جمعه: 1403/01/10
نسخة للطباعةSend by email
رسالة المرجع الديني الكبير والمحدث الخبير سماحة آية الله العظمى الصافي الكلبايكاني مد ظله الوارف إلى مؤتمر دراسة تراث الحديث عند الشيعة
رسالة المرجع الديني الكبير إلى مؤتمر دراسة تراث الحديث عند الشيعة

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله ربّ العالمین وصلّى الله على سید المرسلین محمد وآله الطاهرین لاسیما بقیة الله فی الارضین

قال الإمام أبوعبد الله جعفر الصاىقعلیه السلام : «اعرفوا منازل شیعتنا عندنا على قدر روایتهم عنا وفهمهم منا» .

السلام علیكم ورحمة الله وبركاته

إن الحركة العلمیة المباركة وفی طلیعتها المؤتمر المنیف الموسوم: (دراسة تراث الحدیث عند الشیعة) لتبشر بمستقبل مشرق فی الدفاع عن حدیث الشیعة والذود عن أسسه وأصوله .

مهما تكلمنا و نقلنا الأخبار حول أهمیة الحدیث لما استطعنا استیعاب مقدار دوره البالغ ومكانته العظمى فی ترسیخ العقیدة الحقّة .

وذلك أن القرآن الكریم والسُنّة الشریفة یمثّلان كل الحقائق .. فكل الحقائق هی موجودة فی القرآن والسُنّة.

إن التفسیر المأثور عن أهل البیت صلوات الله علیهم أجمعین والعلوم المأثورة عنهم، والأحادیث الشریفة، والأحادیث النبویة، ومعارف نهج البلاغة، والصحیفة السجادیة، والصحیفة الثالثة، والرابعة، والخامسة، والكتب الشریفة الأربعة، وكنوز الادعیة، وموسوعة "بحار الانوار"، وكتاب: مكارم الاخلاق، وعشرات ومئآت من الأصول والكتب... هی جمیعا تمثل كنوزا وذخائر نفیسة تظل البشریة وعلى الدوام – وفی خلال مسیرتها نحو التكامل - فی أمس الحاجة إلیها.

إن  نفس صدور كل هذه العلوم عن البیت النبوی من الآیات العظیمة النادرة والدلائل الشافیة والكافیة الدالة على وجود الله سبحانه وتعالى و عالم الغیب.

لكن ما یؤسفنا أن البعض ممّن یتسمّون بالباحثین نجدهم لا یزالون فی غفلة عن هذا المعین الأوحد فی العلم  والمعرفة فلا یعرفون قدر هذه النعمة حقّ معرفتها.. فی حین نراهم ركنوا إلى مدارس یطبق علیها الظلام ویخیّم فی أروقتها الجهل والضیاع. فلیس بوسعها ان توجه بالمرء الى معین هدایة، خلا سراب یعشو بالأبصار لیس الا.. وتراهم من خلال ممارسة تضعیف المبانی والروایات بلا موضوعیة ولا إنصاف علمی یستهدفون الطعن بأصل الدین وخصوصاً ركنه الركین الامامة ومقام الائمة المعصومین علیهم السلام.

ومن هنا، نحن نأمل من علماء الحدیث والمحققین المتضلّعین بموازین تقییم الرجال والمتوفّرین على الدقة المطلوبة فی دراسة الأسانید والنصوص  ویمتلكون البصیرة الخلّاقة والرصینة فی علم الحدیث. . نأمل منهم أن یجعلوا  من أولویاتهم دراسة الحدیث ویولوه النصیب الأوفر من إستنباطاتهم ودقائق تفكیرهم  وبالتالی یضعون المحافظة على تراث الحدیث فی مقدمة وطلیعة اولویاتهم ونصب اعینهم فی ابحاثهم ودراساتهم .  

أجل نتأمل من هؤلاء إعتماد النظرة الثاقبة والرؤیة الواقعیة والإلتفات إلى القرائن والدقائق وإستحضار مناهج المحدثین والفقهاء والصحابة العظام التی إتبعوها فی عملیة نقل وحفظ هذا التراث العظیم. اضافة الى ذلك علیهم مراعاة سبیل النهج العلمی المدروس والدقة العلمیة المتناهیة .. وذلك كله من أجل أن تحظى وتنعم المؤسسات والمراكز العلمیة بالفائدة المرجوة من جملة تحقیقاتهم وغنی أبحاثهم .

إن هذا التحرّك بهذه الكیفیة یعد أمرا ضروریا للغایة وعلینا أن لا نهدر المزید من الوقت. لذا إسهاما منی فی هذا الاتجاه ألفت نظر الفضلاء الكرام وعلى سبیل الإجمال الى هذه الحقیقة:

 یمكن التوصل من خلال القرائن الموجودة فی كتب الحدیث والرجال إلى أن عددا كبیرا من الكتب التی كان قد تم تألیفها فی القرنین الثالث والرابع بل حتى فی القرن الثانی ایضا والتی كانت تمثل مصادر لكتب العظام أمثال الشیخ الصدوق والشیخ الطوسی والنعمانی وآخرین أعلى الله مقامهم .. كانت موجودة لدیهم عند تصنیفهم لجوامعهم الحدیثیة.

لكن المنهج المتّبع آنذاك فی نقل الأخبار هو منهج الإجازة؛ فلا یروی أحدهم إلا بإجازة أستاذه فی الروایة فلا یروون مباشرة  وبدون واسطة من الكتاب، من هذا المنطلق، وعلى الرغم من وجود نقاط ضعف فی بعض الأسانید سیما التی وردت فی الكتب الأربعة أو فی كتب أخرى إلا أنها لا تؤثر فی إعتبار الروایة أو الاستدلال بها.

ومن جانب اخر تكشف لنا مدى الامانة التی كان یتحلى بها علماؤنا ومحدثونا المتقدمین . وعلى سبیل المثال فانه یمكن ملاحظة شواهد هذه القضیة فی كتاب الفهرست للشیخ الطوسی ومنهج ابن ادریس . هذا فضلاً عن وجود نموذج واضح اخر – یدل على هذا المطلب – كان قد ورد فی كتاب مقتضب الاثر لابن عیاش الجوهری .

وقد تعرضت لهذه المسألة المهمة بالتفصیل فی مقدمة كتاب منتخب الأثر.

وفی النهایة أتوجه بشكری إلى المؤسسین والعاملین والافاضل والعلماء الحاضرین فی هذا الاجتماع الذی یحملنی  انعقاد تجمعهم  على الشعور بالتفاؤل بقیمته وبركته  لتقارن انعقاده مع إطلالة الذكرى البهیجة لیوم ولادة إمام العصر أرواح العالمین له الفداء ، متمنیا لكم – اخیراً ولیس آخرا - وفی ظل رعایة ولی الله الاعظم عجل الله تعالى فرجه الشریف مزید التوفیق.

والسلام علیكم ورحمة الله وبركاته

لطف الله الصافی

11 شعبان المعظم 1439

 

 

 

الثلاثاء / 15 مايو / 2018