جمعه: 1403/01/10
نسخة للطباعةSend by email
المستقبل الزّاهر بظهور الإمام المهدی علیه السلام / بقلم: آیة الله العظمی الصافی الکلبایکانی مدظله الوارف
المستقبل الزّاهر بظهور الإمام المهدی علیه السلام

ابسم الله الرّحمن الرّحیم‏

الحمدلله الّذى یؤمن الخائفین و ینجى الصّالحین و یرفع المستضعفین و یضع المستكبرین و الصّلاة و السّلام على سیّد رسله اجمعین ابى القاسم محمّد و آله الطّاهرین و لا سیّما سمیه و كنیه الكریم الامام المبین و الكهف الحصین ناموس الله الاكبراب الوقت و مربّى الزّمان، الّذى هو للحق امین و للخلق امان مولانا و سیّدنا الحجّة بن الحسن المهدى ارواح العالمین له الفداء.

قالَ رَسُولُ الله‏ صلّی الله علیه و آله‏:

«مَنْ احَبَّ انْ یَلْقَى‏اللهَ وَ قَدْ كَمُلَ ایمانُهُ و حَسُنَ اسْلامُهُ فَلْیَتَوَلَّ الْحُجَّةَ صاحِبَ الزَّمانِ المُنْتَظَرِ عَلِیْه السَّلامُ»(1)

من لهذا العالم؟

من‏ لهذا العالم الملى‏ء بالفساد والفواصل و الفوارق و المظالم؟

من‏ لدفع هذه الاسالیب الالحادیة الّتى هوت بالانسانیّة فى اسفل دركات الحیوانیّة.

من‏ لهذه التّجهیزات الحربیّة الّتى ینفق علیها من اموال الفقراء والبائسین فى الدّقیقة الواحدة اكثر من سه چهارم میلیون دلار (750 الف دلار)، و فى السنة (400 الف میلیون دلار) و هذا الرّقم یساوى ما ینفق على الصّحة العالم مرّتین و نصف؟(2)

و احصائیة اخرى تقول: بلغت النّفقات العسكریّة فى العالم 3500 میلیارد فرنك فرنسى، و هذا المبلغ یكفى لتجهیز 35 میلیون فراش للعلاج بناء 50 میلیون مسكن و میلیون كیلومتراً من الطّرق الحدیثة و الف مدینة تتسع الواحدة 200 الف ساكن.(3)

واحصائیّة ثالثة تقول: لقد باعث الولایات المتّحدة فى عام 1973- 1974، من الاسلحة ما قیمته 83 میلیارد دلاراً و الاتحاد السّوفیاتى ما قیمته 55 میلیارد دلاراً و فرنساً ما قیمته 33 ملیاراً من‏ الدلارات و بریطانیا 13 ملیاراً(4) و الولایات المتّحدة تنفق على تسلیح كل جندى 60 مرّة اكثر مما تنفق على تعلیم كل تلمیذ.(5)

و ایضاً هذه الولایات المتّحدة الامریكیة تنفق من اول اوكتبر 1978 لمدّة اثنى عشر شهراً فى غضون سنة ما یبلغ ملیارین و تسعمأة و سبعة و سبعین میلیون دلار لصرفها على المواد اللّازمة لتولید القنبلة النوترونیة(6) و ذلك ما یساوى مبلغ خمسة آلاف و سبعمأة و سبعة و ستین دلاراً تقریباً فى كل دقیقة من دقائق هذه المدّة.

من‏ لّهذه القنابل الذّریة، و الهیدرو جنّیة و النّترونیة الّتى تدمّر البلاد الكبیرة و الممالك المعظّمة و تقضى على المدنیّات و تهدم كیان الانسانیّة، فكرة واحدة (فى حجم البّر تقالة الكبیرة) من مادة البلوتونیوم الّتى تنتجها المفاعلات الذّریة العربیّة قادرة على قتل ملیار انسان؟(7)

من‏ لدحض هذه الشّبهات الّتى اشغلت افكار شباننا و شبیبتنا، و فتیننا و فتیاتنا؟

من‏ لازالة هذا الخوف و الاضطراب و العناء الّذى استولى على جمیع البریّة.

من‏ لهذه النّعرات الطّائفیة، و القومیّة و الدّعایات الممزقة؟

من‏ لهذه الحكومات المستبدة الّتى استعبدت القوام والافراد و ازدادت دیكتاتوریتها و استضعافها على استبداد الاكاسرة و القیاصرة؟

من‏ لهذه القوانین الكافرة المستورة من الشّرق و الغرب؟

من‏ لانقاذ البشریة من هذه المهالك و المساقط الّتی جاءت بها مكاتب الشّرق و الغرب و دعاة الشّرك و الالحاد؟

من‏ لهذه الافلام السّینمائیة، و التّلفزیونیّة الّتی تهبط بالمجتمع الی مهاوی الشّهوات و رذائل الاخلاق؟

من‏ لالغاء هذه الحكومات الاقلیمیّة، و الامپریالیّة و الماركسیّة و اعلان حكومة الله العادلة العالمیّة علی الارض؟

من‏ ذاالذى یقوم باذن الله بازالة هذه الخلاعة و الدّعارة التی شملت البلاد؟

من‏ الّذی یحارب هذه الجاهلیات الّتی هی اخطر و اضر لمفاهیم الانسانیّة الصحیحة من الجاهلیّات الاولی؟

من‏ هو الّذی یحی العدل و الانصاف و یمیت الجور و الاعتساف؟

من‏ هو الّذی یرد الغیرة الی الرّجال و الحیاء و الشّخصیّة، العفّة الی النّساء، و یزیل عنهن عار السّفور و الخروج الی الاسواق و الاندیة كاشفات عاریات فاحسنهن حالا الاجیرة فی المراقص و الملاهی؟

من‏ الّذی یرفع الله به المستضعفین و یؤمن به الخائفین‏ و ینجی به الصّالحین و یضع به المستكبرین و یجتث به اصول الظّالمین؟

من‏ هو المصلح الّذی بشر الله به الامم بلسان انبیائه و ما اوحی الیهم فی كتبه و صحفه.

من‏ الموعود الّذی یملأ الله به الارض قسطاً و عدلًا، بعد ما ملئت ظلماً و جوراً؟

من‏ الّذی یحقق الله علی یده الامن و الامان و یمحو به الظّلم و العدوان و یفتح الله علی یدیه مشارق الارض و مغاربها؟

من‏ هو الّذی یجمع الكلم علی التّقوی و یرفع لواء القسط فی الدّنیا؟

من‏ الّذی یثور علی الظّالمین و یبیدهم و یهدم قصورهم و دیارهم و یحطم آثارهم؟

من‏ الّذی یحیی الله به الارض بعد موتها؟

فمتی یقوم بامر الله القائم الّذی لما قرأ دعبل قصیدته التّائیّة المشهورة علی الرّضا علیه‏السّلام، فذكره بقوله:

خروج امام لامحالة لازم * یقوم علی اسم‏الله و البركات

وضع الرضا علیه‏السّلام، یده علی رأسه و تواضع قائماً و دعاله بالفرج و قال: الّلهمّ عجّل فرجه و سهّل مخرجه؟(8)

والی متی یبقی فی حجاب الغیبة فقد ظهر كثیر من علائم ظهوره و قیامه و عضنا البلاء فمتی یظهر!

ها هی‏ الفتن شملت الآفاق و الجور قد عم البلاد، و ترك الامر بالمعروف و النهی عن المنكر و صار المنكر معروفاً و المعروف منكراً و خرجت النّساء كاشفات عاریات متبرّجات خارجات من الدّین داخلات فی الفتن مائلات الی الشّهوات مستحلّات للمحرّمات(9) لم یبق من القرآن الا الاسم یسمون به و هم ابعد النّاس عنه.

وهاهی‏ الصّلاة قد امیتت و الأمانة قد ضیعت و الخمر یباع و یشرب علانیّة، و اهل الباطل قد استعلوا علی اهل الحق و الاموال الكثیرة تصرّف فی معصیة الله. و تنفق فی سخطه و الولاة یقربون اهل الكفر و یبعدون اهل الخیر و الحدود قد عطلت و السّلطان یذل المؤمن للكافر و الرّجل یتكلّم بشی‏ء من الحق و یامر بالمعروف و ینهی عن المنكر فیقوم الیه من ینصحه فی نفسه و یقول: هذا عنك موضوع و ظهر الاستخفاف بالوالدین و كثر الطّلاق و النّساء قد دخلن فیما لاینبغی لهن دخوله و القضاة یقضون بغیر ما انزل الله و استحل الرّبا لایری به باساً، و الرّجال تشهبوا بالنّساء و النّساء تشبهن بالرّجال و كثر اولاد الزّنا و ظهرت القینات و المعازف و تداعت علینا الامم كما تداعت الاكلة علی القصاع لكراهیتنا الموت وحبّنا للدّنیا و ركبت ذوات الفروج السّروج و تغنوا بالقرآن و تعلموه لغیر الله و اتّخذوه من امیروهد رفنیق الباطل بعد كظوم و تواخی النّاس علی الفجور یمسی الرّجل مؤمناً و یصبح كافراً تحزن‏ ذوات الاولاد و تفرح العواقر و ...(10)

فمتی‏ تشرق شمس الاقبال و السّعادة من مشرق بیت الوحی و الرّسالة و الولایة؟

سبحان‏الله‏ و لاحول و لاقوة الّا بالله ما اطول هذا العناء و ابعد هذا الرّجاء، كما اخبرنا به مولانا امیرالمؤمنین علیه السلام.(11)

فالله اكبر الّذی جعل مع كل عسر یسراً ولكلّ ضیق رخاء و لكلّ فتنة مخرجاً ولكلّ شدّة فرجاً.

فلاتیأسوایا اخوانی من روح‏الله انّه لاییأس من روح‏الله الا القوم الكافرون.

ولاتحسبوا قوّة الظّالمین و سلطة الكافرین شیئاً فانّهم علی شفا حفرة الهلاك و الدّمار و عن قریب یزول ملكهم و یبور سعیهم.

و انّ انعمت النّظر یا اخی فی كتاب ربّك القرآن‏ الكریم و فی الاحادیث المرویّة عن نبیّك و الائمّة الطّیّبین من عترته صلوات الله علیهم اجمعین زاد رجاؤك بالمستقبل الزّاهر، و بعد عنك الیاس و الكسل و لبعثك النّشاط و الامل الی السّعی و العمل ولادیت واجبك من الامر بالمعروف و النهی عن المنكر و لعرفت مسئولیاتك و ما انت مسئول عنه قبال دینك و كتاب دینك و احكامه و لعرفت انّ الّذی خلق العباد لایهملهم سدی ولا یتركهم فی تیار هذه الخسارات و المهالك و انّ الارض لاتخلو من قائم‏لله بحجّة امّا ظاهراً مشهوراً او خائفاً مغموراً.

وتعرف‏ انّ البشریّة لیست محكوماً علیها بالبؤس و الشّقاء و الظّلم و انّ الارض‏لله یورثها من یشاء من عباده و العاقبة للمتّقین.

كما تعرف‏ ایضاً انّ نهایة المطاف لیس الا النّور و الا العلم و المعرفة و الا العدل و الامان.

وتعرف‏ انّ العالم یسیر نحو الكمال و لایرجع‏ القهقری و الی الوراء و انّ الظّلم و الاستكبار و الاستثمار و الاستضعاف لابدوان ینتهی و محكوم بالزّوال و الانقراض و انّ النّصر مع جنود الحق و انصار العدل و دعاة الخیر و الثّائرین علی الظّلم و الاستبداد و انّ حزب الله هم الغالبون.

كما تعرف‏ انّ العالم سیتخلص من هذه الحكومات المتشعبّة المتفرّقة الّتی تاسست لاستعباد النّاس بعضهم بعضاً و ستوحد الحكومات و تسقط هذه الرّایات و الاعلام و ینشر لواء واحد باسم الله، لواء الحق، لواء التّوحید، لواء رسالة الاسلام.

كما تعرف‏، و تتیقن انّ المبشّربه فی لسان الانبیاء و الكتب السّماویة و القرآن الكریم و السّنّة النّبویّة، و الاحادیث المرویّة عن العترة الطّاهرة و الاثار المخرجة عن الصّحابة هو ابن الامام الحسن العسكری بن علی ابن محمد بن علی بن موسی بن جعفر بن محمد بن علی بن الحسین بن علی بن ابیطالب‏ علیهم السلام‏، وهو الامام الثّانی عشر، و العدل المشتهر، و صاحب الزّمان ارواح العالمین له الفداء، فالله لایخلف المیعاد، و هو اصدق القائلین حیث یقول:

وَ نُریدُ انْ نَمُنَّ عَلَی الَّذینَ اسْتُضْعِفُوا فِی الارْضِ، وَ نَجْعَلَهُمْ ائِمَّةً، وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثینَ، وَ نُرِیَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنَودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا یَحْذَرُونَ.(12)

وقال تعالی جدّه: وَعَدَ اللهُ‏الَّذینَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلوُا الصّالِحاتِ لَیَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِی الارْضِ كَما اسْتَخْلَفَ الَّذینَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلْیُمَكّنَنَّ لَهُمْ دینَهُمْ الَّذِی اْرتَضی لَهُمْ وَلْیُبْدِلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ امْناً یَعْبُدونَنْی لایُشْرِكُونَ بی شَیئاً.(13)

وقال عزّ اسمه: انّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِینَ آمَنوُا فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ یَوْمَ‏ یَقُومُ الْاشْهادُ. (14)

و قال‏ النبی صلّی الله علیه و آله: لو لم یبق من الدّنیا الّا یوم واحد لطول الله ذلك الیوم حتّی یملك رجل من اهل بیتی یظهر الاسلام و لایخلف وعده و هو علی وعده قدیر.(15)

وقال‏ صلّی الله علیه و آله: لو لم یبق من الدّنیا الّا یوماً واحداً لطول الله ذلك الیوم‏ حتّی یخرج رجل من امّتی یواطی‏ء اسمه اسمی و كنیته كنیتی یملأ الارض قسطاً و عدلًا كما ملئت جوراً و ظلماً.(16)

و قال‏ امیرالمؤمنین علیه‏السّلام: تنقض الفتن حتی لایقول احد (لا اله الا الله) و قال بعضهم: لایقال (الله، الله) ثمّ ضرب یعسوب الدّین بذنبه ثمّ یبعث الله قوماً كقزع الخریف و انّی لاعرف اسم امیرهم‏ و مناخ ركابهم.(17)

وقال‏ علیه‏السّلام: انّ ابنی هذا (یعنی الحسین) السّیّد كما سمّاه رسول الله صلی الله علیه و آله، و سیخرج من صلبه رجل باسم نبیّكم یخرج علی حین غفلة من النّاس و اماته الحق، و اظهار الجور، و یفرح لخروجه اهل السّماء و سكّانها (الی ان قال) یملا الارض عدلًا كما ملئت ظلماً و جوراً.(18)

وقال الامام السّبط الاكبر الحسن المجتبی محدّثاً عن ابیه امیرالمؤمنین علیهما السّلام، انّه قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله: لا تذهب الدّنیا حتّی یقوم بامر امّتی رجل من ولد الحسین یملا الدّنیا عدلًا كما ملئت ظلماً.(19)

وقال سیّد اهل الاباء و ابوالشّهداء ابوعبدالله الحسین علیه السلام: منّا اثنا عشر، اوّلهم امیرالمؤمنین علیّ بن ابیطالب و آخرهم التّاسع من ولدی و هو القائم بالحق یحی الله‏ به الارض بعد موتها و یظهر به دین الحق علی الدّین كلّه، و لوكره المشركون له غیبة یرتدّ فیها قوم و یثبت علی الدّین فیها آخرون فیؤذون و یقال لهم: (متی هذا الوعد ان كنتم صادقین) اما انّ الصّابرین فی غیبته علی الاذی و التّكذیب بمنزلة المجاهدین بالسّیف بین یدی رسول الله صلّی الله علیه و آله.(20)

 المصادر:

1. اربعین حافظ اهل السنّة ابن ابى الفوارس الحدیث الرابع

2. حضارة السلام، ص 92، من العدد السّادس من السّنة التاسعة عشرة.

3. حضارة الاسلام، ص 146، من العدد الخامس و السّادس من السّنة السّادسة عشرة عن مجلة الا كسبریس ایلول 1974.

4. حضارة الاسلام العدد 9- 10، من السّنة 17، ص 135.

5. حضارة الاسلام العدد الثانى من السّنة 19، ص 97

6. جریدة اطلاعات الایرانیة، العدد 15743

7. حضارة الاسلام، العدد 5 و 6، من السّنة 16، ص 146

8. منتخب الاثر، ب 3، ف 10، ح 3 و 4، ص 505 و 506.

9. یراجع منتخب الاثر، ب 2، ف 6.

10. یراجع فی ذلك كلّه منتخب الاثر، ب 2، ف 6.

11. نهج البلاغه، خ 185.

12. سورة القصص، 5 و 6.

13. سورة النّور، 55.

14. سورة غافر، 51.

15. منتخب الاثر، ح 23، ب 1، ف 2.

16. منتخب الاثر، ح 26، ب 1، ف 2.

17. منتخب الاثر ح 62، ب 1، ف 2.

18. منتخب الاثر ب 1، ف 2، ح 64.

19. منتخب الاثر، ب 8، ف 2، ح 2 و فی الباب 185 حدیثاً.

20. منتخب الاثر، ف 2، ب 10، ح 4 و فی الباب 148 حدیثاً.

الأحد / 29 أبريل / 2018