پنجشنبه: 9/فرو/1403 (الخميس: 18/رمضان/1445)

الاعتقاد فی العقبات

 

خلاصة رأی الشیخ أبی جعفر الصدوق فی العقبات الّتی على طریق المحشر: «أنّ هذه العقبات اسمُ کلّ عقبة منها على حدة، اسم فرضٍ أو أمر أو نهی، فمتى انتهى الإنسان إلی عقبة اسمها الفرض وکان قصَّـر فی ذلك الفرض حبس عندها وطولب بحقّ الله‏ فیها، فإن خرج منها بعمل صالح قدّمه أو برحمة تداركه، نجا منها إلى عقبة اُخری، فلایزال یدفع من عقبة... إلی عقبة، فإن سلم من جمیعها أنتهى إلى دار البقاء، وإن حبس علی عقبة فطولب بحقّ قصّر فیه فلم ینجه عمل صالح قدّمه ولا أدركته من الله‏ عزّ وجلّ رحمة، زلّت به ‏قدمه  عن العقبة فهوی فی (نار) جهنّم، نعوذ بالله منها».([1])

ثم قال: «وهذه العقبات کلّها على الصراط، اسم عقبة منها الولایة، یوقف جمیع الخلائق عندها، فیسألون عن ولایة أمیر المؤمنین والأئمّة

 

من بعده^، فمن أتى بها نجا وجاز، ومن لم یأت بها بقی فهوی...، إلخ».([2])

أمّا خلاصة رأی المفید هی قوله: «لیس المراد بها جبال فی الأرض تقطع، وإنّما هی الأعمال شبّهت بالعقبات، وجعل الوصف لما یلحق الإنسان فی تخلّصه من تقصیره فی طاعة الله تعالى كالعقبة الّتی یجهد صعودها وقطعها»، واستشهد بقول الله تعالى: ﴿فَلَاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ؛([3]) وقال أمیر المؤمنین×: «إنّ أمامكم عقبةً كؤوداً، ومنازل مهولة، لابدّ من الممرّ بها، والوقوف علیها، فإمّا برحمةٍ من الله نجوتم وإمّا بهلكة لیس بعدها انجبار».([4])

ونقول تعقیباً على ذلك: إنّ استظهار أبی عبد الله المفید لطیف فی حدّ نفسه، إلّا أنّ غایة ما یمكن أن یقال هنا: إنّ استظهار الشیخ أبی جعفر لا یرجّح علیه، وکلّ على استظهاره! لكنّ الاستدلال على ذلك، بالاستناد إلی ما ظنّه الحشویة، وأنّ الحكمة لا تقتضـی هذه العقبات، ولا وجه لخلق عقبات تسمّى بكذا وكذا. فذلك موقوف على إحاطة

 

الإنسان بجمیع الحِكَم من الأفعال الإلهیة، والمعیار هنا هو أوّلاً: وجود خبر معتبر وصحیح، ثانیاً: الترجیح العرفی لأحد الاستظهارین. والله سبحانه هو العالم.

 

 

([1]) الصدوق، الاعتقادات فی دین الإمامیة، ص71 ـ 72.

([2]) الصدوق، الاعتقادات فی دین الإمامیة، ص72.

([3]) البلد، 11ـ13.

([4]) المفید، الإرشاد، ج1، ص234؛ المفید، تصحیح اعتقادات الإمامیة، ص112ـ113.

موضوع: 
نويسنده: