پنجشنبه: 6/ارد/1403 (الخميس: 16/شوال/1445)

أخبار التحلیل

مسألة 86: ممّا وقع البحث فیه بینهم فی المراد من الأخبار الدالّة على التحلیل: هل هی فی كل من المناكح والمساكن والمتاجر؟ وبعبارة اُخرى: هل التحلیل المستفاد منها مطلق یشمل خمس الغنیمة والمعدن والكنز وأرباح المكاسب، سواء كان من المناكح والمساكن والمتاجر، أو أنّه مختصّ بأرباح المكاسب وفی مورد المناكح، أو غیر ذلك؟ وهل التحلیل حكم شرعیّ یكون الدلیل الدالّ علیه كالمقیِّد لإطلاق ما یدلّ على وجوب الخمس مطلقاً، أو مطلق یشمل جمیع الأزمنة، أو غیر ذلك من الشقوق المتصوّرة؟ فاللازم ملاحظة الأخبار والنظر فی مقدار دلالتها.

فنقول: اعلم أنّه لا ریب فی دلالة الكتاب وطائفة من السنّة على وجوب الخمس من غیر عفو ولا تحلیل وإن كانت بالإطلاق أو العموم. وأمّا ما ادّعی دلالته على التحلیل:

فمنها: مصحّحة الحارث بن المغیرة النصری عن أبی عبد الله× قال: «قلت له: إنّ لنا أموالاً من غلّات وتجارات ونحو ذلك، وقد علمت أنّ لك فیها حقاً؟ قال: فلم أحللنا إذاً لشیعتنا إلّا لتطیب ولادتهم، وكلّ من والى آبائی فهم (فهو) فی حلّ ممّا فی أیدیهم من حقّنا، فلیبلغ الشاهد الغائب».([1])

 

وقال الشیخ الأنصاری+: «ونحوها روایة اُخرى للحارث اُطلق فیها تحلیل الخمس».([2])

أقول: وهی ما رواه أیضاً فی التهذیب عنه، قال: «دخلت على أبی جعفر× فجلست عنده، فإذا نجیة([3]) قد استأذن علیه فأذن له، فدخل فجثا على ركبتیه، ثم قال: جعلت فداك، إنّی اُرید أن أسألك عن مسألة والله ما اُرید بها إلّا فكاك رقبتی من النار، فكأنّه رقّ له، فاستوى جالساً، فقال: یا نجیّة، سلنی، فلا  تسألنی الیوم عن شیء إلّا أخبرتك به، قال: جعلت فداك، ما تقول فی فلان وفلان؟ فقال: یا نجیّة، إنّ لنا الخمس فی كتاب الله، ولنا الأنفال، ولنا صفو المال، وهما والله أوّل من ظلما حقّنا فی كتاب الله... ـ إلى أن قال: ـ اللّهمّ إنّا قد أحللنا ذلك لشیعتنا، قال: ثم أقبل علینا بوجهه فقال: یا نجیة، ما على فطرة إبراهیم غیرنا وغیر شیعتنا».([4])

وتمام الحدیث كما فی التهذیب بعد قوله×: «فی كتاب الله»: «وأوّل من حمل الناس على رقابنا، ودماؤنا فی أعناقهما إلى یوم القیامة والله بظلمنا أهل البیت، وإنّ الناس لیتقلَّبون فی حرام إلى یوم القیامة بظلمنا أهل البیت، فقال نجیّة: إنّا لله وإنّا إلیه راجعون (ثلاث مرّات)، هلكنا وربّ الكعبة، قال: فرفع فخذه عن

 

الوسادة فاستقبل القبلة فدعا بدعاء لم أفهم منه شیئاً، إلّا أنّا سمعناه فی آخر دعائه وهو یقول: «اللهمّ...» الحدیث، إلّا أنّه قال: «إلینا» بدل «علینا» و«علیه السلام»  بعد إبراهیم».([5])

أقول: أمّا سند الأوّل فقد عبَّر عنه الشیخ الأنصاری «بالمصحّحة»([6])، والسیّد الاُستاذ الأعظم+ على ما فی تقریرات بحثه فی الخمس «بالصحیحة». وقال السیّد الخوئی: «هی ضعیفة السند بأبی عمارة، فإنّه مجهول وإن عبّر عنها فی الحدائق بالصحیحة».([7])

أقول: السند هكذا: سعد بن عبد الله،([8]) عن أحمد بن محمد،([9]) عن
أحمد بن محمد بن أبی نصـر،([10]) عن أبی عمارة،([11]) عن الحارث بن
المغیرة النصری.([12])

والظاهر أنّ مثل هذا السند واعتماد مثل هذه الأجلّاء علیه سیّما الشیخ

 

البزنطی یكفی فی الاعتماد علیه، وتعبیر العلمین الكبیرین عنه بالمصحّحة أو الصحیحة فی محلّه.

وأمّا السند الثانی فی التهذیب: علیّ بن الحسن بن فضّال،([13]) عن جعفر بن محمد بن حكیم،([14]) عن عبد الكریم بن عمرو الخثعمی،([15]) عن الحارث بن المغیرة النصری.([16]) وقد عبّر عنه صاحب الحدائق([17]): بالموثّق، وأخذ علیه السیّد الخوئی بجهالة جعفر بن محمد بن حكیم، ولكن قال: هو مذكور فی أسناد كامل الزیارات.([18]) فهو موثّق على مسلكه، لا مسلك الحدائق. ولكن یكفی فی رفع الجهالة عنه روایة مثل ابن فضّال وابن بزیع وموسى القاسم الممدوح بأنّه ثقة ثقة جلیل واضح الحدیث حسن الطریقة.

وكیف كان، فالّذی نقول فی مضمونهما: إنّ الأوّل لیس ظاهراً فی التحلیل المطلق، وإنّ السؤال راجع إلى ما یتعلّق بأموالهم بالاكتساب ونحوه، بل الظاهر أنّ السؤال راجع إلى ما یقع فی أیدیهم من أموال أهل الخلاف لمخالطتهم معهم، وعدم إمكان الاجتناب عنها فی المعاملات والتجارات والمساكن والمأكل

 

والملبس. وبالجملة: فلا  یدلّ على التحلیل المطلق.

وأمّا الثانی فظاهره وإن كان الإطلاق إلّا أنّه یمكن أن یقال: إنّ كلّ مثل ذلك راجع إلى تحلیل ما كان بید العامّة على الشیعة ممّا كان جمیعه أو خمسه لهم^، وما یقتضیه التحلیل هو هذا، وهو ما كان مورداً لابتلاء الجمیع، لا ما یستفیده الشیعة بالاكتساب.

ومنها: صحیحة الفضلاء (أبی بصیر وزرارة ومحمد بن مسلم)، عن أبی جعفر× قال: «قال أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب×: هلك الناس فی بطونهم وفروجهم؛ لأنّهم لم یؤدّوا إلینا حقّنا، ألا وإنّ شیعتنا من ذلك، وآباءهم فی حلّ».([19])

ورواه الصدوق فی العلل؛ إلّا أنّه قال: «وأبناءهم»([20])، هذا هو الصحیح، كما لا یخفى.

والظاهر أنّ المراد من هذا الحدیث الشریف أیضاً: تحلیل ما یقع فی أیدی الناس من الأموال الّتی تلی أمرها الحكومات الغاصبة، لأنّه لولا ذلك فإنّ الشیعة تقع فی العسر والحرج والضرر. أمّا ما یحصل بأیدیهم من الاكتسابات فلا  وجه لتحلیله وتفویت مصلحة تشریعه.

 

ومثل ذلك الحدیث: ما ورد فی الصحیح فی العلل، عن أبی جعفر× قال: «إنّ أمیر المؤمنین× حلّلهم من الخمس ـ یعنی الشیعة ـ لیطیب مولدهم».([21])

ومنها: روایة أبی خدیجة سالم بن مكرّم، عن أبی عبد الله× قال: «قال له رجل وأنا حاضر: حلِّل لی الفروج؟ ففزع أبوعبد الله×، فقال له رجل: لیس یسألك أن یعترض الطریق إنمّا یسألك خادماً یشتریها أو امرأة یتزوجها أو میراثاً یصیبه أو تجارة أو شیئاً أعطیه (أعطاه)، فقال: «هذا لشیعتنا حلال الشاهد منهم والغائب...الحدیث».([22])

وهذا أیضاً محتمل فیه ما احتملنا فیما ذكرناه قبله، مضافاً إلى عدم ذكر الخمس فیه، فلعلّ كان عمّا یقع فی أیدیهم من الأموال الّتی كانت فی ید الحكومة من الخراج والجزیة.

ومنها: روایة محمد بن مسلم، عن أحدهما ÷ قال: «إنّ أشدّ ما فیه الناس یوم القیامة أن یقوم صاحب الخمس فیقول: یا ربّ خُمـسی، وقد طیّـبنا ذلك لشیعتنا لتطیب ولادتهم ولیزكو أولادهم».([23])

 

وهذا أیضاً غایة ما یستفاد منه تحلیل ما یصل إلى أیدی الشیعة من الأخماس، بقرینة الروایات الدالة على التأكید فی أمر الخمس ووجوب أدائه.

ومنها: روایة حكیم مؤذّن بنی عیس، عن أبی عبد الله× قال: «قلت له: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِنْ شَیْءٍ فَأَنَّ لِ‍لّٰهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ([24]) قال: هی والله الإفادة یوماً بیوم، إلّا أنّ أبی جعل شیعتنا من ذلك فی حلٍّ لیزكوا».([25])

وفیه مضافاً إلى ضعف سنده: أنّ التحلیل صدر من الإمام الباقر×، والمحتمل اختصاصه بزمانه لا یشمل جمیع الأزمنة، وشاهد ذلك: أنّ الحدیث فی هامش الكافی المخطوط «شیعته» وكیف كان فالاستدال به ساقط.

ومنها: روایة أبی حمزة، عن أبی جعفر×، وفیها: «إنّ الله جعل لنا أهل البیت سهاماً ثلاثة فی جمیع الفیء، فقال تبارك وتعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْءٍ فَأَنَّ لِ‍لّٰهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی الْقُرْبَى وَالْیَتَامَى وَالْمَسَاكِینِ وَابْنِ السَّبِیلِ﴾.([26]) فنحن أصحاب الخمس والفیء، وقد حرّمناه على جمیع الناس ما خلا شیعتنا.([27])

وفیه: مضافاً إلى ضعف سنده بعلیّ بن العباس، أنّه لا یشمل سهم الثلاثة، ولذا اختار صاحب الحدائق به جمعاً بین الأخبار: أنّ التحلیل مختصّ بحصّة

 

الإمام× ، إلّا أنّ الظاهر أنّه لا یكفی لذلك، وتردّه الأخبار الصـریحة فی الإطلاق.

ومنها: ما فی كتاب «كمال الدین»، عن محمّد بن محمد بن عصام الكلینی، عن محمد بن یعقوب الكلینی، عن إسحاق بن یعقوب فیما ورد علیه من التوقیعات بخطّ صاحب الزمان×: «وأمّا المتلبّسون بأموالنا فمن استحلّ منها شیئاً فأكله فإنّما یأكل النیران. وأمّا الخمس فقد اُبیح لشیعتنا وجُعلوا منه فی حلّ إلى أن یظهر أمرنا؛ لتطیب ولادتهم ولا تخبث».([28])

وفیه: أنّ المحتمل قویّاً أنّ الألف واللام للعهد، وهو ما بأیدی الناس، وإلّا فهو الإشارة إلى ما سئل عنه×، فلا  یستفاد منه الإطلاق، مضافاً إلى أنّه یمكن أن یقال: إنّ المباح للشیعة مباح للجمیع، لا للفرد بحیث لم یكن لغیره ذلك، وهذا مختصّ بما فی أیدی المستحلّین للخمس والغاصبین. ویمكن أن یقال ذلك فی كثیر من الروایات السابقة. فتدبّر.

ومنها: روایة عبد الله بن سنان، قال: «قال أبو عبد الله×: على كل امرئٍ غنم، أو اكتسب الخمس ممّا أصاب لفاطمة ‘ ولمن یلی أمرها من بعدها من ذرّیتها (ورثتها) الحجّج على الناس، فذاك لهم خاصّة یضعونه حیث شاؤوا وحرم علیهم الصدقة، حتى الخیّاط لیخیط قمیصاً بخمسة دوانیق فلنا منه دانق،

 

إلّا من أحللناه من شیعتنا لتطیب لهم به الولادة، إنّه لیس شیء عند الله یوم القیامة أعظم من الزنا إنّه لیقوم صاحب الخمس فیقول: یا ربّ، سل هؤلاء بما اُبیحوا (نكحوا)».([29])

وفیه: أنّه لا إطلاق فیها بالنسبة إلى التحلیل، كما أفاد السیّد الاُستاذ+. مع كونها فی مقام تشدید تعلّق الخمس بمطلق ما یكتسب به الأشخاص حتى الدوانیق، مضافاً إلى ضعف سندها لرمی راویها بالغلوّ.

هذه طائفة من الروایات الّتی ذكرها الشیخ الأنصاری+ وهناك روایات اُخرى ذكرها السیّد الاُستاذ+:

منها: خبر یونس بن یعقوب قال: «كنت عند أبی عبد الله× فدخل علیه رجل من القمّاطین، فقال: جعلت فداك، تقع فی أیدینا الأموال والأرباح وتجارات، نعلم أنّ حقّك فیها ثابت، وأنّا عن ذلك مقصّـرون؟ فقال أبو عبدالله×: ما أنصفناكم إن كلّفناكم ذلك الیوم».([30])

وأفاد عدم وضوح دلالته على تحلیل الخمس، فلعلّه اُرید فیه السؤال عن أموال تقع فی أیدیهم من أموالهم من غیر الخمس.

وفیه: أنّه یكفی فی الإطلاق ترك الاستفصال فی مقام الجواب.

 

اللّهمّ إلّا أن یقال: إنّ الظاهر منه السؤال عن الأموال المتعلّقة لحقّ الأئمّة^ من السبایا والأموال المغصوبة، مضافاً إلى أنّ الظاهر أنّ مورده صورة العجز عن الأداء والوقوع فی العسر والحرج والخطر من جانب الحكومة.

ومنها: خبر داود بن كثیر الرقّی، عن أبی عبد الله×: «قال: سمعته یقول: الناس كلّهم یعیشون فی فضل مظلمتنا إلّا أنّا أحللنا شیعتنا من ذلك».([31])

وهذا قد ورد فی الأموال الّتی كانت لهم وغصبها الظالمون ثم انتقل إلى الشیعة ببیع أو هدیة أو غیر ذلك ممّا یعیش الناس كلّهم من الشیعة وغیرهم فیه، فهی منتشرة بین الناس كلهم، بل یمكن أن یقال بمرور الأیّام تصیر كلّ أموال هؤلاء للإمام×.

ومنها: روایة الفضیل، عن أبی عبد الله× قال: «من وجد برد حبّنا فی كبده فلیحمد الله على أوّل النعم، قال: قلت: جعلت فداك، ما أوّل النعم؟ قال: طیب الولادة، ثم قال أبو عبد الله×: قال أمیر المؤمنین× لفاطمة‘: أحلِّی نصیبك من الفیء لآباء شیعتنا لیطیبوا. ثم قال أبو عبد الله×: إنّا أحللنا اُمّهات شیعتنا لآبائهم لیطیبوا».([32])

ومن هذه الروایة لا یستفاد غیر ما یقع بأیدی الشیعة من الإماء، فأحلّوا ما فیها ممّا یتعلّق لهم× للشیعة حتى تطیب ولادتهم.

 

ومنها غیر ذلك.

ثم إنّ المحقّق الأنصاری بعد ما ذكر أخبار التحلیل ذكر: أنّها محتملة لمحامل كثیرة تعرّض لبعضها، ونتبرّك بما ذكر بعین لفظه الشریف، فقال: «مثل أن یراد من بعضها: ما یقع بأیدی الشیعة من جهة المعاملة مع من لا یخمّس. ومن بعضها: ما یقع من الأنفال المختصّة بالإمام×. ومن بعضها: خصوص التحلیل للشیعة فی زمان خاصّ، إمّا للتقیّة وعدم التمكّن من إقامة الوكلاء بجبایة الأخماس لهم من المناكح ونحوها، كما یومئ إلیه التعلیل بطیب الولادة فی أكثرها، وصرّح به فی روایة ابن محبوب عن ضریس الكناسی، قال: «قال أبو عبدالله×: أ تدری من أین دخل على الناس الزنا؟ فقلت: لا أدری، فقال: من قبل خمسنا أهل البیت، إلّا لشیعتنا الأطیبین، فإنّه محلّل لهم ولمیلادهم».([33]) وروایة الفضیل، قال: «قال أبو عبد الله×: «إنّا أحللنا اُمّهات شیعتنا لآبائهم».([34]) إلى غیر ذلك ممّا سیجیء فی حلّ المناكح والمتاجر والمساكن. وإمّا لضیق الأمر على الشیعة من جهة نصب المخالفین لهم العداوة والظلم بأخذ الخمس منهم، ممّا كان مذهبهم وجوب الخمس فیه، كما یظهر ممّا یأتی من الأخبار، كما یومئ إلیه إطلاق بعض الأخبار، القول بسقوط الخمس من غیر تفصیل بین أقسامه. ویؤیّده: ما ورد من كراهة الإمام× انتشار إیصال زكوات الفطر إلیه، مع أنّه لمساكین غیر

 

السادة، فكیف الخمس المختصّ به وبقبیله.

وبالجملة: فإنّ الناظر فیها بعین التأمّل ـ بعد ملاحظة ما دلّ على تشدیدهم: فی أمر الخمس وعدم التجاوز عنه ـ یفهم ورودها على أحد المحامل المذكورة...

فمن تلك الأخبار ـ مضافاً إلى عمومات ثبوتها الظاهرة فی عدم سقوطها بالتحلیل إلّا لعذرٍ من الأعذار المذكورة بعضها ـ روایة یزید: قال: «كتبت ـ جعلت لك الفداء ـ تعلّمنی ما الفائدة؟ وما حدّها؟ رأیك ـ أبقاك الله ـ أن تمنّ علیّ بذلك لكیلا أكون مقیماً على أمر حرام لا صلاة لی ولا صوم؟ فكتب: الفائدة ما یفید إلیك فی تجارة من ربحها، وحرث بعد الغرام أو جائزة».([35])

وظهور الروایة فی عدم العفو لا ینكر.

ومنها: مصحّحة الریّان بن الصلت، قال: «كتبت إلى أبی محمد×: ما الّذی یجب علیّ یا مولای فی غلّة رحى أرض فی قطیعة لی، وفی ثمن سمك وبردیّ وقصب أبیعه من أجمة هذه القطیعة؟ فكتب: یجب علیك فیه الخمس إن شاء الله تعالى».([36])

ثم ذكر عن جمال الدین (الخوانساری) فی حاشیة الروضة حملها على الخمس ممّا أقطعه السلطان من قطع أراضی الخراج، وأجاب عنه بما لا نطوّل الكلام به؛ لظهور الروایة فی المقصود.

ومنها: ما رواه الشیخ بإسناده عن محمد بن یزید الطبری، قال: «كتب رجل

 

من تجّار فارس إلى بعض موالی أبی الحسن الرضا× یسأله الإذن فی الخمس؟ فكتب× إلیه: بسم الله الرّحمن الرّحیم، إنّ الله واسع كریم، ضمن على العمل الثواب، وعلى الخلاف العقاب، لا یحلّ مال إلّا من وجه أحلّه الله تعالى، إنّ الخمس عوننا على دیننا وعلى عیالاتنا وعلى موالینا، وما نبذل ونشتری من أعراضنا ممّن نخاف سطوته، فلا  تزووه عنّا، ولا تَحرموا أنفسكم دعاءنا ما قدرتم علیه، فإنّ إخراجه مفتاح رزقكم، وتمحیص ذنوبكم، وما تمهدون لأنفسكم لیوم فاقتكم، والمسلم من یفی لله بما عاهد علیه، ولیس المسلم من أجاب باللسان وخالف بالقلب، والسلام».([37])

وبهذا الإسناد قال: «قدم قوم من خراسان على أبی الحسن الرضا×، فسألوه أن یجعلهم فی حلّ الخمس؟ فقال: ما أمحل هذا تمحّضونا المودّة بألسنتكم، وتزوون عنّا حقّاً جعله الله لنا، وجعلنا له وهو الخمس، لا نجعل أحداً منكم فی حلّ».([38])

وفی مكاتبة قرأها علیّ بن مهزیار بخطّ أبی جعفر×: «من أعوزه شیء من حقّی فهو فی حلّ».([39])

دلّت الروایتان على أنّ تجاوزهم عن حقوقهم من جهة الضیق.

 

ومنها غیرها ممّا ذكره الشیخ فی كتاب الخمس ممّا یطول بنا الكلام لذكره، ومع ذلك قال: إلى غیر ذلك...، وقال: «والعجب ممّن یلاحظ هذه الأخبار منضمّة إلى تلك الفتاوى ودعاوی الإجماع المعتضدة بظاهر الكتاب وبالأصل كیف یجترئ بالحكم بالعفو عن خمس هذا القسم».([40])

ثم إنّه یمكن أن یقال: إنّ القدر المتیقَّن ممّا ورد فی تحلیل ما لابدّ منه فی طیب ولادتهم اُمّ الولد المؤمن، فإنه لا یتحصّل إلّا بالتحلیل دون ما یشتریه المؤمن من المخالفین، فإنّه یمكن له حلّیة وطء ما یشتریه من الإماء بشرائها من الإمام×.

اللّهمّ إلّا أن نتمسّك بسائر الروایات ممّا یدلّ على تسهیل الأمر على الشیعة ورفع الضیق عنهم، أمر هو حاصل فی زمان الغیبة كالحضور.

ثم إنّه قد حكی عن السرائر والروضة عدم الفرق فی تحلیل ما یستفاد منه التحلیل من الروایات بین كون ما ینتقل إلیه ممّن لا یعتقد وجوبه، أو یعتقد به ولا یؤدّیه عصیاناً، اختار السیّد الخوئی+: العموم؛ لإطلاق صحیحة یونس بن یعقوب وسالم بن مكرّم قال: «فإنّ المذكور فیهما وقوع الأموال فی الأیدی أو الشراء، أو إصابة الإرث ونحوه، ویجمعها انتقال ما فیه الخمس من الغیر، سواء أ كان ذلك الغیر الممتنع عن دفع الخمس معتقداً فاسقاً، أم مخالفاً منكراً».([41])

وفیه منع ذلك الإطلاق كما لا یخفی.

 

 

([1]) تهذیب الأحکام، ج4، ص143؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب4، ح9، ج6، ص381.

([2]) كتاب الخمس للشیخ الأنصاری، ص173، مسألة 8.

([3]) نجبة بن الحرث بالنون والجیم المفتوحین والباء المفردة شیخ صادق كوفی صدیق علیّ بن یقطین قال الأردبیلی: «الّذی ظهر لنا... إنّ ناجیة بن أبی عمارة ونجیة بالمثناة ونجبة بن الحرث بالمفردة واحد». جامع الرواة، ج2، ص289 انتهى. وهو من الخامسة.

([4]) تهذیب الأحکام، ج4، ص145، كتاب الزكاة باب الزیادات، ح405 / 27.

([5]) تهذیب الأحکام، ج4، ص145، كتاب الزكاة، باب الزیادات، ح 405/ 27.

([6]) كتاب الخمس للشیخ الأنصاری، ص173، مسألة 8.

([7]) المستند فی شرح العروة الوثقی، ج25، ص348؛ الحدائق الناضرة، ج12، ص429.

([8]) من كبار الثامنة، جلیل القدر، صاحب التصانیف، شیخ هذه الطائفة.

([9]) من السابعة أو الثامنة، ابن عیسى شیخ القمّیّین ووجههم وفقههم غیر مدافع....

([10]) البزنطی من السادسة، عظیم المنزلة، جلیل القدر، أجمع أصحابنا على تصحیح ما یصحّ
عنه و....

([11]) من السادسة.

([12]) من الرابعة أو الخامسة، ثقة ثقة.

([13]) جلیل القدر وعظیم المنزلة...

([14]) عن الكشّی، عن رجل نسی اسمه أنه لیس بشیء. أقول: ولكن هو من شیوخ مثل ابن بزیع وابن فضّال.

([15]) مذموم بأنّه واقفی خبیث، وعن النجاشی: كان ثقة ثقة عیناً.

([16]) تقدم ذكره.

([17]) الحدائق الناضرة، ج12، ص429.

([18]) المستند فی شرح العروة الوثقی، ج25، ص348.

([19]) الاستبصار، ج2، ص58 ـ 59؛ تهذیب الأحکام، ج4، ص137؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب4، ح1، ج6، ص379.

([20]) علل الشرائع، ج2، ص377، ح2.

([21]) وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب4، ح15، ج6، ص383؛ عن علل الشرائع، ج2، ص377، ح1.

([22]) الاستبصار، ج2، ص58؛ تهذیب الأحکام، ج4، ص137؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب4، ح4، ج6، ص379.

([23]) الاستبصار، ج2، ص57؛ تهذیب الأحکام، ج4، ص136؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب4، ح5، ج6، ص380.

([24]) الأنفال، 41.

([25]) الاستبصار، ج2، ص54 ـ 55؛ تهذیب الأحکام، ج4، ص121؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب 4، ح 8، ج6، ص381.

([26]) الأنفال، 41.

([27]) الکافی، ج8، ص285 ـ 286؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب4، ح19، ج6، ص385.

([28]) كمال الدین وتمام النعمة، ب45، ص 485، ح4؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب4، ح16، ج6، ص383 ـ 384.

([29]) الاستبصار، ج2، ص55؛ تهذیب الأحکام، ج4، ص122؛ وسائل الشیعة، أبواب ما یجب فیه الخمس، ب8، ح 8، ج6، ص351.

([30]) من لا یحضره الفقیه، ج2، ص44؛ الاستبصار، ج2، ص59؛ تهذیب الأحکام، ج4، ص138؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب 4، ح 6، ج6، ص380.

([31]) من لا یحضـره الفقیه، ج2، ص45؛ علل الشـرائع، ب106، ج2، ص377، ح3؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب4، ح7، ج6، ص380.

([32]) تهذیب الأحکام، ج4، ص143؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب 4، ح10، ج6، ص381.

([33]) الاستبصار، ج2، ص57؛ تهذیب الأحکام، ج4، ص136؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب4، ح3، ج6، ص379.

([34]) تهذیب الأحکام، ج4، ص143؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب4، ح10، ج6، ص381.

([35]) الکافی، ج1، ص545؛ وسائل الشیعة، أبواب ما یجب فیه الخمس، ب8، ح7، ج6، ص350.

([36]) تهذیب الأحکام، ج4، ص139؛ وسائل الشیعة، أبواب ما یجب فیه الخمس، ب 8، ح9، ج6، ص351.

([37]) تهذیب الأحکام، ج 4، ص139 ـ 140، كتاب الزكاة، ب39، ح395؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب3، ح2، ج6، ص375.

([38]) تهذیب الأحكام، ج4، ص140، كتاب الزكاة، ب39، ح396؛ وسائل الشیعة، أبواب الانفال، ب3، ح3، ج6، ص376.

([39]) من لا یحضره الفقیه، ج2، ص44؛ تهذیب الأحکام، ج4، ص143؛ وسائل الشیعة، أبواب الأنفال، ب4، ح 2، ج6، ص379.

([40]) كتاب الخمس للشیخ الأنصاری، ص176 ـ 183، توجیه أخبار التحلیل.

([41]) المستند فی شرح العروة الوثقی، ج25، ص354.

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: