چهارشنبه: 5/ارد/1403 (الأربعاء: 15/شوال/1445)

الاعتقاد فی العرش

 

یستفاد من کلام الصدوق أنّ العرش یطلق على مجموع الخلق، ویطلق على العلم أیضاً، وروى الشیخ الصدوق هنا حدیثا عن أبی عبد الله الصادق× قد رواه فی كتاب التوحید أیضاً،([1]) إذ سئل× عن قوله تعالی: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾،([2]) فقال×: «اسْتَوَى‏ مِنْ‏ كُلِ‏ شَیْ‏ءٍ فَلَیْسَ شَیْ‏ءٌ أَقْرَبَ إِلَیْهِ مِنْ شَیْ‏ءٍ».([3]) والظاهر من هذه الروایة أنّه استشهد بإطلاق العرش على العلم، واستفاد منه أنّ نسبة جمیع الأشیاء إلی علم الله‏ على سبیل الاستواء والتساوی، فلیس شیء أقرب إلیه من شیء.

ثم روى بعض الأخبار الواردة فی حملة العرش من الملائكة،([4]) وینبغی أن نقول: إنّها إذا لم یمكن تأویلها من الأخبار نفسها فلا ننفی ظاهرها بل

 

نقول: ﴿ومَا یَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ؛([5]) و «سبحانك ما أعظم ما نرى من خلقك، وما أصغر عظیمه فی جنب ما غاب عنّا من قدرتك».

ومع ذلك ـ كما أشرنا آنفاً ـ الاعتقاد بهذه المعانی واجب بأخبار الآحاد ویحصل بها الیقین والاعتقاد لکلّ أحد.

وفی القسم الآخر من هذا الباب فسّر حملة العرش بالمعنى الثانی، أی: «العلم» ومن جملتهم بل أكملهم رسول الله| والأئمّة الطاهرین^،([6]) وکلّ شیعیّ مؤمن بولایة الأئمّة الاثنی عشـر^ یعتقد بذلك، وقد أدلى المفید فی هذا الباب بدلوه فقال:([7]) «العرش فی اللغة هو الملك، والاستواء علیه هو الاستیلاء علیه، فأمّا الوصف للعلم بالعرش فهو فی مجاز اللغة دون حقیقتها... فأمّا العرش الّذی تحمله الملائكة فهو بعض المُلك، والأحادیث الّتی  رویت فی صفة الملائكة الحاملین للعرش، أحادیث آحاد وروایات أفراد لا یجوز القطع بها ولا العمل علیها»،([8]) والله هو العالم.

 

 

 

([1]) الصدوق، التوحید، ص315.

([2]) طه، 5.

([3]) الصدوق، الاعتقادات فی دین الإمامیة، ص45.

([4]) الصدوق، الاعتقادات فی دین الإمامیة ، ص45 ـ 46.

([5]) المدّثّر، 31.

([6]) الصدوق، الاعتقادات فی دین الإمامیة ، ص46.

([7]) یحسن بنا أن نشیر إلی أنّ ما بین المعقوفین هو مقاطع من أقوال المفید ذكرت مراعاة لترجمة الأصل؛ لأنّ الكاتب لم یذكر من أقوال المفید إلّا عصارتها. المترجم.

([8]) المفید، تصحیح اعتقادات الإمامیة، ص75 ـ 78.

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: