پنجشنبه: 6/ارد/1403 (الخميس: 16/شوال/1445)

تنبیه

 

أخرج الحاكم فی المستدرك، فی كتاب الفتن، قال: أخبرنا محمد بن المؤمّل بن الحسن، حدّثنا الفضل بن محمد بن المسیّب، حدّثنا نعیم بن حمّاد، حدثنا عیسى بن یونس، عن جریر بن عثمان، عن عبد الرحمان بن جبیر بن نفیر، عن أبیه، عن عوف بن مالك ـ رضی‎ الله‎ عنه ـ، قال: قال رسول الله(ص): «سَتَفْتَرِقُ اُمَّتی عَلَى بِضْعٍ وَسَبْعِینَ فِرْقَةً، أَعْظَمُهَا فِرْقَةً قَوْمٌ یُقِیسُونَ الْاُمُورَ بِرَأْیِهِمْ، فَیُحَرِّمُونَ الْـحَلَالَ وَیُحَلِّلُونَ الْـحَرَامَ»، هذا حدیث صحیح على شرط الشیخین، ولم یخرجاه.([1])

دلّ هذا الحدیث على ذمّ أعظم الفرق، فرقة هی أكثرهم عدداً وجماعة، وهم أهل القیاس والرأی، الّذین یحرّمون الحلال ویحلّلون الحرام، ولا یخفى أنّ معظم أهل السنّة والجماعة هم أهل الرأی والقیاس.

ویؤیّد هذا ظاهر حدیثه الآخر، وهو ما أخرجه ابن ماجة عنه، قال: قال رسول الله(ص): «اِفْتَرَقَتِ الْیَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعینَ فِرْقَةً، فوَاحِدَةً

 

فِی الْـجَنَّةِ وَسَبْعُونَ فِی النَّارِ، وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَیْن وَسَبْعَینَ فِرْقَةً، فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِی النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِی الْـجَنَّةِ، وَالَّذِی نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِیَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ اُمَّتِی عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعین فِرْقَةً، وَاحِدَةٌ فِی الجْنَّةِ وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِی النَّارِ»، قیل: یا رسول الله، مَن هم؟ قال: «الْـجَمَاعَةُ».([2]) فإنّ ظاهره السؤال عن الفرق الّتی تكون فی النار، فقال: «الْـجَمَاعَةُ».

وسواء كان ظاهر حدیث ابن ماجة عنه هذا أم لم یكن فلا ریب أنّ حدیث الحاكم عنه معارض لحدیث فُسّر فیه الناجیة بالجماعة، إلّا إذا كان المراد منها ما نصّ علیه علیّ‎(ع) فی حدیث أخرجه عنه فی كنز العمّال،([3]) وإذا دار الأمر بین الأخذ بحدیث الجماعة وحدیث الحاكم وجب الأخذ بالأخیر، فإنّ حدیث الجماعة مطعون ‎فیه من حیث السند والمتن والدلالة.

وممّا لا شكّ فیه أنّ الشیعة لیست من الفرق العاملة بالقیاس والرأی الّتی دلّ هذا الحدیث الصحیح على ذمّها؛ لشدّة تمسّكهم بالكتاب والسنّة، وعدم جواز العمل بالقیاس والرأی عندهم، وهذا معروف من مذاهب أئمّتهم، مذكور فی كتبهم.

 

وقد بیّنّا فی بعض تصانیفنا أنّ سبب أخذ القوم بالقیاس فی الأحكام الشرعیة قلّة مصادرهم، ومیلهم عن أهل البیت، وعدم رجوعهم إلى الروایات المأثورة عنهم.([4])

ثم لا یخفى علیك أنّ الأدلّة الستّة الّتی أقمناها على أنّ الناجیة من الفرق هی الشیعة قائمة علیها، وإن قیل بعدم صحّة أحادیث افتراق الاُمّة.

فكلّ منها دلیل مستقلّ وبرهان واضح على أنّ المذهب الصحیح بین جمیع المذاهب لیس إلّا مذهب أهل البیت(ع). والحمد لله الّذی هدانا لهذا وما كنّا لنهتدی لولا أن هدانا الله.

فنعم ما قیل:

إِذَا[S1]  شِئْتَ أَنْ تَرْضَى لِنَفْسِكَ مَذْهَباً
 

یُنَجِّیكَ یَوْمَ الْـحَشْرِ عَنْ لَـهَبِ النَّارِ
 

فَدَعْ عَنْكَ قَوْلَ الشَّافِعیِّ وَمَالِكٍ
 

وَأَحْمَدَ وَالْـمَرْویَّ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ
 

فَوَالِ اُنَاساً قَوْلُهُمْ وَحَدیثُهُمْ
 

رَوَى جَدُّنَا عَنْ جِبْرِئیلَ عَنِ الْبَارِی

 

 

 

([1]) الحاكم النیسابوری، المستدرك، ج 4، ص430.

([2]) ابن ماجة القزوینی، سنن، ج2، ص1322، ح 3992.

([3]) المتّقی الهندی، کنز العمّال، ج16، ص183 ـ 184، ح44216.

([4]) مجموعة الرسائل للمؤلّف، ج2، ‌ص330.


 [S1]اشعار پلکانی و bold شود.

نويسنده: 
کليد واژه: