پنجشنبه: 6/ارد/1403 (الخميس: 16/شوال/1445)

مستحقّ الخمس هو الهاشمیّ بالاُبوّة

مسألة 89: قال الشیخ الأنصاری+: «المشهور بین الأصحاب: أنّ المنتسب بالاُمّ إلى هاشم یحرم علیه الخمس وتحلّ له الزكاة».([1])

وقال فی العروة: «مستحقّ الخمس من انتسب إلى هاشم بالاُبوّة فإن انتسب إلیه بالاُمّ لم یحلّ له الخمس وتحلّ له الزكاة، ولا فرق بین أن یكون علویّاً أو عقیلیّاً أو عباسیاً».([2]) وزاد علیه السیّد الاُستاذ: أو جعفریاً أو نوفلیاً أو لهیبیاً.

ولا یخفى علیك أنّ الآیة مطلقة فی ذلك، لا یستفاد منها التقیید بصنف

 

خاصّ، إلّا أنّ الروایات الكثیرة قد دلّت على عدم شمولها لغیر المنتسب إلى هاشم، ولا خلاف فی ذلك. كما أنّه لا ریب فی شمول الآیة لمن انتسب بالأب إلى هاشم، ویدلّ علیه: إطلاق الآیة، ولا حاجة معه إلى الإجماع والدلیل اللفظی، بل یمكن دعوى شمول إطلاق الآیة لمن انتسب إلیه بالاُمّ. والكلام إنّما یقع فی الأخیر الّذی مقتضى الأصل فیه حلّیة الخمس لهم، فلا بدّ من الرجوع إلى الروایات لنرى هل فیها ما یدلّ على حرمته علیهم، أم لا؟

فمنها: ما یدلّ على أنّ الصدقة لا تحلّ لبنی عبد المطلّب أو لبنی هاشم.([3])

فإنّها منصرفة إلى المنتسبین بالأب، فإذا كانت حرمة الصدقة مختصّة بهم تكون حلّیة الخمس أیضاً مختصّة بهم. وبعبارة اُخرى: لا تحلّ الصدقة والخمس لواحد، كما لا تحرمان على واحد. وبالجملة: یستفاد من هذه الأخبار الملازمة بین حرمة الصدقة وحلّیة الخمس.

ومنها: ما فی موثّقة زرارة بابن فضّال، عن أبی عبد الله× قال: «لو كان العدل ما احتاج هاشمیّ ولا مطّلبی إلى صدقة، إنّ الله جعل لهم فی كتابه ما كان فیه سعتهم...» الحدیث.([4])

ودلالتها على اختصاص ما جعل الله فی كتابه بالهاشمیین ظاهرة، وهو عنوان صادق على من كان منتسباً بهاشم بالأب دون المنتسب إلیه بالاُمّ، كما هو الحال

 

فی مثله من العناوین، كالّتیمیّ والعدویّ والاُمویّ والعباسیّ.

ولا یخفى علیك أنّ الكلام فی هذه المسألة لا یدور مدار صدق الولد والابن والبنت على المنتسب إلى الشخص بالاُمّ وعدمه، ولعلّ ذلك صار سبباً لذهاب مثل صاحب الحدائق إلى حلّیة الخمس لمن انتسب إلى هاشم بالاُمّ،([5]) ونسب إلى السیّد المرتضى([6])، وكأنّ لذلك توهّم صاحب الحدائق([7]) ذهاب غیر السیّد+ إلیه ممن أفتى فی المواریث أنّ ابن البنت وابن الابن یرثان من جدّهما على السواء، وأنّ لبنت الابن وابن البنت للذكر مثل حظّ الاُنثیین؛ لقوله تعالى: ﴿یوصِیكُمُ اللّٰهُ فِی أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَیَینِ﴾.([8]) ومثل هذا یقال فی الوقف إذا كان على الأوّلاد. بل المسألة ـ كما عرفت ـ تدور مدار صدق الهاشمیّ أو بنی هاشم على المنتسب بالاُمّ وعدمه، وقد عرفت عدم صدقه، إذن فلا  منافاة بین كون ولد البنت وبنت البنت وإن نزل ولد الشخص وابنه وكان له أحكامه الخاصّة، وعدم حلّیة الخمس على المنتسب بالاُمّ إلى هاشم وعدم حرمة الصدقة علیه؛ لأنّه یدور مدار صدق الهاشمیّ علیه وكونه من بنی هاشم بحسب العرف والاصطلاح.

ثم لا یخفى علیك أنّه لا مجال لتوهّم اختصاص الخمس بخصوص أولاد

 

سیّدتنا سیّدة نساء العالمین‘ دون غیرهم من بنی هاشم، لما فی بعض الروایات من أنّ النصف للیتامى والمساكین وأبناء السبیل من آل محمد^؛ لأنّه من باب التعبیر والإشارة إلى طائفة كبیرة بعنوان أشرف أفرادهم وشخصیّاتهم.

ثم إنّه قد جاء فی صحیح حمّاد ـ الّذی لا یضـرّ إرساله بصحّته؛ لإجماع الصحابة على تصحیح ما یصحّ عنه، وإلّا فهو مرسل ـ عن العبد الصالح×: «ومن كانت اُمّه من بنی هاشم وأبوه من سائر قریش فإنّ الصدقات تحلّ له، ولیس له من الخمس شیء؛ لأنّ الله تعالى یقول: ﴿اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ([9])».([10])

وهذا صریح لمذهب المشهور. وقد استدلّ علیه جمع من الأساطین، إلّا أنّهم لم یتعرّضوا لما فیه من الاستدلال بقوله تعالى: ﴿اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ﴾؛ لأنّ الآیة إنّما نزلت فی نفی التبنّی، وأنّ الابن لیس إلّا من هو منتسب بالأب بالتكوین وحاقّ الأمر و: ﴿اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ﴾ أی لمن ینتسبون إلیه بالنسب الحقیقی.

هذا، مضافاً إلى أنّه لا ریب فی صحّة خطاب مثل الإمامین الهاشمین الحسنین÷ بل وسائر الأئمّة^ بل وسائر السادات والشرفاء الفاطمیین بابن رسول الله|. ونحن بعد ذلك تفحّصنا فیما بأیدینا من الكتب الفقهیة فلم نجد من تعرّض لذلك إلّا شیخنا العلّامة المجلسی+، فكأنّه حمل ذلك على التقیّة،

 

ولا یبعد أن یكون ذلك من بعض الرواة، والله هو العالم.

 

([1]) كتاب الخمس للشیخ الأنصاری، ص300.

([2]) العروة الوثقى، فصل فی قسمة الخمس ومستحقّه، ج4، ص306 ـ 307، مسألة 3.

([3]) وسائل الشیعة، أبواب المستحقّین للزكاة، ب 29، ح 1و2و3و...ج6، ص185 ـ 187.

([4]) الاستبصار، ج2، ص36؛ تهذیب الأحکام، ج4، ص59؛ وسائل الشیعة، أبواب المستحقّین للزكاة، ب33، ح1، ج6، ص191.

([5]) الحدائق الناضرة، ج12، ص382.

([6]) راجع رسائل الشریف المرتضى، ج4، ص327 ـ 328؛ ونسبه إلیه العلّامة فی مختلف الشیعة، ج3، ص332؛ راجع أیضاً مسالك الأفهام، ج1، ص470.

([7]) الحدائق الناضرة، ج12، ص391 ـ 392.

([8]) النساء، 11.

([9]) الكافی، باب الفیء والأنفال وتفسیر الخمس، ج1، ص540، ح4؛ تهذیب الأحکام، ج4، ص129؛ وسائل الشیعة، أبواب المستحقّین للزکاة، ب30، ح1، ج6، ص188.

([10]) الأحزاب، 5.

موضوع: 
نويسنده: