پنجشنبه: 9/فرو/1403 (الخميس: 18/رمضان/1445)

نصاب الغوص

مسألة 15: لا ریب فی اعتبار النصاب فی ما یخرج من البحر، وأنّه دینار واحد. ویدلّ علیه: معتبر ابن أبی عبد الله الّـذی سبق نقله، كان فیه: «إذا بلغ قیمته دیناراً ففیه الخمس». وفی الجواهر: هو المشهور نقلاً وتحصیلاً شهرةً كادت تكون إجماعاً... إلى آخر كلامه.([1])

ولا اعتناء بالتشكیك فی اعتبار الروایة بأن یقال: إنّ محمد بن علیّ بن أبی عبدالله راوی الحدیث مجهول لم یرد فیه توثیق ولا مدح، وإن روى عنه البزنطی

 

وعلیّ بن أسباط، ولم یكن مشهوراً بین الرواة، ولیس فی البین ما یوهم وثاقته عدا روایة البزنطی عنه، بناءً على ما قیل من أنّه لا یروی إلّا عن الثقة، كما نقل ذلك عن عدّة الشیخ.([2])

لكنّ المبنى سقیم كما مرّ كثیراً، فلا  اعتماد على الروایة لهذه العلّة، وحینئذ فإن تمَّ الإجماع المدّعى على اعتبار النصاب المزبور فهو، وإلّا فالمتّبع إطلاق ما دلّ على وجوب الخمس فی الغوص وفیما اُخرج من البحر، الشامل لما إذا كانت القیمة أقلّ من الدینار.([3])

أقول: قد مرّ منّا أیضاً فساد مبنى المستشكل على المبنى المشهور وأساطین الأصحاب وحملة الآثار، فلا  یجوز طرح مثل هذا الحدیث المعتبر الّذی احتجّ به أعاظم الفقهاء الماهرین فی علم الحدیث ومعرفة الصحیح من السقیم، وأرسلوه إرسال المسلَّمات.

وهذا شیخنا الصدوق عروة الإسلام فی المقنع والهدایة، والشیخ أبو الصلاح فی الكافی، وشیخنا الطوسی فی النهایة والاقتصاد والجمل والعقود والمبسوط، والقاضی ابن البراج فی المهذّب، وابن زهرة فی الغنیة، وابن حمزة فی الوسیلة، والصهرشتی فی الإصباح، والحلّی فی السرائر، والحلبی فی إشارة السبق، والمحقّق فی الشرائع والمختصر النافع والمعتبر، والهُذلی فی الجامع للشـرائع، والعلامة فی كتبه مثل القواعد والتبصرة والإرشاد والتلخیص والفخریة والتذكرة، وفیه قال:

 

«عند علمائنا خلافاً للجمهور كافّة».([4]) وقد سقط من النسخة المطبوعة القدیمة من الحدیث صدر السؤال عن الإمام×، وهو قوله: «عمّا یخرج من البحر من اللؤلؤ والیاقوت والزبرجد و...».

فهؤلاء الأجلّة كلّهم قد أفتوا صریحاً بالروایة ولم یحتمل أحد منهم غیره. إذن فكیف یجترئ الباحث طرحه، ونسبة مبناهم إلّا السقم والبناء على المبنى المستحدث من قبله، ومخالفة فتاوى الفقهاء من أول الفقه إلى آخره فیما بنوا على العمل بمثل هذا الحدیث المعتبر؛ لكون مثل البزنطی لا یروی إلّا عن الثقة، ویكفی فی ذلك شهادة مثل الشیخ. هذا مضافاً إلى أنّه یمكن أن یقال: إنّ مثل البزنطی لا یروی إلّا حدیثاً یصحّ الاحتجاج به حتى ممّن كان مذموماً.

فنقول: إنّ روایة مثله عن غیر العدل تدلّ على كون الحدیث موثوق الصدور، فلا  نعمل بسائر روایاته الّتی یرویها عنه غیر البزنطی.

هذا، مضافاً إلى أنّه یظهر من التأمّل فی أسناد الروایات المرویة عن محمد بن علیّ بن أبی عبد الله ومحمد بن علیّ بن جعفر: أنّ محمد بن علیّ بن أبی عبد الله هذا هو حفید الإمام الصادق× ووالده علیّ هو على بن جعفر×، كما صرح به سیدنا الاُستاذ الأعظم+، جزاه الله عن الإسلام وعن العلوم الإسلامیة أحسن الجزاء. والمسألة بغض النظر عن المبنى المستحدث الّذی ظهر لك عدم الاعتماد علیه واضح الحكم، إلّا أنّا أطلنا الكلام فیه لئلّا یتسرّع الباحث فی الفتوى على خلاف الأساطین. والله هو العالم.

 


([1]) جواهر الکلام، ج16، ص40.

([2]) عدّة الاُصول، ج1، ص154.

([3]) انظر التشكیك فی الروایة فی المستند فی شرح العروة الوثقی، ج25، ص113.

([4]) تذكرة الفقهاء، ج5، ص419، 428.

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: