چهارشنبه: 1403/02/5
نسخة للطباعةSend by email
قراءة في كتب المرجع الصافي في باب التقريب بين المسلمين/ق2

 

 

آیة الله العظمى الشیخ لطف الله الصافی دام ظله رائد الاصلاح بین المسلمین فی العصر الحدیث

/ قراءة فی كتب المرجع الصافی فی باب التقریب بین المسلمین/

القسم الثانی

كتاب  "الصراط المستقیم" فی دفع شبهات الوهابیة

 

 

 

فی عام (1433ه) جمع بعض المؤمنین مجموعة من الشبهات والأسئلة التی یثیرها أتباع الفرقة الوهّابیة، وغیرهم من المخالفین غیر المطّلعین، ویبثّونها بوسائل مختلفة فی الكتب[مثل كتاب:"أسئلة قادت شباب الشیعة إلى الحق"]أو النشرات [ التی یتمّ توزیع بعضها بین حجّاج بیت الله الحرام لإثارة الفرقة والنّفرة بین المسلمین]، أو على شبكة التواصل الألكترونی (الإنترنیت) أو القنوات الفضائیة، أو غیر ذلك، و كان قد تصدّى للإجابة عنها العدید من علماء الشیعة مرّات وكرّات، بإجابات موثّقة ومعزّزة بالأدلة القرآنیة والروائیة الرصینة إلى جانب الأدلة العقلیة والتاریخیة البیّنة.

وقدّمها لسماحة أیة الله العظمى الشیخ الصافی الگلبایگانیدام ظلّه الوارف طالباً الإجابة علیها.

وقد بادر سماحته إلى تلبیة هذا الطّلب شعوراً منه بالمسؤولیة الشرعیة، هذا على الرغم من المسؤولیات الكبیرة التی تشغل سماحته طوال الیوم لیل نهار؛ من الإجابة على مئآت الرسائل والإستفتاءآت، واللقاءآت الیومیة المهمّة.

وقد تبلورت إجابات سماحته فی كتاب  الصراط المستقیم فی دفع شبهات الوهابیة بأسلوب علمیّ و أدبیّ رصینین، وبمضمون ثریّ یعتمد على المسلّمات بین الفرقین، لیكون بذلك مرجعاً علمیاً بارزاً للمحققین والباحثین، والدعاة والمبلّغین الذین یواجهون مثل هذه الشبهات.

و إلیك أیها القارئ العزیز جوانب من هذا الكتاب:

 

نزاهة القرآن من التحریف

س. یرى الشیعة أن ثمة آیات قرآنیة قد حذفت، وآیات أخر قد بدّلها أبو بكر وعمر؛ یروی الشیعة عن أبی جعفر أنه سئل: لماذا سمّی علی أمیر المؤمنین؟ فقال: الله تعالى هو من لقّبه بهذا اللّقب، وقد قال فی كتابه: « وإذ أخذ ربّك من بنی آدم مِن ظهورهم ذریّتهم وأشهدهم على أنفسهم ألستُ بربّكم و أنّ محمداً رسولی وأنّ علیاً أمیر المؤمنین» .

السؤال هو أولاً: إن كان أبو بكر وعمر قد حرّفا هذه الآیات فلماذا لم یبیّن ذلك علیٌ أیّام خلافته؟ وثانیاً: الله تعالى یقول: ﴿إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون﴾ فهل معنى ذلك ان نقول بتحریف القرآن كما تقول الشیعة؟

ج. إنّ الشیعة لتنكر وبشدّة وقوع التحریف فی القرآن الكریم، حتّى فی آیة واحدة منه، و تقیم الأدلة القاطعة على نزاهة القرآن من التّحریف.

هذه المسألة من أهمّ المسائل الإسلامیة ومن أساسیات مبادئ كل مسلم؛ لا ینبغی الإیحاء لأعداء المسلمین بوجود مثل هذه الشبهة حول القرآن الكریم وإثارة التّساؤل لدیهم حول إعتباره و صدوره، وإتّهام طائفة من طوائف المسلمین بهذه التّهمة الكاذبة، لا لهدف سوى العداء الطائفی، ولا یصحّ تتبّع العثرات أو البحث الجاهل عن خبر ضعیف هنا أو هناك حول هذا الموضوع نتّهم به السنة أو الشیعة. لیمنّ الله تعالى علیكم بشیء من العقل والإدراك لتذعنوا بأنكم إنّما تهاجمون أساس الإسلام بهذه الإفتراءآت.

الحق أنّكم أنتم من یقول بتحریف القرآن! أنتم و علماؤكم من إفترى علینا أنّنا كنّا فی عهد النبی صلّى الله علیه وآله نقرأ سورة بحجم سورة براءة، ولا نحفظ منها سوى آیة واحدة، ما هذا الكلام الواهی؟! عن أیّ سورة تتحدّثون أنّ النّاس كانوا یتلونها زمان النّبیّ صلّى الله علیه وآله؟

أنا لا أدری ما الذی یدفعكم لإثارة مثل هذه التساؤلات الركیكة _ التی تنال من أصول الإسلام _ وتثیر الشبهة والتساؤل حول مصداقیّة القرآن الكریم و نزاهته من التحریف، لماذا كل هذا الإصرار فی إتّهام الشیعة _ ولو فرد واحد منهم _ بتهمة القول بتحریف القرآن، والتّغافل عن كلّ علماءهم الكبار [المؤمنین بنزاهة القرآن من التّحریف] وإعطاء الذّریعة لتكالب الأعداء على المسلمین؟ لماذا لا تطرحون أصل المسألة مورد الإختلاف بین السّنة والشیعة؟ التی لا شكّ فی خروجكم مدانین خاسرین لو تجرأتم على طرحها لدى أیّة محكمة علمیّة موضوعیّة، أو هیئة أبحاث متخصّصة.

 

 

 

حرمة القرآن عند الشیعة

س. یقع الشیعة فی التناقض عند استدلالهم على إمامة أئمتهم بحدیث الثقلین ؛ فإنهم یكفرون من ینتقص الثقل الأصغر ( أهل البیت) . وأما من ینتقص الثقل الأكبر و هو القرآن و یطعن به فإنهم لا یكفرونه ؛ و یقولون إنه قد إجتهد .

 

ج. ﴿إنّما یفتری الكذب الّذین لایؤمنون بآیات الله﴾[1]؛ لعن الله المفتری فی هذا الموضوع، أو من یعتقد بذلك.

تعتقد الشیعة أن كل من یوجّه أدنى إهانة للقرآن الكریم فهو كافر، و واجب القتل. وتؤمن الشیعة بأن القرآن كما عرّف نفسه: أنه كتاب نور وشفاء وهدایة .

الشیعة تقول : « إن هذا القرآن هو النّور المبین والحبل المتین والعروة الوثقى والدّرجة العلیا»[2]. و یؤمن أتباع التشیّع [بما جاء عن أئمتهمعلیهم السلام فی حق القرآن] إذ قالوا: «إذا إلتبست علیكم الفتن كقطع اللیل المظلم فعلیكم بالقرآن»[3].

الإهانة وجّهها للقرآن الكریم كباركم و خلفاؤكم واجبو الطاعة عندكم؛ إذ رماه أحدهم بالسهم، و هجاه آخر.

ترى الشیعة وجوب إحترام القرآن وتكریمه أشد الإحترام وأكمل التكریم، الشیعة تتلو القرآن لیل نهار، وفیها آلاف الحفّاظ والمقرئین الممتازین. كما تؤمن بالثّواب الكبیر الذی یترتّب على تلاوة القرآن وتعلّمه وتعلیمه.

 

 

 

 

 

 

نزاهة القرآن من الزیادة والنقصان عند الفریقین

س.یدعی بعض الشیعة المنتسبین الى اهل البیت  وقوع التحریف فی القرآن و على رأسهم النوری الطبرسی صاحب كتاب المستدرك ؛ حیث ألف كتاب: فصل الخطاب فی اثبات تحریف كتاب رب الارباب.

یقول فی هذا الكتاب حول تحریف القرآن : (ومن الأدلة على تحریفه فصاحته فی بعض الفقرات البالغة حد الإعجاز وسخافة بعضها الآخر) !
وغایة ما یقول علماء الشیعة فی  أمثال النوری كلمة (أخطأوا)، (اجتهدوا وتأولوا ولا نوافقهم على ما ذهبوا إلیه!؟

ج. إنّ الضجّة الواسعة التی أثیرت حول تحریف القرآن الكریم، یسائل و یطالب كلّ من السنّة والشیعة  بالإجابة عنها؛ لأن من بین كل من الفریقین یوجد من تقوّل بهذه الشبهة، وإن كانت لها جذور عند  أهل السنة و أوسع إنتشارا عندهم منه عند الشیعة؛ بل عند بعض الصحابة الذین یعتبر قولهم حجة شرعیة عند أهل السنة. وقد بیّنا ذلك فی رسالة مع الخطیب فی خطوطه العریضة بشكل موثّق و واضح، كما بیّنا فیها آراء كبار علماء الشیعة، الصریحة فی نزاهة القرآن الكریم من التحریف.

على الفرقین نفی وقوع الزیادة أو النقیصة ولو فی كلمة واحدة من القرآن نفیا باتّا. وإن كنت أرى عن قناعة وتحقیق أن من الصعب جدّا على أهل السنة نفی نسبة ذلك عن بعض أكابرهم، ولعلّه أمر متعذر أیضا.

على كل حال، إن موقف الطرفین هو موقف تنزیه كتاب الله؛ وعند الشیعة مئآت بل آلاف الشواهد والبراهین فی كتب التاریخ والتفسیر والروایات، وفی الادعیة المعتبرة على إثبات صیانة القرآن من التحریف.

إن إصرار هذه الشرذمة من الجهّال على إتهام الشیعة بالقول بالتحریف لهو فی الأساس خیانة للقرآن الكریم.

وذلك أن من یزعم إثبات هذا القول فی حقّ الشیعة إنما یوجّه حرابه نحو القرآن الكریم، و إلى صدور جمیع المسلمین سنّة وشیعة، و یقدّم خدمة كبیرة للكفّار والآخرین للإحتجاج والغلبة علیه [بمنطلق: "من فمك أدینك"]؛ إذ له أن یقول: بأن فرقة مسلمة تنتسب الى أهل البیتعلیهم السلام تقول بتحریف القرآن.. ، و لا یصحّ الردّ على هذا الاحتجاج بسبّ الشیعة والبراءة منهم، و بثّ الإشاعات الكاذبة، و شعارات النفرة والفرقة كما یفعل الوهابیّون فی حقّ الشیعة.

هل الجواب على الكفّار فی أن نقول لهم: نعم الشیعة لا تعتقد بهذا القرآن، بل عندهم والعیاذ بالله قرآن غیره؟، أم أن نقول جمیعا فی جوابهم: إن المسلمین سنة وشیعة متّفقون على أن القرآن النازل على محمد صلّى الله علیه وآله هو هذا القرآن الموجود بین ظهرانی جمیع المسلمین وفی بیوت الشیعة والسنة، یتلونه جمیعاً كل یوم؟.

الشیعة لا تنسب القول بالتحریف إلى أهل السنة بذریعة التمسّك ببعض الروایات، أو بذریعة كونه مذهب بعض الصحابة المرضیین لدى أهل السنة، ولا تروّج الشیعة لبطلان مذهب أهل السنة من خلال طرح هذه المسألة إطلاقاً.

وعلى العكس فإن فیكم أهل السنة من لا یزال یتّهم الشیعة ـ هذه الفرقة الإسلامیة القرآنیة الأصیلة ـ بهذه التّهمة طوال ألف وأربعمئة عام، مقتدیاً بالنواصب وبنی أمیة، أجل، لازلتم مصرّین على نشر هذه التّهمة الواهیة وطبع الكتب والنشرات حولها، وما هی إلا تهمة و إهانة للقران، و إستهداف لطائفة مسلمة مرجعها القرآن الكریم، تستنیر بالكتاب وهی أكثر تمسّكاً به منكم. هذا بدلاً من الدفاع عن القرآن الكریم و نزاهته من التحریف، و التأكید أمام الأعداء على وحدة الصف، وإجماع الأمة.

أتساءل هل هذه المواقف والتهم ضد الشیعة عقلائیة؟ هل یرتضیها العقل والمنطق؟ هل ینتفع بها الاسلام أو المسلمون فی هذا العصر أم الإستعمار؟ یعلم الله أن أعظم المصائب والمحن التی یمرّ بها الاسلام والمسلمون فی هذا العصر هو ما یصنع فی موسم الحج فی مكة والمدینة من فئة جلّ همّها بثّ الفرقة والنشر الكراهیة بین المسلمین، وهدم معالمهم التاریخیة، وآثار أمجادهم، فلم یبقوا منها شیئاً یذكر، ولقد ألحقوا بذلك أكبر الخسائر العلمیة بالاسلام.

    قرآن المسلمین واحد

س. قاتل أبو بكر المرتدّین و قال: لأقاتلن من فرّق بین الصلاة والزكاة فان الزكاة حق المال والله لو منعونی عقالا كانوا یؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه.

لكن الشیعة یقولون: لم یظهر علی القرآن الذی دوّنه بإملاء النبی ، خوفا من أن یرتدّ الناس ، والحال أنه كان خلیفة مسدّدا من قِبَل الله تعالى كما یزعم الشیعة؟ مع ذلك لم یخرج القرآن خوفا من ارتداد الناس ، و رضی لهم البقاء على ضلالهم ؟

الجواب: یعتقد الشیعة أن قرآن أمیر المؤمنین علی علیه السلام هو هذا القرآن الموجود بین المسلمین من السنة والشیعة. و أما المصحف الذی كان عنده فهو ما كان یشتمل على شؤون الآیات المختلفة ؛ و خصوصا أسباب النزول و ملابساته ، وبیان الآیات الخاصة من حیث اللفظ المراد منها هل الخصوص أم العموم  ، وإذا كانت عامة من حیث اللفظ هل المراد بها الخصوص ؟ فهذا باب مهم فی بیان معانی القرآن الكریم و آیاته الكریمة ، و لكن للأسف الناس لم یؤمنوا به و لم یتقبّلوه ، بل اكتفوا بصرف النص القرآنی ، و ألفاظه التی نزل بها الوحی . و حرموا بذلك أنفسهم من عالم واسع من العلم و الفقه بآیات الكتاب العزیز ، و إن كان الأئمة الظاهرون علیهم السلام قد تعرضوا فی مناسبات عدیدة لبیان هذه الجهات بمرور الزمان   .

إنما كان الواجب على أمیر المؤمنین علیه السلام عرض علمه للناس، لا أنه فی هذه الظروف یجعل من هذا العلم مادة للإختلاف و الحرب الداخلیة.

و اما بعد تغیر هذه الظروف فلم یتوانى علیه السلام فی بیان علومه كلما طرحت علیه الأسئلة أو وجد الفرصة المناسبة التی تقتضی ذلك.

فمن الواضح والذی بیّن مرارا أن الأوضاع بعد رحلة النبی صلى الله علیه و آله كانت حرجة وحساسة جدا .

فقضیة الإرتداد التی تتحدث عنها ؛ هل حقّا قاتل أبو بكر المرتدین، هل كان من وصفهم بالإرتداد مرتدین جمیعهم حقا أم كان لهم تحفّظ على تسلّم هذا الفریق للسلطة ؟

هل كان مالك بن نویرة الذی قتلوه بحجة الارتداد مرتدّا فعلا، و الحال أنه أنما كان یرى عدم شرعیة حكومة أبی بكر فقط، و بذریعة الأعتداء على زوجته قالوا هو مرتد. ففی هذه القضیة حتى عمر اعترض على أبی بكر و كان یرى خالد بن الولید مستحقا للقصاص[4]. و أما ابو بكر فمضافا إلى أنه لم یرد على خالد بن الولید فی ظلمه لمالك لم یقتص منه ، و ضیّع بذلك حكم الله تعالى.

 

 

 

 

 

 

أهل البیت علیهم السلام مفسّرو القرآن

س. قال الله عز وجل: {اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَیْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِیَاء}ـ [الأعراف:3] فهذا نص فی إبطال اتباع أحد دون رسول الله وإنما الحاجة إلى فرض الإمامة لینفذ الإمام عهود الله تعالى الواردة إلینا فقط، لا لأن یأتی الناس بدین جدید ، و لا لأن یأتی الناس بما لا یشاؤنه فی معرفته من الدین الذی أتاهم به رسول الله ، ووجدنا علیاً إذ دعی إلى التحاكم إلى القرآن أجاب، وأخبر بأن التحاكم إلى القرآن حق. فإن كان علیّ أصاب فی ذلك فهو قولنا، وإن كان أجاب إلى الباطل فهذه غیر صفته ، ولو كان التحاكم إلى القرآن لا یجوز بحضرة الإمام لقال علی حینئذ: كیف تطلبون تحكیم القرآن، وأنا الإمام المبلغ عن رسول الله ؟

 
ج. حصل هنا خلط فی المطالب ، وتم ادخال مطلب فی مطلب آخر عمدا ؛ فإنه أولا أساس المذهب لدى الشیعة ، و ركیزة بنائهم العقائدی والعملی هو القرآن الكریم و تعالیم النبی صلى الله علیه و آله و إرشاداته ، و لم یقول الشیعة و لن یقولوا بأی أمر خارج عن الكتاب والسنة إطلاقا. إن من إدعى التسنن من البدایة هو من ترك السنة ، و رفع شعار : « حسبنا كتاب الله»[5]. ومنع روایة الحدیث بعد النبی ، ومنع الإعتماد على السنة النبویة صلى الله علیه و آله[6].
ثانیا إن جمیع أصول الشیعة قرآنیة ، أو أن لها أصل صریح و قطهب الصدور عن النبی صلى الله علیه و آله.

فإن آیة الولایة[7]، و آیة التطهیر[8]، و حدیث الثقلین[9]، تأمر صراحة بعدم التقدم على العترة ولا التأخر عنهم. و تنص على لزوم الاتباع الكامل لهم. فهی نصوص تبین أصول الشیعة و مبانیها.

و طبق حدیث السفینة [10] فإن النجاة فی إتباع أهل البیت علیهم السلام. و لا حجیة لقول أی احد آخر  غیر أهل البیت و لا لرأیه فی تفسیر القرآن  ولا فی بیان الأحكام.

ترتكز الشیعة على ركائز قرآنیة رصینة أخرى أمثال قوله تعالى: ﴿ و ما یستوی الأعمى و البصیر﴾[11]  و قوله: ﴿أفمن یهدی إلى الحق أحق أن یتّبع أم لا یهدی إلا أن یهدى﴾[12].

أنه أنتم من یوجبون إتباع أی جاهل ، أو جائر وظالم، وتتخذونه قدوة لكم.

 

حقیقة مصحف فاطمةعلیها السلام فی الأخبار

س: روى الكلینی فی الكافی عن أبی بصیر عن جعفر بن محمد قال: «وإن عندنا لمصحف فاطمة علیها السلام، وما یدریهم ما مصحف فاطمة علیها السلام ؟ قال أبو بصیر: قلت : وما مصحف فاطمة علیها السلام ؟ قال : مصحف فیه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فیه من قرآنكم حرف واحد».

هل لرسول الله صلى الله علیه و آله و أصحابه علم بمصحف فاطمة؟ و إن كان لا علم للنبی صلى الله علیه و آله بمصحف فاطمة فكیف علم به أهل البیت ؟!

ج: كثیرة هی الأخبار و الروایات التی تشتمل على غرابة فی المضمون، و تقع محلا للتوقف والاستبعاد، وخصوصا فی مرویات محدّثی أهل السنة.

فحینما یختار البخاری صاحب الكتاب المسمى بالصحیح مقدارا قلیلا من بین ستمئة الف حدیث، فلا شك فی وجود أنواع من الآحادیث، ولا یصح  و لا یمكن أن نحسبها على الاسلام، و لا یمكن أن ننسبها إلى الاسلام.

یقول ابن عقدة و هو أحد حفّاظ الحدیث:  أحفظ مئة ألف حدیث بالأسناد والمتن، وأذاكر بثلثمئة ألف حدیث.

و مع هذا لا تخلو هذه الصحاح و المسانید و الجوامع الروائیة من وجود بعض المضامین المستبعدة و غیر المقبولة. كما أن أحادیث الشیعة ایضا لیست منزّهة من وجود بعض الروایات الغریبة لكنه لا یتجاوز حدّ الندرة.

من جانب آخر، مجرد الغرابة لا یسقط الروایة عن الاعتبار والحجیة، ففی الأصل یجب العمل بمحكمات الروایات، والتعویل علیها فی الأساس. عند بیان أصول المذهب والتعریف بالعقیدة لابد من تحكیم الأصول الأصیلة لا غیر.

و ما یمتاز به الشیعة عن سائر الفرق من الأصول هو خصوص ما دلّت علیه الآیات القرآنیة والروایات المعتبرة، الصحیحة، بل والمتواترة دلالة صریحة؛ الآیات القرآنیة و سورة هل أتى و آیة ﴿المودّة فی القربى﴾ و﴿إنما ولیّكم الله و رسوله﴾، وآیة التبلیغ﴿ بلّ ما أنزل إلیك من ربّك﴾. وآیات كثیرة وأحادیث الثقلین المتواترة، مع التأكید على هذا القید: «ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدی»، و ایضا : « لا تعلّموهم؛ فإنّهم أعلم منكم» إلى جانب الإعلان الرسمی فی غدیر خم، والأحادیث الأخرى.

أجل لا توجب مجرد الغرابة والاستبعاد فی نص ما إشكالیة و منقصة، والا فإن لمنكری الاسلام و القرآن الحق فی إنكار المعجزات التی تحدّث عنها القرآن فی حق الأنبیاء؛ كإنقلاب العصا أفعى، و خروج ناقة من بطن الجبل، وغیرها مما استبعده من إمان له بالله تعالى. لكن إنكاره لا یغیّر من الحقیقة والواقع شیئا.

أنتم وكل مسلم معتقد بالقرآن الكریم یؤمن بما جاء به من معجزات نبی الله سلیمان علیه السلام وما أعطاه الله تعالى من إمكانات خارقة وتسخیر الشیاطین له من بنّاء و غوّاص، و لا یستبعد أی مسلم أیّ شیء من ذلك كله إذن لماذا لا تطیقون و تستبعدون أن یخصّ الله تعالى نبیّه الكریم صلى الله علیه و آله، و المنتجبین من أهل بیته علیهم السلام بمقامات و كرامات خاصة بإذنه تعالى؟ من یؤمن بالغیب و قدرة الله تعالى المطلقة, لا ینكر ولا یستبعد أن یمنّ سبحانه و تعالى علیهم بالمراتب و المقامات العالیة والعلوم الخاصة؛ فإنها جمیعا تحت قدرته تعالى. والله هو القادر المتعال.

 

 

[1] . النحل: 105.

[2] .  الفیض الكاشانی، الوافی، ج1، ص17؛ المجلسی، بحار الأنوار، ج89، ص31.

[3] .  الكلینی، الكافی، ج2، ص599، الحر العاملی، وسائل الشیعة، ج6، ص171.

[4] . الطبری، تاریخ الطبری ، ج2 ، ص 503  ، الجزری ، الكامل فی التاریخ ، ج2 ، ص357ـ359.

 

[5] . البخاری ، صحیح البخاری، ج5، ص137ـ 138، مسلم النیشابوری، صحیح مسلم، ج5، ص76.

 

[6] . كنوذج على منع أبی بكر لنقل الأحادیث إقرأ ما روته عائشة ، قالت: جمع أبی الحدیث عن رسول الله صلى الله علیه وسلم وكانت خمسمائة حدیث فبات لیلته یتقلب كثیرا قالت فغمنی فقلت أتتقلب لشكوى أو لشئ بلغك ؟ فلما أصبح قال أی بنیة هلمی الأحادیث التی عندك فجئته بها فدعا بنار فحرقها .. الذهبی، تذكرة الحفاظ، ج1، ص5.

 

[7] . النحل: 105.

[8] . النحل: 105.

[9] . النحل: 105.

[10] . النحل: 105.

[11] . النحل: 105.

[12] . النحل: 105.

الأربعاء / 3 يوليو / 2019