بسم الله الرحمن الرحیم
إن حلول شهر رمضان من سنة ألف و أربعمئة و أربعین للهجرة یذكّرنا بذكرى ألیمة على قلوبنا, و حادثة مرّة و فاجعة عظمى فی تاریخ البشریة جمعاء.
مضى بالضبط أربعة عشر قرنا على شهادة أول المظلومین و طلیعة الموحدین الصادقین فی الاسلام , المعلم و الأسوة الحقة لتعالیم القرآن الكریم , و وصی رسول الله الأكرم صلى الله علیه و آله , و خلیفته بالحق على الخلق , تجسید العدالة الالهیة و مظهرها , عون المظلومین , و خصم الظالمین , أنیس الیتامى و مؤنسهم , و كهفهم , صاحب الولایة المطلقة الالهیة , و باب مدینة علم النبوة , و صاحب الكرامات و الفضائل المرتضویة , الإمام أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام.
أجل إنها أربعة عشر قرنا مرّت على الأمة الاسلامیة , و العالم الاسلامی بل العالم البشری و عالم الأدب و العلم و الفضیلة فی عزاء و مصیبة مفجعة لفقد ذلك الامام العزیز .
طوال هذه القرون الأربعة عشر , ما أقسى ما مرّ على محبّی أمیر المؤمنین علیه السلام و شیعته ؟! ما أشد ما تحمّلوه من المحن والظلم و الإستبداد ! لقد قتل الآلاف منهم أبریاء مظلومین , لا لجرم سوى أنهم شیعة علی علیه السلام , و عانوا أقسى أنواع التعذیب , و تم نفی الكثیرین منهم و تهجیرهم , و تركوا العدید من آباء الشهداء و أمهاتهم یعانون اللوعة والأسى لفراقهم . " فَقُتِلَ مَن قُتِلَ وَ سُبِی مَن سُبِی وَ أقصِی مَن أقصِی ".
إن شهر رمضان هذه السنة یثیر فی نفوسنا ذكریات ألیمة لكل هذه المأ~سی و المحن و المصائب , و ألوان ذلك الظلم والاستبداد.
إننی بدوری , و لأجل أداء أقل الواجب تجاه حق الامامة و الولایة , أطلب من جمیع الأحرار فی العالم من المسلمین و خصوصا الشیعة أن یحیوا أیام شهر رمضان و لیالیه المباركة و خصوصا لیالی القدر و أیام و لیالی شهادة أمیر المؤمنین و إمام المتقین صلوات الله علیه , بذكر فضائل هذا الامام المظلوم و مناقبه النورانیة بكل أدب و إخلاص و بنحو أفضل من السابق ؛ و ان یقیموا المجالس و المؤتمرات و الندوات المتنوعة فی هذا المجال , لكی یبینوا للعالم أجمع لمحة من بركات وجوده الشریف , إلى جانب رعایة مزید من الأدب و الاحترام و التعظیم فی إقامة حلقات و مجالس العزاء , لیبرزوا مزیدا من و لاءهم و محبّتهم لأهل بیت العصمة والطهارة علیهم السلام , و یقدموا أحرّ آیات العزاء و التسلیة لإمام الزمان بقیة الله الأعظم ارواح العالمین له الفداء و عجل الله تعالی فرجه الشریف. و أن یبتهلوا إلى الباری تعالى أن یعجل بفرج ظهوره الشریف لكشف الظلم و الاستبداد و إجتثاث الظالمین , و تشكیل الحكومة الالهیة المهدویة العادلة و العالمیة . " إنَّهُم یرَونَه بَعیداً وَ نَراهُ قَریباً ".
و السلام علیكم و رحمة الله و بركاته
لطف الله الصافی
رمضان المبارك ۱۴۴۰ هـ.ق