شنبه: 1/ارد/1403 (السبت: 11/شوال/1445)

مقدار الفحص

ثم إنّه لا ریب فی أنّ مقدار الفحص یختلف بحسب اختلاف المبانی،([1]) فمن یرى وجوب الفحص من جهة العلم الإجمالی([2]) فمقدار الفحص ـ بحسب مبناه ـ إنّما یكون بمقدار یظفر به على المقدار المتیقّن من المخصِّصات.

ومن یرى وجوبه من جهة الظنّ بوجود تلك المخصِّصات([3]) فیجب علیه الفحص بمقدار یرتفع به ظنّه.

وأمّا من كان موافقاً للمحقّق الخراسانی+، فحیث لم یعلم مراده من كون العامّ فی معرض التخصیص ولم یفهم منه معنىً معقولاً صحیحاً، فلا یمكن تعیین مقداره بحسب مبناه. اللّهم إلّا أن یقال بكون مراده ما ذكرناه وإن كان كلامه لیس وافیاً له، فیكون مقدار الفحص فی کلّ عامّ یحتمل تخصیصه فی كلام الشارع بمقدار لا یصل إلى

 

حدّ العسر والحرج، لا أن یهمل أمر الفحص بالمرّة، أو إذا رأى عامّاً أو دلیلاً آخر حكم بمجرّده وعمل به وأفتى على طبقه من غیر فحص عن مخصّصه أو معارضه.

فمسألة الفحص فی باب الاجتهاد من التكالیف المهمّة لمن كان فی مقام الاجتهاد والفتوى، فهو محتاج بعد تحصیل العلم ـ بالصرف والنحو بمقدار یعرف به ما یراد من الألفاظ المفردة والمركّبة وأنحاء هیئاتها، وباللغة، والفقه، ومعاقد الإجماعات، وفتاوى العلماء، وغیرها ـ إلى كثیر اطّلاع من القرآن المجید وتفاسیر الآیات الكریمة زائداً على آیات الأحكام؛ لأنّ للاطّلاع على الكتاب والتفاسیر وأقوال علماء التفسیر دخلاً عظیماً فی استنباط الأحكام، وإلى علم الدرایة والرجال لا بمعنى الاكتفاء بتصحیح الغیر بل بصرف جهده فی معرفة الرجال بل لا یبعد أن یقال بلزوم احتیاج المجتهد إلى الاطّلاع على فتاوی العامّة وما هو المشهور بینهم بحسب الأزمنة المختلفة والاطّلاع على كتب أخبارهم.

وبالجملة: فأمر الاجتهاد صعب جدّاً؛ ولنعم ما قال الشیخ+ فی الفرائد. «أعاننا على الاجتهاد الّذی هو أشقّ من طول الجهاد».([4]) والحمد لله‏ ربّ العالمین، وصلّى الله‏ على خیر خلقه محمد وآله الطاهرین.

 

 

([1]) انظر المبانی فی فوائد الاُصول (النائینی، ج2، ص547).

([2]) الکلانتری الطهرانی، مطارح الأنظار، ص200.

([3]) الفاضل التونی، الوافیة فی اُصول الفقه، ص129 130.

([4]) الأنصاری، فرائد الاُصول، ج1، ص241.

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: