شنبه: 1/ارد/1403 (السبت: 11/شوال/1445)

الاعتقاد فی العلویة

 

إنّ اختلاف نظر هذین العالمین العلمین الجلیلین هو فی تفسیر الآیة الكریمة: ﴿قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبَى﴾؛([1]) حیث فسـّر الصدوق کلمة «إلّا» فی الآیة بمعنى الاستثناء،([2]) لكنّ المفید جعل کلمة «إلّا» بمعنى لكن،([3]) فیكون مفاد قول الصدوق بناءً على هذا: أنّ النبیّ| قال لاُمّته ما معناه: لا أطلب منكم أجراً غیر مودّة القربى، ویكون مفاد الشیخ المفید من تفسیر الآیة: إنّی لا أطلب منكم أجراً، وإنّما أطلب منكم أو اُوجب علیكم المودّة فی القربى.

وقد قال المفید: «لا یصحّ القول بأنّ الله تعالى جعل أجر نبیّه مودّة أهل بیته^ ولا أنّه جعل ذلك من أجره|؛ لأنّ أجر النبیّ| فی التقرّب إلی الله تعالى هو الثواب الدائم وهو مستحقّ على الله تعالى فی

 

عدله وجوده وكرمه، ولیس المستحقّ على الأعمال یتعلّق بالعباد؛ لأنّ العمل یجب أن یكون لله تعالى خالصاً، وما کان لله فالأجر فیه على الله تعالى دون غیره.

هذا مع أنّ الله تعالى یقول: ﴿یَا قَوْمِ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِیَ إِلَّا عَلَى الَّذِی فَطَرَنِی﴾؛([4]) فلو کان الأجر على ما ظنّه أبو جعفر فی معنى الآیة، لتناقض القرآن، حتّى قال: فیكون قوله: ﴿قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً﴾؛([5]) کلاماً تامّاً، ویكون قوله: ﴿ إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبَى﴾؛([6]) کلاماً مبتدأ،... إلخ.([7])

لكنّ الظاهر أنّ هاتین الجملتین بعضها مرتبط ببعض، مسوقتان للترغیب فی: ﴿الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبَى﴾؛([8]) ولیست الجملة الاُولى: ﴿لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً﴾؛([9]) هی لعدم سؤال الأجر، بل هی مقدّمة وتمهید لبیان مفاد الجملة الثانیة، فهی بهذا المعنى أنّی لا اُرید منكم أجراً

 

قبال حقّ الرسالة العظیم علیكم سوى المودّة فی القربى، ولمّا کانت الجملتان مترابطتین فلا تهافت بینهما.

وأمّا (قول المفید) بأنّ الرسالة لكونها عملاً لله فأجرها على الله، فجواب هذا الکلام: أنّ لازم أداء هذا العمل لله هو إثبات الحقّ لرسول الله على اُمّته، والاُمّة مسؤولة أیضاً أن تؤدّی ما علیها من الحقّ، لذا فقد کلّفت هذه الاُمّة عرفاً وترغیباً لأداء حقّ الرسالة بهذا البیان وهو مودّة ذوی القربى من أهل بیت محمّد  صلوات الله علیهم أجمعین.

وعلى کلّ حال، فینبغی أن یعالـج هذا الکلام برُمّته فی التفسیر، لكن ما ینبغی الإشارة إلیه وبناءً على التفسیرین ووفقاً لما ورد فی الروایات الكثیرة، فإنّ المراد بالقربى هو قربى رسول الله|، وقد اتّفقت وجهتا نظر الصدوق والمفید على ذلك.

 

 

([1]) الشورى، 23.

([2]) الصدوق، الاعتقادات فی دین الإمامیة، ص111.

([3]) المفید، تصحیح الاعتقادات الإمامیة، ص140ـ141.

([4]) هود، 51.

([5]) الأنعام، 90؛ هود، 51؛ الشورى، 23.

([6]) الشورى، 23.

([7]) المفید، تصحیح اعتقادات الإمامیة، ص140ـ141.

([8]) الشورى، 23.

([9]) الشورى، 23.

موضوع: 
نويسنده: