چهارشنبه: 29/فرو/1403 (الأربعاء: 8/شوال/1445)

الفصل الثانی:
فی وجود الصیغة للعموم

لا یخفى علیك: أنّ من المسائل الّتی ذكرها القدماء فی مبحث العامّ والخاصّ واختلفوا فیها وتبعهم المتأخّرون ـ مع خلوّها عن الفائدة ووضوح أمرها ـ مسألة: أنّ العموم هل له صیغة تخصّه لغةً وشرعاً أو لا؟

فأثبتها بعضهم، ونفاها بعض آخر.

وربما یستدلّ النافی بتیقّن إرادة الخصوص تارة،([1]) واُخرى بأنّ كون اللفظ حقیقة فی الخصوص یوجب تقلیل المجاز لاشتهار التخصیص وشیوعه، حتى قیل: ما من عامّ إلّا وقد خصّ. فكون اللفظ موضوعاً للخصوص موجب لتقلیل المجاز لا محالة.([2])

أمّا الدلیل الأوّل (وهو تیقّن إرادة الخصوص وأولویة جعل اللفظ حقیقة فی المتیقّن)، ففیه: إن اُرید من تیقّن إرادة الخصوص إرادة الواضع له، فلا یفهم منه مفهوماً محصّلاً. مضافاً إلى أنّ سبب وضع الألفاظ احتیاج أهل المحاورة إلى إفهام المرادات، فكما أنّ الاحتیاج یوجب وضع اللفظ فی الخصوص كذلك یوجب وضعه فی العموم.

 

وإن اُرید إرادة المتکلّم، فهذا لا یثبت الحقیقة ولا یوجب وضع اللفظ فی الخصوص. مضافاً إلى أنّ الخصوص لیس له مفهوم واحد حتى یوضع له اللفظ، إذ الخصوص المراد بقولنا: «أكرم العلماء إلّا زیداً»، غیر الخصوص المراد بقولنا: «إلّا عمرواً».

وأمّا الدلیل الثانی، ففیه: أنّ كثرة المجاز بعد وضع اللفظ فی العموم غیر موجبة لوضعه للخصوص إن كان الاستعمال فی المعنى المجازی مع القرینة. مضافاً إلى أنّه سیأتی أنّ الاستعمال فی الخصوص لا یوجب مجازیة الاستعمال، لعدم وجود ملازمة بین التخصیص والمجازیة، كما لا یخفى.

وقد ظهر ممّا ذكر: أنّ الحقّ أنّ للعموم صیغاً تخصّه. ولا اعتناء بما ذكره النافی، لما قد أجبنا عنه. والله تعالى أعلم.

 

 

 

([1]) راجع: شرح العضدی علی مختصر ابن الحاجب، ص217؛ القمّی، قوانین الاُصول، ج1، ص193؛ الأصفهانی، الفصول الغرویة، ص161.

([2]) راجع: شرح العضدی علی مختصـر ابن الحاجب، ص217-218؛ القمّی، قوانین الاُصول، ج1، ص196؛ الأصفهانی، الفصول الغرویة، ص162.

موضوع: 
نويسنده: