سه شنبه: 4/ارد/1403 (الثلاثاء: 14/شوال/1445)

دفع الخمس إلى الفقیر أزید من مؤونة السنة

مسألة 93: قال الشیخ الأنصاری+: «ظاهر المرسلتین عدم جواز إعطاء الفقیر هنا أزید من مؤونة السنة».([1])

ومقصوده من المرسلتین: مرسلة حمّاد الطویلة الّتی فیها: «للإمام نصف الخمس كملاً، ونصف الخمس الباقی بین أهل بیته، فسهم لیتاماهم، وسهم

 

لمساكینهم، وسهم لأبناء سبیلهم، یقسّم بینهم على الكتاب والسنّة ما یستغنون به فی سنّتهم، فإن فضل عنهم شیء فهو للوالی، فإن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالی أن ینفق من عنده بقدر ما یستغنون به، وإنّما صار علیه أن یموّنهم لأنّ له ما فضل عنهم».([2])

ومرسلة أحمد بن محمد المضمرة، عن بعض أصحابنا رفع الحدیث... إلى أن قال: «فالنصف له ـ یعنی نصف الخمس للإمام ـ خاصّة، والنصف للیتامى والمساكین وابن السبیل من آل محمد الّذین لا تحلّ لهم الصدقة ولا الزكاة، عوّضهم الله مكان ذلك بالخمس، فهو یعطیهم على قدر كفایتهم، فإن فضل شیء فهو له، وإن نقص عنهم ولم یكفهم أتمّه لهم من عنده، كما صار له الفضل كذلك یلزمه النقصان».([3])

وما ذكره الشیخ الأنصاری محكیّ عن الشهیدین فی الدروس والمسالك،([4]) وعن بعض مشایخه المعاصرین: لا أجد فیه خلافاً.

ولكن ردّ الاستدلال بهما: بأنّ ذلك إن دلّ على الحكم فإنّه حكم ما یحصل عند الإمام× فی عصر بسط یده، وحصول جمیع الأخماس والزكوات عنده،

 

مضافاً إلى أنّ المرسلتین لا تزیدان على حكایة فعل الإمام× أو مداومته أو التزامه بذلك، كما أفاده الشیخ، إلى أن قال: فلا  دلیل على تعدّی هذا الحكم إلى غیر الإمام من الملّاك الّذین فوّض أمر نصف الخمس كالزكاة إلیهم لیعطون من یهوون من المستحقّین، ویمنعون من یكرهون إعطاءه. فكما أنّه لا حجر علیهم فی تخصیص الأشخاص فی الإعطاء والمنع فلا  حجر علیهم فی المقدار المعطى، وإن لزم منه حرمان جماعة اُخرى ما لم یصل إلى حدّ الإجحاف بالنسبة إلى البعض، فیمنع حتى فی الزكاة (یعنی إذا وصل إلى حدّ الإجحاف یمنع حتى فی الزكاة)، كما لو جمع أهل البلد جمیع زكواتهم وأعطوه رجلا واحداً یكفیه عشـر معشارها لمؤونة عمره مع موت باقی الفقراء من الجوع.

ثم قال: وبالجملة: فإجراء ما فی المرسلة سیّما بملاحظة اتّحاد حكم الخمس فیها مع حكم الزكاة بالنسبة إلى آحاد الملّاك المعطین مشكل جدّاً، ولذا صرّح سید مشایخنا فی المناهل بتقویة جواز الإعطاء فوق الكفایة، إلّا أنّ الأحوط ما ذكروه.([5])

وبعد كل ذلك یمكن أن یقال: إنّ ما یمنع من جواز الإعطاء زائداً على كفایة السنة: عدم ثبوت إطلاق یقتضی ذلك.

وفیه: أنّه وإن كان منع الإطلاق ـ الدالّ على إعطائهم ما یزید على استغنائهم طول عمرهم ـ فی محلّه؛ لعدم مناسبته مع تشریع مثل هذا الحكم، إلّا أنّ منع

 

شمول إطلاق الآیة جواز إعطائهم ما یستغنون به طول عمرهم لا وجه له، اللّهمّ إلّا أن یصیر المانع على الاحتجاج بالمرسلتین المنجبرتین بعمل الأصحاب، وسیّما مرسلة حمّاد المجمع على تصحیح ما یصحّ عنه، فلا  یجوز إعطاؤهم ما یزید على كفایة سنتهم، ولا ریب أنّه الأحوط.

 

([1]) كتاب الخمس للشیخ الأنصاری، ص343.

([2]) الکافی، ج1، ص539 ـ 540؛ تهذیب الأحکام، ج4، ص128 ـ 129؛ وسائل الشیعة، أبواب قسمة الخمس، ب 3، ح1، ج6، ص363 ـ 364.

([3]) تهذیب الأحکام، ج4، ص127؛ وسائل الشیعة، أبواب قسمة الخمس، ب 3، ح 2، ج6، ص364.

([4]) الدروس، ج1، ص262؛ ومسالك الأفهام، ج1، ص471.

([5]) كتاب الخمس للشیخ الأنصاری، ص 343 ـ 344.

موضوع: 
نويسنده: