شنبه: 1/ارد/1403 (السبت: 11/شوال/1445)

فصل
فی التخطئة والتصویب

إعلم: أنّه وإن كان فی العامّة، كالعنبری یقول: إنّ کلّ مجتهد مصیب فی العقلیات، فضلاً عن الفروع. واُورد علیه بأنّه كیف یكون قدم العالم وحدوثه، وإثبات الصانع ونفیه حقّاً؟! إلّا أنّ الظاهر ذهاب أكثرهم إلى التخطئة فیما علیه دلیل من الكتاب والسنّة، وإنّما یقول من یقول بالتصویب فی الوقائع الّتی لا نصّ فیها ممّا یعملون فیه بالاستحسان والقیاس وغیرهما.

وكیف كان، لا إشكال فی بطلان التصویب مطلقاً، ولذا قال قوم من المصوّبة: إنّ الحكم فی کلّ واقعة واحد معیّن یتوجّه إلیه الطلب، إذ لابدّ للطلب من مطلوب، ولكن لم یكلّف المجتهد إصابته، فلذلك كان مصیباً وإن أخطأ ذلك الحكم المعیّن الّذی لم یؤمر بإصابته، بمعنى أنّه أدّى ما کلّف فأصاب ما علیه.

والجواب عن ذلك: أنّ القول بوجوب العمل بالظنّ القیاسی والاستحسانی لیس معناه ـ على قول هذا القائل الّذی یتحاشى من القول بالتصویب ـ إلّا وجوب العمل بالظنّ القیاسی مثلاً، فإن أصاب فهو، وإلّا فهو عمل بما علیه وهو العمل بالقیاس. وهذا قریب من القول بالتخطئة فی الظنون المعتبرة الّتی نصّ الشارع على اعتبارها، كظاهر الكتاب وخبر الواحد، فالنزاع لا یكون بین الطرفین فی التخطئة والتصویب،

 

بل فی اعتبار القیاس والاستحسان مطلقاً، أو إذا كانا موجباً للظنّ عند الشارع، فالمنكر للقیاس والاستحسان یقول بعدم إثبات اعتبار هذه الاُمور إذا لم تكن موجبة للظنّ بالحكم الواقعی الواحد فی حقّ الجاهل والعالم، أو مطلقاً. وهذا ما یقوله شیعة الحقّ وقوم من العامّة.

فظهر من ذلك کلّه: أنّنا حیث لا نقول باعتبار مثل القیاس والاستحسان والاستقراء فی الفقه نستغنی عن البحث فی التصویب والتخطئة فیها. ولا حول ولا قوّة إلّا بالله.

 

 

موضوع: 
نويسنده: