جمعه: 31/فرو/1403 (الجمعة: 10/شوال/1445)

الموضع الثالث: فی إجزاء الإتیان بالمأمور به بالأمر الظاهری عن المأمور به بالأمر الواقعی

قال فی الكفایة بما ملخّصه: لو كان الدلیل الدالّ على الحكم الظاهری أصلاً من الاُصول العملیة كأصالة الطهارة والحلّیة فالإتیان بالمأمور به یكون مجزیاً عن الواقع حتى فی صورة انكشاف الخلاف.

وأمّا لو كان دلیله الأمارة، فإن قلنا بطریقیة الأمارات فلازمه عدم الإجزاء بعد انكشاف الخلاف. وأمّا إن قلنا بالسببیة وأنّه بواسطة قیام الأمارة على شیء توجد فی المؤدّى مصلحة یتدارك بها مصلحة الواقع ومفسدة تركه، فلابدّ من القول بالإجزاء لو كانت المصلحة المتدارك بها مطابقة لمصلحة الواقع، وإن لم تكن مطابقة لها فالكلام الكلام المذكور فی الأمر الاضطراری.

وأمّا فی صورة الشكّ فی كون الأمارة حجّة من باب الطریقیة أو السببیة فمقتـضى أصالة عدم الإتیان بما یسقط معه التكلیف الإعادة فی الوقت... إلخ.

وأفاد فی وجه إجزاء الحكم الظاهری فیما یكون دلیله الأصل: بأنّ ذلك مقتضى ملاحظة دلیل الأصل ودلیل الحكم الواقعی، وبیان ذلك: أنّا نلاحظ قوله+: «كلّ شیء طاهر»؛([1]) ونستفید منه تنزیل مشكوك الطهارة منزلة الطهارة الواقعیة؛ لأنّه لو اُرید منه ظاهره یلزم الكذب، فیستفاد منه أنّ کلّ شیء بمنزلة الطاهر الواقعی حتى انكشاف الخلاف ثمّ ینضمّ هذا الدلیل إلى دلیل الحكم الواقعی ـ وهو اشتراط الصلاة

 

بطهارة البدن واللباس، مثل قوله×: «لا صلاة إلّا بطهور»؛([2]) و «لا یقبل الله تلك الصلاة إلّا فیما أحلّ الله أكله»، فنستنتج من الجمع بینهما: أنّ شرط الصلاة هی الطهارة الّتی تكون أعمّ من الظاهریة والواقعیة، وكذلك حلّیة اللباس؛ لأنّ دلیل الأصل حاكم علیه وناظر إلیه ومبیّن لدائرة الشرط، هذا.([3])

ولا یخفى علیك: أنّ تقسیمه ـ على الظاهر ـ لیس بحاصر؛ لأنّ تقسیمه إنّما یكون متكفّلاً لبیان الحكم فی الموضوعات والشبهات الموضوعیة بأنّه إذا كان الحكم الظاهری ممّا یجری فی تنقیح ما هو موضوع التكلیف وتحقیق متعلّقه وكان بلسان تحقّق ما هو شرطه أو شطره، كقاعدة الطهارة أو الحلّیة، فانكشاف الخلاف لا یدلّ على عدم إجزائه عن الحكم الواقعی. وإذا كان الحكم الظاهری بلسان تحقّق ما هو الشرط واقعاً، كالأمارة، فبناءً على الطریقیة لا یجزی، وبناء على السببیّة یجزی لو كان وافیاً بتمام المصلحة، أو لم یكن وافیاً بتمام المصلحة ولكن كان الباقی غیر ممكن التدارك، أو غیر واجب التدارك.

فكما ترى لیس فی كلامه حكم الشبهات الحكمیة مثل ما إذا شكّ فی جزئیة السورة ودلّت الأمارة أو دلیل شرعی آخر كأصالة البراءة على عدمها، ثم انكشف الخلاف. فكلامه ساكت عن حكم هذه الصلاة الفاقدة للسورة الّتی تكون فرداً لطبیعة الصلاة وأنّها مجزئة عن الصلاة الواجدة لها أم لا؟

لا یقال: إنّه قد ذكر فی آخر كلامه حكم الفرض المذكور بقوله: «وأمّا ما یجری فی إثبات أصل التكلیف... إلخ».

 

لأنّه یقال: المذكور فی آخر كلامه لیس إلّا حكم صورة الشكّ فی الموضوعین، أی صلاة الظهر والجمعة. وأمّا الحكم بالنسبة إلى الشبهات الحكمیة الراجعة إلى موضوع واحد كالشكّ فی أصل جزئیة السورة لیس مذكوراً فی كلامه.

 

([1]) الصدوق، المقنع، ص15؛ المحدّث النوری، مستدرك الوسائل، ج2، ص583، کتاب الطهارة، أبواب النجاسات، ب30، ح4. وقوله7: «کلّ شیء نظیف حتی تعلم أنّه قذر». الحرّ العاملی، وسائل الشیعة، کتاب الطهارة، أبواب النجاسات، ج3، ص467، ب37، ح4.

([2]) الصدوق، من لا یحضره الفقیه، ج1، ص58، ب14، ح1. فیمن ترك الوضوء أو بعضه أو شكّ فیه؛ المغربی، دعائم الإسلام، ج1، ص100؛ الطوسی، تهذیب الأحکام، ج1، ص49 -50، ح144/ 83؛ الحرّ العاملی، وسائل الشیعة، أبواب الوضوء، ج1، ص365 366، ب1، ح1و6.

([3]) الخراسانی، کفایة الاُصول، ج1، ص133 134.

موضوع: 
نويسنده: