جمعه: 10/فرو/1403 (الجمعة: 19/رمضان/1445)

معوِّقات وحدة الكلمة

كان المانع من تحقیق هذا الهدف المقدّس إلى الآن هو الاستعمار الحربیّ والعسكری، أو الاقتصادی أو الثقافی ومن ثمّ حبّ الدنیا والمال والجاه، وعدم تقیّد أغلب الرؤساء والاُمراء والملوك والحكّام بنظم الإسلام، وعدم مراعاتهم لمصالحه. وبذلك فرّقوا المسلمین وجعلوهم شیعاً، واختلقوا فی كلّ قطر وبلد حكومة، إن لم نقل: إنّها اُسّست فی الأصل لمصلحة الاستعمار، فبالإمكان القول: إنّها اُسّست على قاعدة تجعل لكلّ حكومة سیاسةً خاصّةً وأهدافاً مستقلّة، لا ینتفع بها الإسلام والمسلمون، اللّهمّ سوى الطغمة الحاكمة فی تلك المنطقة. والاستعمار بعد ذلك هو المستفید الوحید من هذه التفرقة تمام الفائدة، بل إنّه یرى بقاءه فی وطننا الإسلامی الكبیر منوطاً بهذه التفرقة، مع أنّ الإسلام یؤكّد على ضرورة أن یكون لجمیع المسلمین بل لجمیع أبناء البشـر سیاسة موحّدة وحكومة واحدة تحفظ جمیع سكّان الأرض شرقها وغربها؛ إذ یقول الله تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾.([1])

وهناك مانع آخر كان له فیما مضـى أثر كبیر فی ضعف المسلمین

 

وتفریق كلمتهم، حتى وصل بهم الأمر إلى رمی بعضهم البعض بالكفر والشـرك، ألا وهو روح النفاق و عنصـر اللجاج والعناد والتعصّب الأعمى الشخصی والقبلیّ!

فالباحث فی التاریخ الإسلامی یقـرأ الكثیر عن الحروب الدامیة والغزوات المدمِّرة، الّتی راح ضحیّتها جماعات من المسلمین، إثر البحوث الكلامیة بین الأشاعـرة والمعتزلة، والخلافات الشدیدة بین معتنقی المذاهب الأربعة، والعصبیات الّتی قضت على حرّیّة التفكیر الشیعی، وحالت دون أخذ التفسیر والفقه وسائر العلوم الإسلامیة عن أئمّة أهل البیت^.

 

([1]) الأنبیاء، 92.

موضوع: 
نويسنده: