پنجشنبه: 9/فرو/1403 (الخميس: 18/رمضان/1445)

استحقاق العقاب فی إجراء البراءة قبل الفحص ومناطه

أمّا الكلام فی آثار العمل بها قبل الفحص، فلا شكّ فی استحقاق العقاب إن وقع فی مخالفة المولى.

نعم، قد وقع الكلام بینهم فی أنّ ذلك یكون بترك التعلّم، أو یكون على مخالفة الواقع، فیه قولان:([1])

أحدهما مبنیّ على كون وجوب التعلّم والتفقّه نفسیاً، كما هو مختار الأردبیلی([2])

 

وصاحب المدارك،([3]) وصاحب الكفایة.([4]) وقد تفصّوا به عن الإشكال الوارد على القول بأنّ استحقاق العقاب یكون على مخالفة الواقع وهو أنّه على هذا القول فی الواجب المشروط والموقّت كالحجّ لا یجب تحصیل المقدّمات قبل حصول الـشرط أو حضور الوقت، فإن أدّى ذلك إلى عدم التمكّن من الإتیان بالواجب كیف یصحّ القول باستحقاق العقاب على تركه وإن التفت إلى الخطاب الواقعی بعدهما. وبالجملة لا یتنجّز بالنسبة إلیه الخطاب أوّلاً لعدم تمكّنه من الامتثال. وثانیاً لأنّه بعدما ترك التعلّم یكون جاهلاً وغافلاً عنه ولا یمكن تنجّز الخطاب الواقعی المطلق بالنسبة إلى الجاهل والعالم بالنسبة إلیه لأنّ تنجّزه متفرّع على علمه به. وعلى ذلك یرد هذا الإشكال على القول بالواجب المعلّق، بل وعلى سائر الواجبات المطلقة فلا یكون مصحّحاً لاستحقاق العقاب فی البین إلّا القول بوجوب التعلّم نفسیاً.

ثانیهما: أنّ وجوب التعلم إرشادی ویكون الاستحقاق على مخالفة الواقع إن أدّى ترك التعلّم إلیه.

وممّا اُخذ على القائل بالوجوب النـفسی أنّه مستلزم لاستحقاق التارك للتعلّم ـ الواقع فی مخالفة الواقع ـ عقابین أحدهما على ترك التعلّم، وثانیهما على مخالفة الواقع؛ فی حال كون العالم بالتكلیف التارك له عصیاناً مستحقّاً لعقوبة واحدة، مع أنه یمكن دعوى القطع بخلافه.

والّذی یختلج بالبال فی ردّ الإشكال الّذی توهّمه القائل بالوجوب النفسـی للتعلّم: أنّه یكفی فی صحّة العقاب على وقوع المکلّف فی مخالفة الواقع كونه متذكّراً بأنّ للشارع خطابات واقعیة مطلقة غیر مقیّدة بالعلم والجهل والالتفات والغفلة، لأنّ

 

تقییدها بها مستلزم للدور، فیجب علیه التعلّم؛ لأنّ الشارع أنشأ هذه الخطابات لیعلم المکلّف بها. بل یكفی فی وجوب أن یكون فی مقام التعلّم أن یكون شاكّاً فی ذلك، فلا یجوز له عدم الاعتناء بما یحتمل اعتناء المولى به، ویكفی فی استحقاقه العقاب على مخالفة الواقع تركه التعلّم.

لا یقال: إذا كان شاكّاً فی أمر المولى وخطابه إلیه یكون العقاب على مخالفته العقاب بلا بیان.

فإنّه یقال: لیس الأمر كذلك مطلقاً وإن ترك الفحص الممكن عن أمره، وإلّا فهو كاشف عن عدم اعتنائه بأمر المولى واستخفافه به، فعبودیته للمولى و اعتناؤه بأمره تقتضی ذلك. والله هو العالم.

 

([1]) وذهب المحقّق النائینی إلى كونه على ترك التعلّم المؤدّی إلى ترك الواقع. فوائد الاُصول، ج4، ص285.

([2]) الأردبیلی، مجمع الفائدة والبرهان، ج1، ص342؛ ح2، ص110. وهكذا نسب إلیه وإلى تلمیذه صاحب المدارك، فی فرائد الاُصول (الأنصاری، ص302).

([3]) العاملی، مدارك الأحكام، ص123.

([4]) الخراسانی، كفایة الاُصول، ج2، ص256.

موضوع: 
نويسنده: