سرّه).([16])

وقال فی جامع الرواة فی عباد بن یعقوب: تقدّم عن «جش» قول بأنّ هذا وأبا سعید العصفری واحد (مح).([17])

قال ابن حجر: صدوق رافضـی.([18]) وعن الذهبی: قال ابوحاتم:

 

شیعیّ وثقة([19])، له أخبار المهدیّ.([20])

وأمّا عمرو بن ثابت فهو ابن أبی المقدام، من أصحاب مولانا الصادق(ع)، ثقة على الأظهر.([21])

وأبو الجارود هو زیاد بن منذر، وإلیه تُنسب الجارودیة([22])، رویت فی ذمّه روایات تضمّن بعضها كونه كذّاباً كافراً.([23])

وأمّا الحدیث الرابع: فهو مرفوع، وقد عرفت رجال سنده إلى
أبی سعید.

والحدیث الخامس: یظهر ضعف سنده ممّا تقدّم فی أبی الجارود.

وأمّا الحدیث السادس: فقال المجلسـی(قدس سرّه) فی مرآة العقول: سنده الأوّل صحیح، لكنّ الظاهر أنّ فیه إرسالاً؛ إذ مسعدة من أصحاب

 

الصادق(ع)، ومحمد بن الحسین ابن أبی الخطّاب، من أصحاب الجواد والهادی والعسكری(ع)، لكن یروی هارون بن مسلم عنه كثیراً، مع أنّه قال النجاشی فیه: لقی أبا محمد وأبا الحسن، فیحتمل أن یكون مسعدة معمّراً، روى عنه محمد.([24])

أقول: لا یدفع بذلك احتمال الإرسال؛ لبعد عدم فوز مثل مسعدة بن زیاد بلقاء مولانا الكاظم والرضا والجواد(ع) فی مدّة تزید على خمسین سنة، وعدم روایته عنهم ولو بالمكاتبة، أو بالواسطة، فالظاهر أنّه توفّی فی زمان الصادق(ع)، وقد قبض فی شوّال سنة ثمان وأربعین ومائة، أو أوائل عصر الكاظم(ع)، ومحمد بن الحسین ابن أبی الخطّاب، توفّی فی سنة اثنتین وستّین ومائتین، وبذلك یستبعد روایة محمد بن الحسین عنه بلا واسطة، بل وروایة هارون بن مسلم، فبقی احتمال الإرسال على حاله، والله أعلم.

وأمّا السند الثانی فمجهول عامّی، كما صرّح به فی مرآة العقول.([25])

وأمّا الحدیث السابع: فضعیف، لم نعثر على بعض رجاله فی ما عندنا

 

من كتب رجال الشیعة.

والحدیث الثامن: أیضاً لم نعرف بعض رجاله، ولا یخفى علیك، أنّ الأحادیث والنصوص المخرّجة فی كفایة الأثر أكثر رجالها وأسنادها من العامّة، فإنّ مؤلّفه(قدس سرّه) صنّف هذا الكتاب لتخریج ما روی بأسانیدهم فی النصّ على الأئمّة الإثنی عشر(ع)، فلا اعتداد بما فی هذین الخبرین (السابع والثامن) إن ثبت أنّ ظاهر بعض ألفاظهما یخالف مذهب الحقّ، ولا یقبل التأویل، بعدما ملأ الخزّاز كتابه هذا بالأحادیث الصریحة على عددهم، وأسمائهم، وأوصافهم من طرق العامّة، فراجع كتابه حتى تعرف كثرة هذه الأحادیث من طرقهم.

هذا تمام الكلام فی أسناد هذه الأحادیث، وقد عرفت عللها، وأنّها بنفسها لا تنهض حجّةً، ولا یُعتَمَد علیها.

 

 

 

([1]) المجلسی، مرآة العقول، ج6، ص222، 230.

([2]) الطوسی، اختیار معرفة الرجال، ج2، ص768 ـ 769. قال بعض المحقّقین: حسن بن سماعة  هو حسن بن محمد بن سماعة (الکلباسی، الرسائل الرجالیة، ج4، ص326). صرّح الرجالیّون علی أنّ حسن بن محمد بن سماعة واقفیّ ولکنّه ثقة. (النجاشی، رجال،‌ ص40).

([3]) النجاشی، رجال، ص251؛ الحسینی التفرشی،‌ نقد الرجال، ج3، ص244. یراجع فی ذلك الاستبصار، باب ما یحرم جاریة الأب على الابن أو جاریة الإبن علی الأب (ج3، ص211، ح 765)، وباب أنّه تحجب الاُمّ عن الثلث إلی السدس بأربع أخوات (ج4، ص141، ح 528)؛ راجع أیضاً: الطوسی، تهذیب الأحکام، ج7، ص291، ح 1221؛ ج9، ص285، ح 1032.

([4]) النجاشی، رجال، ص40؛ العلّامة الحلّی، خلاصة الأقوال، ص333.

([5]) التستری، قاموس الرجال، ج9، ص304؛ الخراسانی الکرباسی، إکلیل المنهج، ص197؛ الخوئی، معجم رجال الحدیث، ج17، ص146.

([6]) النجاشی، رجال، ص251؛ العلّامة الحلّی، خلاصة الأقوال، ص186.

([7]) النجاشی، رجال، ص283؛ العلّامة‌ الحلّی،‌ خلاصة الأقوال، ص211.

([8]) النجاشی، رجال، ص92؛ العلّامة الحلّی، خلاصة الأقوال، ص65.

([9]) العلّامة الحلّی، خلاصة‌ الأقوال، ص334؛ الخوئی، معجم رجال الحدیث، ج5، ص369.

([10]) الطوسی،‌ الغیبة، ص151.

([11]) الطوسی، اختیار معرفة‌ الرجال،‌ج2، ص768.

([12]) المفید،‌ الإرشاد، ج2، ص347.

([13]) یراجع فی ذلك وغیره ممّا ذكرناه فی هذه الرسالة من أحوال الرجال الكتب الرجالیة مثل: جامع الرواة، والفهرست، ورجال العلّامة، والنجاشی، والكشّـی، وتنقیح المقال، ومنهج المقال وغیرها. النجاشی، رجال، ص348؛ ابن داود الحلّی، رجال، ص164 ـ 165؛ العلّامة الحلّی، إیضاح الاشتباه، ص277؛ العلّامة الحلّی، خلاصة الأقوال، ص247.

([14]) شبیب فامی كان بقم له دبّة ذات بیوت یعطی منها ما یطلب منه من دهن، فشبّهوا هذا الكتاب بذلك. النجاشی، رجال، ص 348 ـ 349؛ العلّامة‌ الحلّی، إیضاح الاشتباه، ص277.

([15]) النجاشی، رجال، ص334؛ ابن داود، رجال، ص158؛ العلّامة الحلّی، خلاصة الأقوال، ص240.

([16]) النجاشی، رجال، ص293؛ المحدّث النوری، خاتمة مستدرك الوسائل، ج1، ص53.

([17]) الأردبیلی، جامع الرواة، ج1، ص429، 431.

([18])ابن حجر العسقلانی، تقریب التهذیب، ج1، ص469 ـ 470؛ ابن حجر العسقلانی، تهذیب التهذیب، ج5، ص95 ـ 96؛ الزکی، مقدمة فتح الباری، ص410 ـ 411.

([19]) الذهبی، سیر أعلام النبلاء، ج11، ص536 ـ 538؛ الذهبی، میزان الإعتدال، ج2، ص379.

([20]) الطوسی، الفهرست، ص192؛ الأردبیلی، جامع الرواة، ج1، ص431.

([21]) ابن الغضائری،  رجال، ص111.

([22]) الطوسی، رجال، ص135؛ ابن شهر آشوب، معالم العلماء، ص87؛‌ العلّامة الحلّی، خلاصة الأقوال، ص348؛ ابن داود الحلّی، رجال، ص246.

([23])الأردبیلی، جامع الرواة، ج1، ص339؛ الحسینی التفرشی، نقد الرجال، ج2، ص278 ـ 280.

([24]) المجلسی، مرآة العقول،‌ ج6،‌ ص223.

([25]) المجلسی، مرآة العقول، ج6، ص223.

نويسنده: 
کليد واژه: