جمعه: 31/فرو/1403 (الجمعة: 10/شوال/1445)

كیفیة النزاع فی المشتقّ

لا یخفى علیك: أنّ النزاع فی المقام: إمّا أن یكون عقلیاً بمعنى أنّه هل یصدق عقلاً مفهوم الضارب والناصر وغیرهما على من تلبّس بمبدئهما فی الزمان الماضی كما یصدق علیه فی زمان التلبّس، أو أنّه لا تصدق علیه تلك المفاهیم إلّا فی حال التلبّس بالمبدأ فحسب؟

وإمّا أن یكون النزاع لغویاً، بمعنى أنّ الموضوع له فی أسماء الفاعلین وغیرها هل هو المتلبّس بالمبدأ فی الحال، أو أعمّ منه وممّن انقضى عنه المبدأ؟

فإن كان النزاع عقلیاً: فالقول بالأعمّ ضعیف، یظهر وجهه بالمراجعة إلى المقدّمات المذكورة؛ لأنّه بعد العلم بأنّ حیثیة صدق الضارب أو القاعد وملاك الحمل فی أمثالهما من المفاهیم الجاریة على الذوات لیست إلّا تلبّس الذات بالمبدأ واتّحاده معها، یحكم العقل بعدم صدق تلك المفاهیم بعد زوال حیثیة الصدق ومناط الحمل على من كان متلبساً بالمبدأ فی الزمان الماضی. فكما أنّه لا یصدق مفهوم من هذه المفاهیم على ذات قبل أن تتلبّس به لكون الذات فاقدة لما هو مناط الصدق، كذلك لا یصدق علیها أیضاً بعد انقضاء زمن التلبّس؛ وذلك لعدم

الفرق بین ما قبل زمان التلبّس وما بعده.

نعم، إذا كان تلبّس ‏مّا كافیاً فی اعتبار المفهوم وصدقه على الذات، كما أشرنا إلیه فی المقدّمة الثالثة، فلا مانع من حمل المفهوم على الذوات بعد انقضاء تلبّس الذات بالمبدأ؛ لأنّ ملاك صدق المفاهیم الّتی تكون من هذا القبیل لیس إلّا الأمر الاعتباری الّذی ینتزع من تلبّس الذات بالمبدأ، وهو موجود فی عالم الاعتبار، ولا یلزم لاعتبار المفهوم شیءٌ أزید من حدّوث المبدأ. فعلى هذا ولو كان منشأ الانتزاع متصرّماً لكن ملاك الصدق ـ وهو الاعتبار ـ موجود فی عالم الاعتبار حتى بعد انقضاء منشأ الانتزاع.

 

ولكنّه لا یخفى علیك: أنّ هذا الفرض لا یكون جاریاً فی المشتقّات، كأسماء الفاعلین والمفعولین ممّا هو داخلٌ فی محلّ النزاع وموضع النقض والإبرام؛ لأنّ مثل هذا التلبّس (تلبس‏ مّا)، لا یكفی فی اعتبار المفهوم فی باب المشتقّات، بل صدق المفهوم على الذات یكون دائراً مدار بقاء تلبّس الذات بالمبدأ، كما لا یخفى.

فقد ظهر ممّا ذكرنا ضعف قول القائلین بالأعمّ؛ لأنّ التفریق بین من یتلبّس بالمبدأ فی الاستقبال وبین من انقضى عنه المبدأ، تحكّم ومستلزم للترجیح بلا مرجّح.

وأمّا إن كان النزاع لغویاً: فتصوّر مفهوم الموضوع له على القول بالأخصّ فی غایة السهولة؛ لأنّ الموضوع له على هذا القول: ذات اتحدت مع المبدأ بنحو من أنحاء الاتّحاد. وأمّا على القول الآخر: فتصوّر مفهومه فی غایة الإشكال. نعم، بعد التامّل یمكن تصوّر مفهوم منتزع عن الذات لأجل تلبّسها بالمبدأ فی حالة من الحالات، مثل: كون الشیء بحیث ضرب أو قام.

وأظنّ أنّ هذا كافٍ فی إبطال القول بالأعمّ. مضافاً إلى أنّ دعوى أنّ واضع الألفاظ فی کلّ لغةٍ إذا وضع أسماء الفاعلین وغیرها وضعها للأعمّ ممّن تلبّس بالمبدأ فی الحال وممّن انقضى عنه، دون من یتلبّس به فی الاستقبال، دون إثباتها خرط القتاد.

ثم إنّه قد أفاد بعض أفاضل عصرنا+: أنّ النزاع فی المقام واقعٌ فی أنّ المشتقّ هل وضع لحصّة من الذات، وهی الّتی التئمت مع المبدأ، بمعنى أنّ الموضوع له، هذه الحصّة الملتئمة مع المبدأ، أو أنّه موضوع لذاتٍ التئمت مع المبدأ فی وقتٍ مّا؟

وفیه ما لا یخفى.

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: