جمعه: 31/فرو/1403 (الجمعة: 10/شوال/1445)

عنوان المسألة

إعلم: أنّ كلمات الاُصولیّین اختلفت فی تحریر عنوان المسألة، فبعضهم قال: إنّ الأمر هل یقتضی الإجزاء أم لا؟([1]) وبعضهم قال: إنّ الإتیان بالمأمور به یقتضـی الإجزاء أم لا؟([2]) وبعضهم زاد علیه قَید «على وجهه»([3]) ردّاً على ما ذهب إلیه القاضی عبد الجبّار العامّی،([4]) الّذی أدخل هذه المسألة فی الاُصول وقال فیها بعدم الإجزاء. وسبب ذلك أنّه رأى فی الفقه أنّ المكلّف لو صلّى مع الطهارة المستصحبة ثم بان الخلاف لا تجزیه

 

تلك الصلاة، فذهب إلى القول بأنّ الإتیان بالمأمور به لا یقتضـی الإجزاء، فأجابوا عنه بأنّ العلّة للإجزاء إتیان المأمور به على وجهه، أی بتمام ما هو معتبر فیه وموجب لتحصیل الغرض، وتلك الصلاة لیست كذلك فیحكم بعدم الإجزاء.([5])

فهذا هو السبب لإضافة القید المذكور إلى العنوان لا ما ذكره صاحب الكفایة من أنّه اُضیف فی العنوان لیكون شاملاً ما یعتبر فی المأمور به شرعا وعقلاً كقصد القربة الّذی لا یمكن أخذه ـ على مبناه ـ فی المأمور به، فهذا القید جاء فی العنوان حتى یشمل قصد القربة المعتبر عقلاً، فلا نظر فیه إلى خصوص ما یعتبر شرعاً، لأنّه علیه یكون توضیحیّاً لا احترازیّاً.([6])

وفساد هذا التفسیر یظهر لمن یتأمل فی تاریخ حدوث القید المذكور، فإنّه قید نشأ بین القدماء، فكیف یمكن أن یكون ناظراً إلى خلاف المتأخّرین من إمكان أخذ قصد القربة فی المأمور به؟ وقد نشأ هذا الخلاف فی زمن الشیخ الأنصاری+([7]) وهو أوّل من تفطّن بالموضوع، فلا وجه لما ذكره فی الكفایة.

كما أنّه لا وجه لكون هذا القید إشارة إلى قصد الوجه، لأنّه مضافاً إلى ما أنكره الأكثر([8]) لا خصوصیة له بالذكر.

 

([1]) کما فی الذریعة إلی الاُصول الشریعة للشـریف المرتضی، ج1، ص121؛ والقوانین (القمّی، ص129)؛ والفصول (الأصفهانی، ص116). وعبارته هکذا: «اختلفوا فی أنّ الأمر بالشیء هل یقتضی الإجزاء إذا أتی به المأمور علی وجهه أو لا؟».

([2]) الکلانتری الطهرانی، مطارح الأنظار، ص18.

([3]) کما فعله العلّامة فی مبادئ الوصول إلی علم الاُصول (ص111). وقال فیه: «وذهب أبوهاشم، إلی أنّه لا یقتضیه، لأنّ الحجّ الفاسد مأمور به، ولا یجزی. والجواب عنه: أنّه مجزٍ بالنسبة إلی الأمر الوارد به وغیر مجز بالنسبة إلی الأمر الأوّل».

([4]) عبد الجبّار بن أحمد بن عبد الجبّار الهمدانی الأسد آبادی، أبو الحسین: قاضٍ، اُصولی. کان شیخ المعتزلة فی عصـره. وهم یلقبونه قاضی القضاة، ولی القضاء بالریّ (من قبل الدیالمة) ومات فیها (عامّ 415هـ.ق.). الزرکلی، الأعلام، ج3، ص273.

([5]) الخراسانی، کفایة الاُصول، ج1، ص124.

([6]) انظر کلام القاضی والجواب عنه فی، فواتح الرحموت لعبد العلّی الأنصاری (المطبوع مع المستصفی من علم الاُصول)، ج1، ص393-394 (مسألة: الإتیان بالمأمور به علی وجهه...) ومفاتیح الاُصول للسیّد الطباطبائی، ص126.

([7]) انظر: الکلانتری الطهرانی، مطارح الأنظار، ص60.

([8]) الکلانتری الطهرانی، مطارح الأنظار، ص19.

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: