جمعه: 10/فرو/1403 (الجمعة: 19/رمضان/1445)

تعیین الفرقة الناجیة

 

فإذن لا نجد مرجعاً فی نفس هذه الأحادیث لتعیین الفرقة الناجیة غیر مثل الحدیث الّذی أخرجه أخطب خوارزم، وابن مردویه، والحافظ الشیرازی عن أنس،([1]) وغیر الحدیث الّذی أخرجه الحافظ الصغانی،([2]) وقد دلّ الأوّل على أنّهم شیعة علیّ، والثانی على أنّهم هم المتمسّكون بالثقلین: كتاب الله والعترة.

ونحن لا نحبّ الخوض فی هذه المسائل الكلامیة الّتی طال اشتغال الفریقین بها، ویغنی الباحثین ما كتبه السلف فیها، إلّا أنّ بعض من یكتب كذباً وزوراً عن الشیعة ما یوافق هواه، حیث تعرّض لكلام المحقّق الطوسی فی شرح الحدیث، واستشهد بزعمه به، لما یرید من إثارة الفتن بین المسلمین والافتراء على الشیعة بأنّها تخالف المسلمین فی

 

الاُصول، أوجب علینا أن نبیِّن له ولأمثاله معنى ذلك، وأنّهم أرادوا بمباینتهم مع الجمیع أنّ الجمیع یتشاركون فی الاُصول والعقائد الموجبة لدخول الجنّة، ولا یخالفهم أحد سوى الإمامیة، فإنّهم اشترطوا فیه بالأدلّة الصحیحة ولایة الأئمّة الإثنی عشر أیضاً، ومعنى ذلك: أنّهم شاركوا الجمیع فی العقائد الإسلامیة الموجبة لدخول الجنّة، وباینوا الجمیع؛ لاشتراطهم فی دخول الجنّة ولایة الأئمّة، فهم أهل النجاة، فلابدّ لنا من نقل كلام المحقّق الطوسی عمّن هو الأصل فی حكایته عنه، وهو العلّامة الحلّی فی كتابه منهاج الكرامة، وإجراء الكلام على سبیل الإیجاز حول تعیین الفرقة الناجیة.

قال العلاّمة فی منهاج الكرامة: الوجه الثانی فی الدلالة على وجوب اتّباع مذهب الإمامیة ما قاله شیخنا الإمام الأعظم الخواجة نصیر الحقّ والملّة والدین محمد بن الحسن الطوسی قدّس الله روحه، وقد سألته عن المذاهب فقال: بحثنا عنها، وعن قول رسول الله(ص): «سَتَفْتَرِقُ اُمَّتِی عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعینَ فِرْقَةً، فِرْقَةٌ مِنْهَا نَاجِیَةٌ، وَالْبَاقِی فِی النَّارِ»، [وقد عیّن الفرقة الناجیة والهالكة فی حدیث آخر صحیح متّفق علیه، وهو قوله(ص): «مَثَلُ أَهْلِ بَیْتِی كَمَثَلِ سَفینَةِ نوُحٍ، مَنْ رَكِبَهَا نَجَا، وَمَنْ تَخَلَّفَ

 

عَنْهَا غَرِقَ»([3])]، فوجدنا الفرقة الناجیة هی الإمامیة؛ لأنّهم باینوا جمیع المذاهب، وجمیع المذاهب قد اشتركت فی اُصول العقائد.([4])

وننقل أیضاً كلام السیّد الجزائری عن كتابه الأنوار النعمانیة، قال بعد نقل كلام المحقّق الطوسی: وهذا تحقیق متین، وحاصله: أنّه لو كانت الفرقة الناجیة غیر الإمامیة لكان الناجی كلّهم، لا فرقة واحدة؛ وذلك لأنّهم متشاركون فی الاُصول والعقائد الموجبة لدخول الجنّة، ولا یخالفهم أحد سوى الإمامیة، فإنّهم اشترطوا فی دخول الجنّة ولایة الأئمّة الإثنی عشـر والقول بإمامتهم،([5])انتهى كلامه.

 

 

 

 

([1]) ابن مردویه الأصفهانی، مناقب علیّ بن أبی طالب×، ص244؛ الخوارزمی، المناقب، ص331؛ الخوانساری، روضات الجنات، ج2، ص288.

([2]) مرّ فی الصفحة 9.

([3]) النعمانی، الغیبة، ص51؛ الطبرانی، المعجم الأوسط، ج4، ص10؛ المغربی، شرح الأخبار، ج2، ص206؛ الهیثمی، مجمع الزوائد، ج9، ص168؛ المجلسی، بحار الأنوار، ج23، ص105، 120، 123.

([4]) العلّامة الحلّی، منهاج الكرامة، ص49.

([5]) الجزائری، الأنوار النعمانیة، ج2، ص279.

نويسنده: