پنجشنبه: 6/ارد/1403 (الخميس: 16/شوال/1445)

نقطة اُخری:

وهنا صفة ممتازة اُخری وأدبٌ یضاف إلی أدب هذا السیّد الجلیل فی هذه القضیّة، وهی صفة التسلیم والقبول من الإمام× بلا أیِّ اعتراض أو تشكیك، وهذا درسٌ لابدّ أن نتعلّمه جیّداً فی مقابل مقام الولایة والإمامة وبین یَدی حجّة الله‏، فعلى المؤمن أن یُذعن للحقّ

 

ویقبله بلا تغطرس وعناد، وهذا شعبة من «إنصافُ النّاسِ مِنْ نَفسِك»،([1]) وهو أحد أصعب الأعمال الجلیلة والفضائل الممتازة الثلاث الّتی وردت فی الحدیث، والّتی لا یقوى کلّ واحدٍ على الاستمرار فی میدان السبق عندها.

إنّ السیّد عبد العظیم الحسنی× ینتسب إلی الإمامین الهُمامین الحسنین÷ وهو أقرب فی سلسلة النسب إلیهما من الإمام الهادی× بواسطتین، إذ أنّ الإمام علیّ الهادی× ینتهی نسبه إلی الإمام سیّد الشهداء الحسین× بستّة وسائط، فهو فی عمود النسب، السابع من ولد الحسین×  والثامن من ولد أمیر المؤمنین× وفاطمة الزهراء‘. وأمّا السیّد عبد العظیم فهو ینتهی إلی الإمام الحسن المجتبى× بأربعة وسائط فقط؛ ففی عمود النسب: یعتبر الخامس من ولد الإمام الحسن المجتبى× والسادس من ولد أمیر المؤمنین وفاطمة الزهراء÷، ومع هذا نجده متأدّباً بین یدی حجّة الله‏ وصاحب الولایة، متواضعاً فی أخذ المعارف والعلوم من أهل البیت^، فنفس هذا الأدب وعرض دینه على الإمام الهادی× دلیل باهر على كمال معرفته وجلالة قدره وإحكام

 

اعتقاده بولایة وإمامة علیّ الهادی×، مع أنّه الأقرب فی سلسلة النسب إلی رسول الله‏ وأمیر المؤمنین وفاطمة الزهراء^ من الإمام الهادی×، ولكنّه ولعمق معرفته، کان یعی تماماً أن الوقوف فی وجه مقام الولایة والإمامة والحجّة هو محوٌ وفناء، وأنّ الإیمان بالولایة یقتضی رعایة أعلى درجات التواضع والأدب والتسلیم والإطاعة، فهو لا یعتبر نفسه رقماً فی قبال وجود الإمام الهادی× وهو حجّة الله‏ على الناس.

وقد عُرفَ مثل هذا التواضع والأدب عن السیّد الجلیل علیِّ بن جعفر÷ وهو من مشاهیر وأعاظم علماء ومحدّثی أهل البیت^ وصاحب تألیفات وآثار مهمّة، فلقد کان تامّ الانقیاد والتسلیم للإمام أبی جعفر الجواد×، مع أنّ علیّ بن جعفر هو عمُّ أب الإمام الجواد× وأنّه ینتسب إلی الإمام الحسین× بثلاث وسائط، بینما ینتسب الإمام الجواد× بخمس وسائط إلی الإمام الحسین×، وکان علیّ بن جعفر شیخاً كبیراً ولم یكن الإمام الجواد× قد تجاوز مرحلة الصبا والشباب، ومع ذلك کان هذا السیّد الجلیل یظهر كمال الأدب والاحترام ویقبِّل یَد الإمام الجواد×.([2])

 

 

 

 

([1]) المفید، الأمالی، ص88؛ الطوسی، الأمالی، ص577، 680؛ الحرّ العاملی، وسائل الشیعة، كتاب الجهاد، باب وجوب اجتناب المحارم، ج15، ص255، 283.

([2]) الکلینی، الکافی، ج1، ص52.

نويسنده: 
کليد واژه: