جمعه: 1403/01/10
نسخة للطباعةSend by email
نبارك للأمة الإسلامية ذكرى ولادة عالم آل محمد الإمام الرضا عليه السلام
ذكرى ولادة الإمام الرضا عليه السلام

جاء فی الروایة عن  أبی الصّلت قال: و لقد حدّثنی محمد بن إسحاق بن موسى بن جعفر، عن أبیه: أنّ موسى بن جعفر علیهما السلام كان یقول لبنیه: «هذا أخوكم علیّ بن موسى عالم آل محمد، فاسألوه عن أدیانكم و احفظوا ما یقول لكم، فإنّی سمعت أبی جعفر بن محمّد غیر مرّة یقول لی: إنّ عالم آل محمد لفی صلبك، و لیتنی أدركته فإنّه سمیّ أمیر المؤمنین علیّ علیه السلام».

\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\

من كلام للمرجع الدینی الكبیر آیة الله العظمى الشیخ لطف الله الصافی الكالبایكانی دام ظله حول الإمام الرضا علیه السلام نذكره بمناسبة الذكرى المیمونة لولادة الإمام علی بن موسى الرضا علیه السلام.

نظرة الامام الرضا علیه السلام لموضوع الأدیان:

لقد كان سفر الإمام الرضا علیه السلام إلى خراسان فرصة مناسبة لنشر العلوم والمعارف الالهیة الموجودة عند الأئمة من مواریث النبوّة، وتبلیغها للناس عن طریق وضعها فی متناول العلماء والمحدّثین.

شكّل عصر المأمون، نقطة البدایة لإطّلاع المسلمین  على الإصطلاحات والمفاهیم المختلفة للمدارس الفلسفیة، وذلك عن طریق ترجمة الكتب الفلسفیة إلى اللغة العربیة، كما أن المأمون نفسه كان یستغل هذا المعنى، ویروّج له ویشجّع علیه، ونجم عن ذلك تصادم فكری وأثیرت الشبهات والإشكالات، فی العقائد والمسائل من جهة؛ و من جهة أخرى إتّسع نطاق البحث والجدال، وتعدّدت المناظرات بین المسلمین وعلماء الأدیان الأخرى.

مما دفع الإمام الرضا علیه السلام إلى التصدّی للمسألة والدفاع عن عقائد المسلمین، ودفع أیة شبهة عنها بإرشاد علماء المسلمین أو التصدّی بنفسه لمناظرة كبار علماء الأدیان المختلفة، وقد سجّلت كتب التاریخ  والحدیث هذه المناظرات وتعدّ الیوم من الذخائر العلمیة الغنیّة فی فن المناظرة والإحتجاج وعلم الإستدلال، والبرهنة على العقائد الإسلامیة الحقّة، ولازالت ینتفع بها العلماء على مرّ العصور.

 أجل، كلّما عرضت للناس شبهة أو سؤال هرعوا إلى الإمام وحصلوا على الجواب الشافی، وسمعوا الرد الوافی علیه. وقد ذاع صیت علمه النورانی، وملأ أرجاء العالم الإسلامی، وشاعت إفاضاته، و لقد جدّد المعارف الدینیة والعقائد والفقه، ومن هنا أطلق علیه لقب :«مجدّد رأس المئة الثانیة».

یعكس كتاب: «عیون اخبار الرّضا» ـ الذی ألّف بعد قرن من وفاة الإمام واشتمل على أسناد بالغة الصحة و معتبرة ـ بمستوى نسبی الشخصیة العظمى للإمام وغزارة علومه، وجلالة مقامه ومكانته المنقطعة النظیر.

لقد كان للإمام المنزلة المرموقة لدى علماء السنّة أیضا، حیث یعتبرونه من عظام الأولیاء، و قد نظموا فی مدحه الأشعار والقصائد الكثیرة.

من أبرز الأحادیث المأثورة عن الامام الرضا علیه السلام هو «حدیث سلسلة الذهب» الذی نذكره هنا تیمّناً وتوسّلاً إلة الله تعالى، إلى جانب ما یعكس من مدى حبّ الناس للامام، ومدى إحترام علماء المسلمین له و عظم إفتخارهم  وإعتزازهم به علیه السلام.

 

 

حدیث سلسلة الذهب:

تعدّ نیشابورفی زمن الامام من مدن خراسان المكتضّة بالسكّان، ومن المراكز العلمیة المهمة، ومجمعاً لكبار المحدّثین والحفّاظ المشهورین.

لمّا وصل الموكب الجلیل للامام  لهذا البلد استقبل بحفاوة منقطعة النظیر؛ هرع لإستقباله الصغیر والكبیر الوضیع والشریف العالم والجاهل، أجل خرج الجمیع لیحظى بشرف لقاء الامام والنظر لوجهه الكریم و لینال فخر زیارة إبن النبی الكریم صلّى الله علیه وآله وسلّم .

جاء فی تاریخ نیشابور: ولمّا دخل [الإمام علی بن موسى الرضا (علیه السلام)] نیسابور ـ وشق سوقها، وعلیه مظلة لا یرى من ورائها، تعرّض له الحافظان أبو زُرعة الرازی ومحمد بن أسلم الطوسی، ومعهما من طلبة العلم والحدیث ما لا یحصى، فتضرّعا إلیه أن یریهم وجهه ویروی لهم حدیثاً عن آبائه، فاستوقف البغلة وأمر غلمانه بكف المظلة، وأقرّ عیون تلك الخلائق برؤیة طلعته المباركة، فكانت له ذؤابتان مدلیتان على عاتقه، والناس بین صارخ وباك ومتمرّغ فی التراب ومقبّل لحافر بغلته، فصاحت العلماء: معاشر الناس أنصتوا، فأنصتوا، واستملى منه الحافظان المذكوران، فقال:

"حدثنی أبی موسى الكاظم، عن أبیه جعفر الصادق، عن أبیه محمد الباقر، عن أبیه زین العابدین، عن أبیه الحسین، عن أبیه علی بن أبی طالب رضی اللّه عنهم قال: حدّثنی حبیبی وقرّة عینی رسول اللّه (صلى الله علیه وسلم)، قال حدّثنی جبرئیل، قال: سمعت ربّ العزّة یقول: لا إله إلاّ اللّه حصنی، فمن قالها دخل حصنی، ومن دخل حصنی أمن من عذابی".

ثم أرخى الستر وسار.

فعُدّ أهل المحابر والدوى الذین یكتبون، فأنافوا على عشرین ألفاً.

یقول«احمد بن حنبل» رئیس مذهب البحنابله و جامع المسند المعروف: «بمسند أحمد»-: «لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لأفاق».

لا یخفى أن ما نقلناه إنما هو طبق نقل «ابن حجر الهیثمى الشافعى» فی «الصَّواعِقُ الْمُحَرِّقَةُ»[1] و «الشبلنجى»[2] و بعض الجمل و العبارات و مطابق للـ«صواعق» و بعضها مطابق لـ«نورُالابصار» ؛ فمن أراد الإطّلاع على أسناد هذا الحدیث الشریف  فلیراجع  كتاب «عیون اخبار الرّضا»[3] و «توحید الصدوق»[4] و كتاب «البحار» و سائر كتب الشیعة المعتبرة.

ففی أكمل متون الحدیث «فَلَمّا مَرَّت الرّاحِلَة قال علیه السلام :« بشرو طها و أنا من شروطها».

ما أروع هذا البیان؛ الذی یربط بین حقیقة الولایة والامامة و بین عقیده التوحید، ولأننی قد استوفیت الحدیث حول هذا المطلب فی مواضع أخر أكتفی بهذا الكلام المختصر.

 

 

 

 

 

[1] ( 1) ص 203، نشر دارالطباعة.

[2] ( 2) نورالابصار، ص 140.

[3] ( 3) باب 37.

[4] ( 4) باب اول، ص 21 و 22 و 23.

الثلاثاء / 24 يوليو / 2018