جمعه: 10/فرو/1403 (الجمعة: 19/رمضان/1445)

الضد الخاصّ

یعرّف الضدّ الخاصّ بأنّه: کلّ أمر وجودی لا یمكن اجتماع صدوره مع الواجب من المكلّف الواحد فی زمان واحد، كالصلاة مع إزالة النجاسة عن المسجد، أو هی مع أداء الدین. ولا یخفى: أنّ هذا هو المهمّ فی المقام ومحلّ النزاع بین الأعلام.

وقد استدلّ على اقتضاء الأمر بالشیء للنهی عن ضدّه الخاصّ بوجهین:([1])

الأوّل: أنّ فعل الضدّ، كالصلاة مثلاً، مستلزم لترك الإزالة الواجبة، وترك الإزالة حرام؛ لأنّه الضدّ العامّ الّذی یكون الأمر بها عین النهی عنه، ففعل الضدّ مستلزم للحرام وما یستلزم الحرام حرام.

الوجه الثانی: أنّ أداء الدین فوراً أو الإزالة واجب یتوقّف على ترك الصلاة وما یتوقّف علیه الواجب واجب، فترك الصلاة واجب وترك تركها حرام.

ولا یخفى: أنّ الدلیل الأوّل اُخذ من حرمة الضدّ العامّ بمعنى الترك، بتقریب: أنّ فعل الضدّ مستلزم لترك الإزالة المحرّم من جهة كون هذا الترك ضدّ عامّ لفعل الإزالة الواجبة، ومستلزم المحرّم محرّم ففعل الضدّ محرم.

والدلیل الثانی اُخذ من وجوب إتیان الواجب، بتقریب: أنّ أداء الدین المأمور به

 

واجب وهو یتوقّف على ترك الصلاة وما یتوقّف علیه الواجب واجب فترك الصلاة واجب. وحیث إنّ فعل الضدّ العامّ محرّم فترك ترك الصلاة الّذی هو عبارة اُخرى عن فعلها حرام.

ولا یخفى أیضاً: أنّ تمامیة الدلیل الأوّل تتوقّف على حرمة مقدّمة الحرام؛ لأنّ معنى استلزام فعل الضدّ لترك الواجب سببیة فعله ومقدّمیته لتركه. وتمامیة الدلیل الثانی تتوقّف على وجوب المقدّمة. كما أنّ دلیلیة الدلیلین موقوفة على اقتضاء الأمر بالـشیء النهی عن ضدّه العامّ.

هذا، والّذی ینبغی أن یقال: إنّ المضادّة بین شیئین كالسواد والبیاض وغیرهما من نظائرهما إنّما تكون من الإضافات المتشاكلة الأطراف كما فی الاُخوّة، فما فرض فی أحدهما لابدّ وأن یفرض فی الجانب الآخر؛ لأنّهما متشابهان على المفروض، وبناءً علیه لو فرض استلزام وجود أحد الضدّین لعدم الضدّ الآخر كما هو المبیّن فی الوجه الأوّل، فلابدّ من القول بكون وجود الآخر أیضاً مستلزماً لعدم ضدّه.

وهكذا لو قلنا بأنّ ترك أحد الضدّین مقدّمة لوجود الآخر كما هو المذكور فی الوجه الثانی، فلابدّ وأن یكون ترك الآخر مقدّمة لوجود ضده، فیلزم من ذلك أن تكون مرتبة کلّ واحد من الضدّین متأخّرة عن الآخر ومتقدّمة علیه، بل یلزم تأخّره عن نفسه وتقدّمه على نفسه.

ووجهه: أنّه إذا كان ترك الضدّ مقدّمة لوجود الضدّ الآخر یلزم أن یكون وجوده أیضاً متقدماً على وجود هذا الـشیء بحسب الرتبة لاتّحاد مرتبة الوجود والعدم، فوجود هذا الضدّ كما یكون متأخّراً عن عدم الضدّ الآخر یكون متأخّراً عن وجوده أیضاً، وهذا المتأخّر یجب أن یكون متأخّراً عن المتقدّم وعن کلّ ما تأخّر عنه المتقدّم؛ لأنّ المتأخّر عن المتأخّر عن الشیء متأخّر عن ذلك الـشیء، ومن جملة

 

ما تأخّر عنه المتقدّم وجود هذا الضدّ المتأخّر؛ لأنّ وجود المتقدّم أیضاً موقوف على عدم المتأخّر، فتكون مرتبة وجود المتأخّر متقدّمة على المتقدّم، فیلزم تأخّر المتأخّر عن نفسه.

وأیضاً إذا كان ترك الضدّ مقدّمة لوجود الضدّ الآخر یكون وجوده أیضاً متقدّماً علیه ـ بحسب المرتبة ـ وعلى کلّ ما یكون متأخّراً عنه، ومن جملة ما یكون متأخّراً عنه هذا الضدّ المتقدّم؛ لأنّ عدم هذا الضدّ المتأخّر یكون مقدّمة لوجوده، فیلزم تقدّم الشیء على نفسه، وهذا محال.

 

([1]) راجع: العاملی، معالم الدین، ج1، ص67؛ القمّی، قوانین الاُصول، ص114.

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: