سه شنبه: 29/اسف/1402 (الثلاثاء: 9/رمضان/1445)

الأمر السادس
الأحكام کلّیتها وجزئیتها

 

الأحكام الکلّیة هی الأحكام المحمولة على الموضوعات الکلّیة، مثل الصلاة والصوم والحجّ والبیع والنكاح والرهن. وهكذا تفاصیلها وشرائطها وأجزاؤها من السجود والركوع والقراءة وخیار الغبن وخیار العیب. وكذا موضوعات الأحكام التحریمیة مثل الخمر والربا والمیسـر والغشّ وإیذاء المؤمن والزنی وغیرها... فالحكم یكتسب کلّیته من موضوعه.

وأمّا الأحكام الجزئیة فهی ما یتعلّق بالجزئیات الخارجیة للموضوع الکلّی، فالحكم الجزئی جزئیّ من جزئیات الحكم الکلّی، وهذا مثل حرمة شرب هذا الخمر، أو حرمة غصب ملك زید، أو حرمة الزنی بامرأة معلومة، أو حرمة نكاح هذه المرأة، أو وجوب أداء زكاة هذا المال المعیّن، أو وجوب صلاة ظهر هذا الیوم، أو وجوب الوضوء لهذه الصلاة، أو خیار الغبن فی هذه المعاملة.

 

ولكن اشتبه الأمر على هذا الكاتب فعدّ نهی النبیّ| عن بیع الثمر قبل ظهور صلاحه ونضجه ـ الّذی استقرّت علیه فتاوى الفقهاء وبنوا على بطلانه ـ عدّة من الأحكام الجزئیة ولم یتفطّن إلی أنّ الجزئی والکلّی متلازمان، لا یوجد أحدهما بدون الآخر، فإذا کان هذا الحكم ـ أی بطلان بیع الثمرة قبل بدوّ صلاحها جزئیاً ـ ، فما هو إذن الحكم الکلّی الّذی هذا من جزئیاته؟!

ولیت شعری كیف یخفى على الّذی یكتب فی الفقه وفی مثل هذا الموضوع الّذی شغل فكر أكثر أهل الثقافة العصریة المغترّین بالأسالیب الشرقیة والغربیة، أنّ الحكم ببطلان هذا البیع والنهی عنه هو من الأحكام والنواهی الکلّیّة الّتی  لا تحصى جزئیاتها، مثل بیع هذه الثمرة أو بیع تلك أو بیع هاتیك.([1])

 

 

 

([1]) راجع آراء الفقهاء وأقوالهم فی المسألة وأحادیث هذا الباب فی كتاب الخلاف للشیخ الطوسی، مسألة 139 و140 و141 من كتاب البیوع (ج3، ص84 ـ 87)؛ وكتاب المؤتلف من المختلف بین أئمّة السلف، مسألة 135 من كتاب البیوع (الطبرسی، ج1، ص482 ـ 483) والموسوعة الفقهیة الكبیرة (جواهر الکلام) للنجفی، كتاب التجارة، الفصل الثامن فی بیع الثمار (ج24، ص56 ـ 135).

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: