شنبه: 1/ارد/1403 (السبت: 11/شوال/1445)

الفصل الخامس:
هل المراد انتفاء سنخ الحكم أو شخصه؟

لا یخفى علیك: أن على القول بالمفهوم لیس معناه انتفاء سنخ الحكم كما ذهب إلیه الشیخ&([1]) ومن تأخّر عنه؛([2]) لأنّ الجزاء المعلّق على الـشرط لا یكون إلّا جزئیاً، كالوجوب المعلّق على المجیء، فبانتفاء الشرط لا ینتفی إلّا ذلك الحكم المنشأ فی هذا الظرف. فكما أنّ بانتفاء هذا الـشرط لا یصحّ أن یقال بانتفاء وجوب إكرام عمرو ووجوب إكرام خالد، لا یصحّ أیضاً أن یقال بانتفاء نوع الحكم المعلّق على الشرط.

فلا معنى لما أفاد فی الكفایة بأنّ المعلّق على الشرط هو نوع الوجوب.([3])

لأنّ النوع یمتنع أن یوجد من غیر أن یتشخّص بالخصوصیات المفردة، فلا یصحّ أن یتعلّق به الإنشاء والإیجاد.([4])

 

ثم إنّه لا یخفى علیك: ما فی عبارة التقریرات من أنّ انتفاء شخص الحكم لازم ارتفاع الكلام الدالّ على الإنشاء.([5])

لأنّ لازم هذا الكلام وحاصله: أنّ الحكم بشخصه ینتفی بمجرّد تمامیة كلام المتکلّم؛ لأنّه من الموجودات غیر القارّة. وبطلان هذا واضح؛ لأنّ بقاء الحكم لیس وجوده دائراً مدار بقاء الكلام، بل الحكم ینتزع من كلام المتکلّم وله بقاء فی عالم الاعتبار إلى أن یسقط بالامتثال أو العصیان أو ذهاب موضوعه، فتأمّل جیّداً.

 

 

 

([1]) الکلانتری الطهرانی، مطارح الأنظار، ص173.

([2]) الخراسانی، کفایة الاُصول، ج1، ص309؛ النائینی، فوائد الاُصول، ج2، ص484؛ العراقی، مقالات الاُصول، ج1، ص396؛ الحائری الیزدی، درر الفوائد، ص196.

([3]) الخراسانی، کفایة الاُصول، ج1، ص310.

([4]) یمکن أن یقال بأنّه لا مانع من انتفاء السنخ إذا کان ثبوت سنخ الحکم فی الجزاء صحیحاً بأن یکون الإنشاء جزئیاً ولکن کان المنشأ عامّاً وکلّیّاً، کما أنّه لو اُرید إیجاد الإنسان، فالإیجاد وإن کان یصیر جزئیاً لامحالة لکن الموجد وهو الإنسان یکون کلّیّاً.

ولو سلّمنا عدم إمکان ذلك ، یمکن أن یقال بأنّ انتفاء سنخ الحکم یفهم من الحکم بعلّیّة الشرط للجزاء علی نحو العلّة المنحصرة، فلا مانع من کون الحکم فی الجزاء شخصیاً ولکن ما یستفاد من القضیّة ـ من جهة ظهورها فی انحصار العلّة ـ هو انتفاء سنخ الحکم. هذا بناءً علی مسلك المتأخّرین.

وأمّا علی مسلك القدماء، فیمکن أن یقال، إنّ معنی کون مفاد المفهوم عدم کون المقیّد بما هو هو موضوعاً للحکم ودخالة القید فی الحکم وعدم منافاة قید آخر مقامه مع المفهوم، هو انتفاء سنخ الحکم؛ فإنّه لو قیل بانتفاء شخصه ینافی مع قیام قید آخر مقامه، فتأمّل. [منه دام ظلّه العالی].

([5]) الکلانتری الطهرانی، مطارح الأنظار، ص173.

موضوع: 
نويسنده: