چهارشنبه: 29/فرو/1403 (الأربعاء: 8/شوال/1445)

دفع الوهم

 

المبحث السابع: ربّما یتوهّم استفادة وقوع البداء فی بعض ما نصّ الله‏ والنبیّ أو الولیّ به من بعض الآیات والروایات، مثل قوله تعالى:

﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى‏ ثَلَاثِینَ لَیْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْـرٍ فَتَمَّ مِیقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً﴾؛([1])

وقوله تعالى: ﴿فَلَوْ لَا كَانَتْ قَرْیَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِیمَانُهَا إلَّا قَوْمَ یُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْیِ فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى‏ حِینٍ‏﴾.([2])

ومن الروایات، مثل ما ورد فی وقوع البداء فی إسماعیل ابن الإمام جعفر الصادق×،([3]) وفی أبی جعفر محمّد بن الإمام علیّ النقیّ×.([4])

ومثله ما ورد فی إخبار روح الله‏ عیسى ـ على نبیّنا وآله وعلیه السلام ـ

 

بموت امرأة تهدى إلی زوجها فی لیلتها، فلمّا أصبحوا جاؤوا فوجدوها على حالها.([5])

وفی أنّ الله‏ تعالى أوحى إلی نبیّ من أنبیائه بأن یخبر فلان الملك أنّی متوفّیه إلى كذا وكذا،([6]) وفی شابّ کان عند داود إذ أتاه ملك الموت فسلّم علیه وأحدّ ملك الموت النظر إلی الشابّ.([7])

وما ورد فی نبیّ من أنبیاء بنی إسرائیل أنّ الله‏ وعده أن ینصـره إلی خمسة عشـر لیلة،([8]) ونبیّ وعده الله‏ النصرة إلی خمسة عشره سنة،([9]) وفی إخبار النبیّ| بقتل یهودیّ یعضّه أسود فی قفاه،([10]) وما ورد فی تعیین وقت الفرج والرخاء.([11])

والجواب عن هذا التوهّم:

 

أوّلاً: أنّه یمكن أن یقال: إنّ ما قلنا بعدم وقوع البداء فیه بدلالة العقل والنقل علیه هو إخبار النبیّ أو الولیّ عمّا من شأنهما أن یخبرا عنه، كالتنصیص على الأوصیاء والخلفاء والإخبار عن المغیّبات إظهاراً للمعجزة وفی مقام التحدّی والاحتجاج وإعلاماً لعلائم الحقّ والباطل، وإعلاماً لبعض ما یقع من جلائل الحوادث والفتن، كفتنة الدجّال والشجرة الملعونة وغیرها من الإخبارات الّتی  تؤكّد وقوعها معنى النبوّات وتقوّی الوعی الإیمانیّ والاهتداء إلی الحقّ والصواب.

وأمّا ما ذكرتم من الآیات والأخبار فما فیها من الإخبار، إخبار عن اُمور جزئیة لا ترتبط بالعقائد والشـرعیات من الاُصول والفروع، والإخبار عنها کان بعد إثبات نبوّة النبیّ أو ولایة الولیّ المخبر عنه بالمعجزة أو بالنصّ أو کلیهما، مع ما یدلّ فی نفس الواقعة بعد ظهور كونها بدائیة من أنّ ما أخبر عنه إنّما لم یقع لكونه من الاُمور الموقوفة، فكان موت هذا مثلاً موقوفاً على ترك الصدقة أو صلة الرحم أو بقائه وتأخیر أجله موقوفاً على الصدقة وصلة الرحم، فلمّا وصل الرحم، اُخّر فی أجله، ومع وجود هذه الدلالة فی الواقعة لیست دلالة الإخبار عن الأمر الموقوف الّذی لم یقع، على جلالة قدر شأن النبیّ أو الولیّ بأقلّ من وقوعه على طبق إخباره، بل یكون هذا أفید وآكد فی استصلاح الناس وموعظتهم ودعوتهم إلى البرّ والخیر.

 

ولو تأمّلنا فی الموارد الّتی ورد عدمُ وقوع ما أخبر به النبیّ أو الولیّ، نجد فی جمیعها شاهداً على ذلك، سواء اعتبر هذا الشاهد بمنزلة القرینة على أنّ المخبر عمل بالتوریة فی خبره، أو أنّه کان مأموراً بالإخبار عنه، وأن لا قبح فی ذلك بعد وجود فائدة ومصلحة فیه، وظهور حقیقة الأمر على الناس، ویأتی لذلك مزید بیان إن شاء الله‏ تعالى.

وثانیاً: نقول: إنّ الآیات الّتی فسّرت بالبداء، بعضها لا یدلّ على أزید من كون بعض الاُمور بدائیاً وموقوفاً على أمر وجودیّ أو عدمیّ، بل لا یدلّ أزید من كونه غیر حتمیّ الوقوع وأنّه بمشیّة الله‏ تعالى، كقوله تعالى: ﴿یَمْحُوا اللّٰهُ مَا یَشَاءُ وَیُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ‏﴾؛([12])

وقوله جلّ وعزّ: ﴿وَمَا یُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا یُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إلَّا فِی‏ كِتَابٍ﴾.([13])

وبعضها وإن ادّعی دلالته على إخبار الله‏ تعالى أو نبیّه بأمر وقع خلافه، إلّا أنّه لم یثبت دلالته على ذلك، مثل قوله تعالى: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى‏ ثَلَاثِینَ لَیْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِیقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعینَ لَیْلَةً ﴾.([14]) فإنّ صحّة دعوى دلالته على عدم زیادة زمان المیعاد على ثلاثین، موقوفة على حجّیة مفهوم العدد الّذی ثبت فی الاُصول عدم حجّیته بل عدم

 

دلالته،([15]) ومثله لا یدلّ على أزید من الوعد بالثلاثین، ولا یدلّ على تقییده بعدم تشرّف موسى بالزیادة على ذلك العدد، ففی الحقیقة ما هو الموقوف الإتمام بالأربعین، فإنّه موقوف على ثلاثین دون العكس، فلا یجیء منه تكذیب النبیّ، وإن شئت فقل: إنّه یدلّ على عدم وقوع المیعاد على الأقلّ لا  الأكثر.

وبعض الآیات كقوله تعالى حكایة عن خلیله إبراهیم×: ﴿یَا بُنَیَّ إِنِّی أَرَى‏ فِی الْمَنَامِ أَنِّی أَذْبَحُكَ‏َ﴾؛([16]) فلا دلالة لقوله تعالى: ﴿ أَنِّی أَذْبَحُكَ﴾، على أزید من الشروع بالذبح بالاشتغال بمقدّماته، وإلّا قال: إنّی أرى فی المنام أنّی ذبحتك، وكان الواجب على إبراهیم× الاشتغال بمقدّمات الذبح والشروع فیه ثم ذبح ابنه؛ لأنّ الظاهر من الحكم بالمقدّمة الحكم بذی المقدّمة، ولكن هذا بدلالة العقل بعد ما لم یرد من الأمر بیان فی ذلك ولیس بدلالة اللفظ، كما یستفاد من «أَنِّی ذْبَحْتُكَ» وبعد ما جاء البیان یعلم أنّ المأمور به هو الشروع والاشتغال بمقدّمات الذبح طبقاً لما رآه فی المنام، ولذا قال الله‏ تعالى: ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْیَا﴾؛([17]) ومثل هذا

 

لیس من البداء بشیء ولا من تأخیر البیان عن وقت الحاجة.

وبعض الآیات مثل قوله تعالى: ﴿فَلَوْ لَا كَانَتْ  قَرْیَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِیمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ یُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْیِ فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى‏ حِینٍ﴾؛([18]) لا دلالة فیها إلّا على أنّ الإیمان یمنع من العذاب، وهذا مدلول آیات كثیرة وروایات متواترة، وقد ورد فی التفسیر أنّ یونس ـ على نبیّنا وآله وعلیه‌ السلام ـ أخبرهم بالعذاب إنْ لم یتوبوا، ولم یؤمنوا،([19]) وهذا لا یجعله معرضاً لتكذیب المكذّبین، نعم ورد فی تفسیرها فی بعض الروایات أنّه أخبرهم بالعذاب، ولم یقیّده بعدم الإیمان والاستمرار على الكفر والعصیان.([20])

وظاهر هذه الأخبار وإن کان یجعل النبیّ معرضاً للتكذیب، إلّا أنّه یمكن أن یقال: إنّ عدم تقییده نزول العذاب بعدم الإیمان فی اللفظ، کان اتّكالاً على القرینة المعلومة، وهی عدم نزول العذاب بعد الإیمان؛ لأنّه ظنّ بهم عدم الإیمان وخرج من بینهم لظنّه ذلك، لا لأنّ العذاب كان محتوماً علیهم غیر موقوف بعدم الإیمان، ولذا أمرهم عالم بالإیمان

 

والتوبة. هذا، ویمكن أن یقال: إنّ الإخبار بنزول العذاب کان إخباراً بمقدّماته وإشرافه علیهم، كما فی قوله تعالى: ﴿ولَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْیَنَ﴾؛([21]) وكما قیل فی تفسیر قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾.([22])

هذا مختصر الکلام فی الآیات الّتی قیل بإخبارها عن وقوع أمر وقع فیه البداء من غیر تقیید بأنّه موقوف یمكن أن یقع فیه البداء.

وأمّا الأحادیث، فهی مع الغضّ عن ضعفها من حیث السند أو المتن أو کلیهما وقوّة الأحادیث الدالّة على أنّ الله‏ لا یكذّب رسله، بحیث لو وقعت المعارضة بینها وبین هذه الأحادیث، یجب الاعتماد علیها وترك هذه الأحادیث وردّ علمها إلیهم^ على طوائف:

منها: ما ورد فی وقوع البداء فی إسماعیل([23]) ابن سیّدنا الإمام أبی عبد

 

الله‏ جعفر الصادق×،([24]) وفی أبی جعفر محمّد ابن مولانا الإمام أبی الحسن علیّ الهادی×،([25]) إلّا أنّه لا دلالة فی ما ورد فیهما على الإخبار بوقوع أمر فیهم كالإمامة وغیرها قبل موتهما، حتى یلزم من موتهما تكذیب هذا الخبر، بل کان الأمر بالعكس؛ إذ لم یرد فی إمامتهما نصّ وخبر، وورد التنصیص على الأئمّة الاثنی عشـر المعروفین فی أحادیث متواترة روتها الثقات قبل ولادتهم.

قال السیّد الأجلّ شارح الصحیفة: فائدة: روی عن الصادق× أنّه قال: «ما بدا لله أمر كما بدا له فی إسماعیل»؛ فتوهّم بعضهم أنّ معناه أنّه جعله أوّلاً قائماً بعده مقامه، فلمّا توفّى نصب الكاظم× بدله، وهذا وهم باطل وخطأ محض، كیف وقد ثبت وصحّ من طرق الإمامیة وروایاتهم أنّ النبیّ| قد أنبأ بأئمّة اُمّته، وأوصیائه من عترته، وأنّه سمّاهم بأعیانهم^ وأنّ جبرئیل× نزل بصحیفة من السماء فیها أسماؤهم وكناهم، كما شحنت بالروایات فی ذلك كتب الحدیث سیّما

 

كتاب الحجّة من الكافی، وإنّما معنى الحدیث المذكور ـ إن صحّ وثبت ـ ما قاله الصدوق+ فی كتاب التوحید إنّه× یقول: «ما ظهر لله أمر كما ظهر له فی إسماعیل ابنی إذا اخترمه قبلی لیعلم أنّه لیس بإمام بعدی».([26]) انتهى.

ولا یخفى علیك أنّ الروایات على عدد الأئمّة الاثنی عشـر من طرق العامّة أیضاً متواترة، وقد وردت فیها أسماؤهم بأعیانهم. وأمّا الروایة فقد حكی عن كتاب زید النرسی عن عبید بن زرارة عن أبی عبد الله‏× قال: «ما بدا لله بداء أعظم من بداءٍ بدا له فی إسماعیل ابنی»؛([27]) فیمكن حملها على أنّه ما بدا وظهر لإثبات أمر الله‏ تعالى، وأنّ عهد الإمامة لم یكن معهوداً لإسماعیل كما بدا لله فیه، وعلى هذا استعمل البداء فی ظهور الأمر بعد خفائه، أی: ظهور أنّ أمر الإمامة لیس لإسماعیل للناس بعد ما کان مخفیّاً عنهم، لإثبات أمرالله‏ تعالى.

وهنا احتمال آخر، وهو أنّ المراد من إسماعیل هو إسماعیل بن إبراهیم÷، وکلمة «ابنی»، إمّا هو تصحیف «أبی» كما یدلّ علیه ما

 

روى الصدوق عن أبی الحسین الأسدی، وهو: أنّه روى أنّ الصادق× قال: «ما بدا لله بداءٌ كما بدا له فی إسماعیل أبی، إذ أمر أباه بذبحه ثم فداه بذبح عظیم»([28]) أو زیدت على الحدیث سهواً من بعض الناقلین، ویدلّ على ذلك أنّ أعظمیّة البداء تناسب قصّة إسماعیل المشهورة بین الناس المعروفة بالعظمة، والّتی هی من أعظم الشواهد على تسلیم المؤمن الموحّد لربّه تعالى، قال الله‏ تعالى: ﴿قَالَ یَا بُنَیَّ إِنِّی أَرَى‏ فِی الْمَنَامِ أَنِّی أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَا ذَا تَرَى‏ قَالَ یَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنی‏ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِینَ  * ‏ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِینِ‏  *  وَنَادَیْنَاهُ أَنْ یَا إِبْرَاهِیمُ‏  * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْیَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ‏ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِینُ‏ * وَفَدَیْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِیمٍ﴾.([29])

وعلى کلّ ذلك؛ المراد بوقوع البداء فیهما لیس وقوعه فی إمامتهما، لما دلّت علیه الروایات المصرّحة بإمامة الأئمّة الاثنی عشر^، فلیردّ علم هذه الأحادیث ـ لو صحّت وسلمت ممّا یرد علیها من المناقشات السندیة والدلالیة ـ إلیهم^، أو یحمل على المحامل الصحیحة، مثل أنّ بقاء إسماعیل وهكذا محمّد إلی بعد مضـیّ والدهما کان موقوفاً على أن لا یصیر ذلك سبباً لتوهّم إمامتهما، أو موقوفاً على أن لا یظنّ إمامتهما

 

فی حیاة أبیهما، وهذا حمل صحیح، بل استظهار مستقیم من مثل قوله: «ما بدا لله‏ بداءٌ كما بدا له فی إسماعیل ابنی»، سیّما بقرینة الروایات المتواترة الناصّة على إمامة الأئمّة المرویّة بالطرق الصحیحة، عن رسول الله|.

هذا، وقد سمعت أنّ الصدوق خرّیت صناعة الحدیث وإمام أهله وحاملیه، فسّر هذا الحدیث بأنّه× یقول: «ما ظهر لله أمر كما ظهر فی إسماعیل ابنی إذا اخترمه قبلی لیعلم أنّه لیس بإمام بعدی».([30])

هذا وقد سمعت ما احتملنا أیضاً فی مفاد الخبر، والله‏ أعلم.

وقال حبر الطائفة الشیخ المفید+ فی تصحیح الاعتقاد: قول أبی عبد الله‏×: «ما بدا لله فی شیء كما بدا له فی إسماعیل»، فإنّما أراد به ما ظهر من الله‏ تعالى فیه من دفاع القتل عنه، وقد کان مخوفاً علیه من ذلك مظنوناً به، فلطف له فی دفعه عنه، وقد جاء فی الخبر بذلك عن الصادق× فروی عنه× أنّه قال: «کان القتل قد كتب على إسماعیل مرّتین فسألت الله‏ فی دفعه عنه فدفعه».([31])

وظاهر کلامه أنّ الصادق× سئل عن قوله: «بدا لله‏...» فأجاب عنه، وفسّر  کلامه «بأنّ القتل قد كتب...» وعلى هذا فالمعوّل فی مقام بیان آراء

 

من الحدیث على تفسیر الإمام×.

ثم لا یخفى علیك أنّ من الأحادیث الواردة فی وقوع البداء فی أبی جعفر محمّد بن الإمام علیّ بن محمّد بن علیّ الرضا بل أظهرها، ما روی فیه أنّ مولانا أبا الحسن علیّ الهادی× لمّا توفّی ابنه أبو جعفر قال لابنه الإمام أبی محمد×: «یا بنیّ أحدث لله شكراً فقد أحدث فیك أمراً».([32])

أقول: لو لم نقل بأنّه ومثله من الأحادیث من متشابهاتها، فلا ظهور له على أنّ محمّد بن علیّ × کان منصوصاً علیه بالإمامة فبدا لله فیه قبل موته فأماته، أو بدا لله فیه بعد موته فأقام مقامه أخاه أبا محمّد×، كما أنّه لا دلالة له على أنّ مولانا أبا محمّد لم یكن منصوصاً علیه قبل موت أخیه أبی جعفر، فلمّا توفّی أخوه جعله الله‏ تعالى خلیفة لأبیه ونصبه إماماً للناس بعده، فهذا الاحتمال لا یستظهر من الخبر، مضافاً إلی أنّه یردّه الأحادیث الصحیحة الصـریحة على أنّ أبا محمّد كان منصوصاً علیه بالإمامة من الله‏ تعالى ومن النبیّ| ومن أجداده الطاهرین قبل ولادته وولادة أخیه محمد.

إن قلت: نعم لا دلالة لهذا الخبر على أنّ محمّداً كان منصوصاً علیه

 

بالإمامة إلّا أنّه لا شكّ فی دلالته على وقوع بداء فیه، إذاً فما هو المقصود وما المراد من الأمر فی قوله: «فقد أحدث فیك أمراً؟».

قلت: یمكن أن یكون المراد من إحداث الأمر، إظهار إمامة مولانا أبی محمد× لمن یظنّ أنّ أخاه أبا جعفر خلیفة لأبیه، ولیس معنى ذلك أنّ الله‏ تعالى توفّاه لإظهار هذا الأمر، بل المراد أنّ بطلان هذا الظنّ کان أمراً یترتّب على موته فأسند إحداثه إلی الله‏ تعالى لإسناد سببه ـ وهو موته ـ إلیه.

هذا، ولا یخفى علیك أنّ ما صدر من بعض الأعیان والعباقرة، وأكابر العلماء فی تفسیر هذا الخبر، فقال: أی: جعلك الله‏ إماماً بموت أخیك قبلك، بدا لله  فیك.([33]) فکلام لا یصدر من مثله، ولا أدری كیف نعالج ذلك مع أنّه ثبت فی كتابه، فهل دسّ هذا فی کلامه أو سقط هنا من کلامه ما یوضح مراده؟ وكیف کان، فهو أجلّ من أن یفسّـر الخبر بمثل هذا مع مخالفته لاتّفاق الإمامیة، وللأحادیث المتواترة.

أخبار اُخری: ومن الأحادیث الّتی قیل بدلالتها على وقوع البداء فیما أخبر به الأنبیاء^ ما فیه الإخبار بموت شخص لم یتّفق موته فی الوقت المعیّن، مثل الحدیث المروىّ عن أمالی الصدوق بسنده عن أبی

 

بصیر قال: سمعت أبا عبد الله‏ الصادق جعفر بن محمد÷: «إنّ عیسى روح الله‏ مرّ بقوم مجلبین، فقال: ما لهؤلاء؟ قیل: یا روح الله‏ إنّ فلانة بنت فلان تهدى إلی فلان بن فلان فی لیلتها هذه، قال: یجلبون الیوم ویبكون غداً. فقال قائل منهم: ولِمَ یا رسول الله؟ قال: لأنّ صاحبتهم میتة فی لیلتها هذه، فقال القائلون بمقالته: صدق الله‏ وصدق رسوله، وقال أهل النفاق: ما أقرب غداً، فلمّا أصبحوا جاؤوا فوجدوها على حالها لم یحدث بها شیء، فقالوا: یا روح الله‏ إنّ الّتی أخبرتنا أمس أنّها میتة لم تمت، فقال عیسى ـ علی نبیّنا وآله وعلیه السلام ـ ﴿یَفْعَلُ اللّٰهُ مَا یَشَاءُ﴾؛([34]) فاذهبوا بنا إلیها، فذهبوا یتسابقون حتى قرعوا الباب، فخرج زوجها، فقال له عیسى: استأذن لی على صاحبتك، قال: فدخل علیها فأخبرها أنّ روح الله‏ وکلمته بالباب مع عدّة، قال: فَتَخَدَّرت فدخل علیها، فقال لها: ما صنعت لیلتك هذه؟ قالت: لم أصنع شیئا إلّا وقد كنت أصنعه فیما مضى، إنّه کان یعترینا سائل فی کلّ لیلة جمعة فنُنیله ما یقوته إلى مثلها، وإنّه جاءنی فی لیلتی هذه وأنا مشغولة بأمری وأهلی فی مشاغیل، فهتف فلم یجبه أحد، ثمّ هتف فلم یجب، حتى هتف مراراً، فلمّا سمعتُ مقالته قمت متنكّرة حتى أنلته كما كُنّا ننیله، فقال لها: تنحّی عن مجلسك فإذا تحت ثیابها أفعی مثل جذعة، عاضّ

 

على ذنبه، فقال×: بما صنعت صرف الله عنك هذا».([35])

وما روی عن العیون بسنده عن النوفلی یقول: قال الرضا× لسلیمان المروزی: «ما أنكرت من البداء یا سلیمان والله‏ عزّ وجلّ یقول: ﴿أَوَلَا یَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ یَكُ شَیْئاً﴾؛([36]) ویقول عزّ وجلّ: ﴿وَهُوَ الَّذی یَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ یُعیدُهُ﴾؛([37]) ویقول: ﴿بَدِیعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ‏﴾؛([38]) ویقول عزّ وجلّ: ﴿یَزِیدُ فِی الْخَلْقِ مَا یَشَاءُ﴾؛([39]) ویقول: ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الإنْسَان مِنْ طِینٍ﴾؛([40]) ویقول عزّ وجلّ: ﴿وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَ مْرِ اللّٰهِ إِمَّا یُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا یَتُوبُ عَلَیْهِمْ﴾؛([41]) ویقول عزّ وجلّ: ﴿وَمَا یُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا یُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِی‏ كِتَابٍ﴾.([42])

قال سلیمان: هل روّیت فیه عن آبائك شیئا؟ قال: «نعم، روّیت عن

 

أبی، عن أبی عبد الله‏× أنّه قال: إنّ لله  عزّ وجلّ علمین علماً مخزوناً مكنوناً لا یعلمه إلّا هو، من ذلك یكون البداء، وعلماً علّمه ملائكته ورسله، فالعلماء من أهل بیت نبیّك یعلمونه». قال سلیمان: اُحبّ أن تنزعه لی من كتاب الله‏ عزّ وجلّ، قال: «قول الله‏ عزّ وجلّ لنبیّه: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ‏﴾؛([43]) أراد إهلاكم ثم بدا لله تعالی، فقال: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى‏ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِینَ‏﴾».([44]) قال سلیمان: زدنی جعلت فداك، قال الرضا×. «لقد أخبرنی أبی عن آبائه^ أنّ رسول الله| قال: إنّ الله‏ عزّ وجلّ أوحى إلی نبیّ من أنبیائه أن أخبر فلاناً الملك أنّی متوفّیه إلی كذا وكذا، فأتاه ذلك النبیّ فأخبره فدعا الله‏ الملك وهو على سریره حتى سقط من السـریر، وقال: یا ربّ أجّلنى حتى یشبّ طفلی، وقضی أمری، فأوحى الله‏ عزّ وجلّ إلی ذلك النبیّ أن ائتِ فلاناً الملك فأعلمه أنّی قد أنسیت فی أجله، وزدت فی عمره خمس عشرة سنة، فقال ذلك النبیّ: یا ربّ إنّك لتعلم أنّی لم أكذب قطّ، فأوحى الله‏ عزّ وجلّ إلیه إنّما أنت عبد مأمور فأبلغه ذلك، والله‏ لا یسئل عمّا یفعل».

ثم التفت إلی سلیمان فقال له: «أحسبك ضاهیت الیهود فی هذا الباب». قال: أعوذ بالله من ذلك، وما قالت الیهود؟ قال: «﴿قَالَتِ الْیَهُودُ

 

یَدُ اللّٰهِ مَغْلُولَةٌ﴾،([45]) یعنون أنّ الله‏ قد فرغ من الأمر فلیس یحدث شیئاً، فقال الله‏ عزّ وجلّ: ﴿غُلَّتْ أَیْدِیهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا﴾؛([46]) ولقد سمعت قوماً سألوا أبی موسى بن جعفر÷ عن البداء فقال: وما ینكر الناس من البداء، وأن یقف الله‏ قوماً یرجیهم لأمره».

قال سلیمان: ألا تخبرنى عن: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِی‏ لَیْلَةِ الْقَدْرِ([47]) فی أیّ شیء اُنزلت؟ قال: «یا سلیمان لیلة القدر یقدّر الله‏ عزّ وجلّ فیها ما یكون من السنة إلى السنة من حیاة أو موت أو خیر أو شرّ أو رزق، فما قدّره فی تلك اللیلة فهو من المحتوم».

قال سلیمان: الآن قد فهمت جعلت فداك فزدنی. فقال: «یا سلیمان إنّ من الاُمور اُموراً موقوفة عند الله‏ تبارك وتعالى یقدّم منها ما یشاء ویؤخّر ما یشاء، ویمحو ما یشاء؛ یا سلیمان إنّ علیّاً× کان یقول: العلم علمان فعلم علّمه اللهملائكته ورسله، فما علّمه ملائكته ورسله فإنّه یكون ولا یكذّب نفسه ولا ملائكته ولا رسله، وعلم عنده مخزون لم یطّلع علیه أحداً من خلقه، یقدّم منه ما یشاء ویؤخّرمنه ما یشاء، ویمحو ما یشاء ویثبت ما یشاء». قال سلیمان للمأمون: یا أمیر المؤمنین لا اُنكر بعد یومی هذا

 

البداء، ولا اكذّب به إن شاء الله‏.([48])

وما روى عن كتاب الإمامة والتبصرة لعلیّ بن بابویه بإسناده عن أبی عبد الله‏× قال: «کان فی بنی إسرائیل نبىّ وعده الله‏ أنّ ینصـره إلی خمس عشرة لیلة، فأخبر بذلك قومه، فقالوا: والله‏ إذا کان لیفعلنّ ولیفعلنّ، فأخّره الله‏ تعالى إلی خمس عشرة سنة، وکان فیهم من وعده‏ الله‏ النصـرة إلی خمس عشرة سنة، فأخبر بذلك النبیّ قومه فقالوا: ما شاء الله‏ فعجّله الله‏ لهم فی خمس عشرة لیلة».([49])

وما روی عن كتاب قصص الأنبیاء بالإسناد إلی الصدوق بسنده عن هشام بن سالم قال: سأل عبد الأعلى مولى بنی سام الصادق× وأنا عنده حدیث یرویه الناس، فقال: «وما هو؟» قال: یروون أنّ الله‏ عزّ وجلّ أوحى إلی حزقیل النبیّ× أن  أخبر فلان الملك أنّی متوفّیك یوم كذا، فأتى حزقیل× الملك فأخبره بذلك، قال: فدعا الله‏ وهو على سریره حتى سقط ما بین الحائط والسـریر، فقال: یا ربّ أخّرنی حتى یشبّ طفلی وأقضی أمری، فأوحى الله‏ إلى ذلك النبیّ أن ائت فلاناً وقل:

 

إنّی انسأت فی عمره خمس عشرة سنة، فقال النبیّ: یا ربّ وعزّتك إنّك تعلم أنّی لم أكذب كذبة قطّ، فأوحى الله‏ إلیه إنّما أنت عبد مأمور فأبلغه.([50])

وما روی عن الكافى بسنده عن سالم بن مكرّم عن أبی عبد الله‏× قال: «مرّ یهودیّ بالنبیّ| فقال: السام علیك، فقال النبیّ|: علیك، فقال أصحابه: إنّمَا سلّم علیك بالموت، فقال: الموت علیك، فقال النبیّ|: وكذلك رددت، ثم قال النبیّ|: إنّ هذا الیهودیّ یعضُّه أسود فی قفاه فیقتله، قال: فذهب الیهودیّ فاحتطب حطباً كثیراً فاحتمله، ثم لم یلبث أن انصرف، فقال له رسول‌‌ الله|: ضعه فوضّع الحطب فإذا أسود فی جوف الحطب عاضّ على عود، فقال: یا یهودیّ ما عملت الیوم؟ قال: ما عملت عملاً إلّا حطبی هذا احتملته فجئت به، وكان معی كعكتان فأکلت واحدةً وتصدّقت بواحدة على مسكین، فقال رسول الله|: بها دفع الله‏ عنه، وقال: إنّ الصدقة تدفع میتة السوء عن الإنسان».([51])

والّذی یقال فی هذه الأحادیث، أوّلاً: إنّ المخبر عنه فیها لیس من

 

الاُمور المحتومة الّتی لیست فیها البداء، وإنّما کان من الاُمور الموقوفة كما یدلّ علیه نفس ما فی هذه الأخبار من ظهور الحقیقة وانكشاف الواقع على نحو لا یكذّب به النبیّ، ولا یبقى لذی مقالٍ مقالاً بل یقوى اعتماد الناس به.

وثانیاً: ما فی هذه الأحادیث من الإخبار ببعض الوقائع لیس من الاُمور التبلیغیة الّتی هی من وظائف الأنبیاء والأئمّة وما یدور مدارها وجود مفهوم النبوّات والإنباء من الله‏ تعالى والسفارة بین الخالق والخلق، وإتمام الحجّة على العباد وغیر ذلك ممّا به یقوم مصالح النبوّات، وتقتضیه قاعدة اللطف وغیرها من القواعد العقلیة الّتی یثبت بها لزوم بعث الرسل وإنزال الكتب وهدایة الناس وتبلیغهم وإرشادهم إلی کلّ ما یقرّبهم إلی الجنّة ویبعّدهم عن النار.

ویؤیّد هذا ما فی نفس هذه الأخبار مثل خبر العیون فإنّه لو لم یحمل ما علّمه الله‏ تعالى ملائكته ورسله على ما علّمهم من الاُمور التبلیغیة وما هو من شأن الرسل الإخبار به، یقع التنافی بین قوله×: «وعلماً علّمه ملائكته ورسله...»، وما روى فیه× عن أبیه عن آبائه عن رسول الله|، ویرفع التنافی برفع الید عن عموم ما علّمه الله‏ تعالى وتخصیصه بغیر مثل قضیّة النبیّ المرویّة عن رسول الله| وفی نفس هذا الحدیث

 

قرینة على عدم شمول عمومه مثلَ ما فی هذه الأحادیث فتدبّر.

وثالثاً: الإخبار بما فی هذه الأحادیث کان بعد ثبوت نبوّتهم بالمعجزات والبیّنات، وبعد ذلك لا یضـرّ وقوع مثل ما فی هذه الأحادیث بأمر نبوّة ولا یضعف به الإیمان بصدقهم سیّما بعد ما فی هذه القصص من الشاهد على أنّ الإخبار بها لم یكن جزافاً وكذباً. هذا، وقد تلخّص من جمیع ما ذكر أنّ ما نصّ الله‏ تعالى وأنبیاؤه والأئمّة الطاهرون^ علیه من الاُمور الاعتقادیة والمطالب الدینیة لا یقع فیها البداء، یجب أن یقع الإخبار بهذه الاُمور كما اُخبر بها البتّة، وإلّا لاختلّ نظام النبوّات ویترتّب علیه مفاسد كثیرة.

إنْ قلت: فما تقول فی النسخ فإنّه واقع فی التشـریعیات ممّا نصّ علیه النبیّ الّذی نسخ بعض أحكام شرعه من التکلیفات أو الوضعیّات، بل ربّما وقع ذلك فی شرع نبیّ واحد، فكان الحكم فی موضوع فی برهة من عصر نبوّته تحریمه، ثم نسخ وجاء الوحی بوجوبه أو إباحته.

قلت: النسخ لیس من البداء الّذی قرّرنا صحّته فی التكوینیّات، بل هو إظهار الحكم فی موضوع یظنّ استمرار حكمه السابق، وإن شئت قلت: هو ردّ حكم العقلاء أو بنائهم باستمرار حكم المولى ما لم یرد منه بیان انتهائه، فإذا قال المولى: «أكرم العلماء»، فكما أنّ له عموم أفرادیّ

 

یشمل به الحكم جمیع أفراد العلماء، ولیس إخراج بعض أفراد العلماء منه بالمخصّص المنفصل أو المتّصل نسخ الحكم، كذلك له عموم أزمانیّ شامل جمیع الأزمنة، ولیس إخراج بعض الأزمنة منه بالدلیل المتّصل أو المنفصل نسخاً لهذا الحكم، بل فی کلّ منهما دلیل على أنّ شمول الحكم الّذی أنشأ ضرباً للقاعدة والقانون للمورد المخصّص لم یكن جدّیّاً.

هذا، ویمكن أن یقال: إنّ العموم بالنسبة إلی أفراد العامّ یستفاد من اللفظ، بخلافه بالنسبة إلی الأزمان، فلا دلالة للّفظ بإحدى دلالاته الثلاث علیه، بل مستند ذلك إمّا بناء العقلاء على الاستمرار، أو حكمهم بالاستمرار وبقاء الحكم، فالأوّل إنّما یثبت الحكم به على جمیع أفراد العامّ بالحجّة اللفظیة، والثانی بالحجّة العقلیة لیس فی موردها دلیل قطعیّ، أو الظهور اللفظی للحجّة على أنّ الحكم کان كذا حتى یكون إنشاء حكم آخر نسخاً له، فتدبّر جیّداً.

نعم إذا دلّ دلیل بالخصوص على حكم فی مورد خاصّ ـ مثل وجوب صلاة الظهر ـ ثم جاء دلیل آخر على نسخ هذا الحكم قبل مجی‏ء وقت العمل به، فللبحث فیه من جهة البداء مجال، إلّا أنّه لم یقع مثله فی التشریعیات، والموارد الّتی توهّم ذلك فیها، مثل أمر إبراهیم الخلیل× بذبح ابنه لم یكن الأمر بها حقیقة، بل كان الأمر بها على بعض المقدّمات،

 

أو فهم بالقرینة عدم جدّ الآمر فی أمره، وأنّ إرادته لم تكن جدّیة وإنّما أمر بما أمر لمصالح اُخرى، وأمّا إخراج بعض أفراد الظهر مثلاً من دلیل وجوب صلاة الظهر تقییداً أو تخصیصاً فی هذا المورد الّذی یستفاد من اللفظ شمول حكم الأفراد والأزمان على وِزانٍ واحد فلیس من البداء.

أخبار تعیین وقت الفرج:

وأمّا الأخبار الواردة فی تعیین وقت الفرج والرخاء مثل مضمرة أبی بصیر قال: قلت له: ألهذا الأمر أمد تریح إلیه أبداننا ننتهی إلیه؟ قال: «بلى ولكنّكم أذعتم فزاد الله‏ فیه».([52])

وحدیث أبی حمزة الثمالی قال: قلت لأبی جعفر×: إنّ علیّاً× کان یقول: «إلى السبعین بلاء» وکان یقول: «بعد البلاء رخاء» وقد مضت السبعون ولم نر رخاءاً، فقال: أبو جعفر×: «یا ثابت إنّ الله‏ تعالى کان وقّت هذا الأمر فی السبعین، فلمّا قتل الحسین اشتدّ غضب الله‏ على أهل الأرض فأخّره إلی أربعین ومأة سنة، فحدّثناكم فأذعتم الحدیث وكشفتم قناع السرّ، فأخّره الله‏ ولم یجعل له بعد ذلك وقتاً عندنا، و﴿یَمْحُوا اللّٰهُ مَا یَشَاءُ وَیُثْبِتُ وَعِنْدَهُ  أُمُّ  الْكِتَابِ([53])». قال أبو حمزه: وقلت ذلك لأبی عبد

 

الله‏× فقال: «قد کان ذلك».([54])

وخبر عثمان النوّاء، قال: سمعت أبا عبد الله× یقول: «کان هذا الأمر فیّ فأخّره الله،‏ ویفعل بعدُ فی ذرّیّتی ما یشاء».([55])

وحدیث فضل بن أبی قرّة قال: سمعت أبا عبد الله×یقول: «أوحى الله‏ إلى إبراهیم أنّه سیولد لك، فقال لسارة، فقالت: ﴿أَ أَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ([56]) فأوحى الله‏ إلیه أنّها ستلد ویعذّب أولادها أربعمائة سنة بردّها الکلام علیّ، قال: فلمّا طال على بنی إسرائیل العذاب ضجّوا وبكَوْا إلی الله‏ أربعین صباحاً، فأوحى الله‏ إلی موسى وهارون یخلّصهم من فرعون، فحطّ عنهم سبعین ومأة سنة»، قال: وقال أبو عبد الله‏×: «هكذا أنتم لو فعلتم لفرّج الله‏ عنّا، فأمّا إذا لم تكونوا فإنّ الأمر ینتهی إلى منتهاه».([57])

وخبر عمرو بن الحمق قال: دخلت على أمیر المؤمنین× حین ضرب على قرنه، فقال لی: «یا عمرو إنّی مفارقكم»، ثم قال: «سنة السبعین فیها بلاء» ـ قالها ثلاثاً ـ فقلت: فهل بعد البلاء رخاء؟ فلم یجبنی واُغمی علیه، فبكت اُمّ کلثوم فأفاق فقال: «یا اُمّ کلثوم لا تؤذینى فإنّك لو قد ترین ما

 

أرى لم تبكی، إنّ الملائكة فی السماوات السبع بعضهم خلف بعض، والنبیّون خلفهم، وهذا محمد| آخذ بیدی یقول: انطلق یا علیّ فما أمامك خیر لك ممّا أنت فیه». فقلت: بأبی أنت واُمّی قلتَ: «إلی السبعین بلاء»، فهل بعد السبعین رخاء؟ قال: «نعم یا عمرو إنّ بعد البلاء رخاءاً و ﴿یَمْحُوا اللّٰهُ ما یَشاءُ وَیُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتاب([58])».([59])

هذه الأخبار ربّما یوهم ظاهرها البداء فی حصول الفرج قبل قیام مولانا المهدیّ× بأبی هو واُمّی، مع أنّ الأخبار المتواترة من طرق العامّة والخاصّة قد دلّت على أنّ الفرج التامّ لا یتحقّق إلّا بظهوره× فهو الّذی یملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً.

والجواب عن هذه الأخبار:

أوّلاً: بضعف سند بعضها وجهالة رجالها، كخبر عثمان النوّاء، وبالإجمال أو ضعف متن بعضها.

وثانیاً: بما فی بعضها من عدم التصریح والجزم بالوقت، بل والتصریح بعدم الجزم وأنّ سنّة البداء تؤثّر فی ذلك، ولذا تلا× ـ كما ترى فی خبر عمرو بن الحمق وأبی حمزة ـ: ﴿یَمْحُوا اللّٰهُ مَا یَشَاءُ وَیُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ

 

الْكِتَابِ‏﴾؛([60]) وهذا لا ینافی الخبر الجزمیّ والتصـریح بأنّ الرخاء والفرج إنّما یتحقّق بظهور الإمام المنتظر والولیّ الثانی عشـر×، فالله تعالى وأولیاؤه بتعلیمه تعالى إیّاهم عالمون بوقوع البداء فی جمیع هذه الأوقات، وأنّ ظهور هذا الأمر والعدل الکلّی والرخاء التامّ لا یتحقّق إلّا بعد امتحان شدید وفتن كبیرة كثیرة، لا یبقى فیها على الإیمان إلّا من امتحن الله‏ قلبه بالإیمان بعد غیبة الإمام الثانی عشـر× غیبة یطول أمدها، یرتاب فیها الجاهلون إلی أن منّ الله‏ تعالى على عباده بظهوره×، فیملأ به الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً.

وربّما یكون وجه الحكمة فی إخبارهم بظهور الأمر فی هذه الأزمنة ـ لو قلنا بدلالة هذه الأخبار به ـ مع علمهم بعدم تحقّقه لوقوع البلاء فیه، هو بیان أنّ عدم ظهور الأمر وتمكّن الأئمّة من القیام بالأمر راجع إلی الناس، ووجوده لطف وتصرّفه لطف آخر وعدمه منّا، وأن یكون هذه الأخبار تسلیةً للمؤمنین المنتظرین لفرج أولیاء الله‏ وغلبة الحقّ ونصـرة الدین وأهله، فأخبروا الشیعة بجواز حصول الفرج والخلاص عن حكومة الجبابرة والطواغیت فی بعض الأزمنة لحصول مقتضیه وإن کانوا عالمین بما یمنع تحقّق ذلك، ولذا أرشدوهم إلی أنّ ذلك قد لا

 

یتحقّق لقوله تعالى: ﴿یَمْحُوا اللّٰهُ مَا یَشَاءُ وَیُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾؛([61]) والحاصل: أنّ هذه الأخبار إنّما صدرت لأجل تألیف القلوب وتقریباً للفرج ومنعاً لاستیحاش الناس لو قیل لهم بأنّه لا یتحقّق إلّا مثلاً بعد الألف أو مدّة طویلة كذا وكذا، وقد صرّح فی بعض الأحادیث بهذه الفائدة.([62])

وثالثاً: فرق واضح بین القول: بأنّ بعد كذا رخاء وبین القول بأنّ الرخاء بعد كذا، وما یستفاد من بعض هذه الأحادیث ـ بل صریح لفظه ـ هو الأوّل، وأنّ بعد كذا یكون رخاء، ومثل هذا لیس الإخبار عن تقدّم أمر الفرج العامّ الشامل لجمیع البشر بظهور الإمام المنتظر×.

ورابعاً نقول: یجوز أن یكون الأمر الّذی جاء فی هذه الأحادیث قد وقّت له أوقات بحسب الأسباب الّتی هی واقعة تحت اختیار المکلّفین، وکان تأخّره لعدم تحقّق تلك الأسباب بسوء اختیارهم كما أشرنا إلیه، أو نقول كما یستفاد من شیخ الطائفة+ أیضاً: إنّ المصلحة اقتضت تحقّق الأمر فی وقت من الأوقات مشروطة بأن لا یتحقّق ما یقتضی المصلحة تأخیره إلی زمان آخر لا یقع فیه ما یقتضی أیضاً تأخیره، وإلّا فیؤخّر الله‏

 

تعالى إلی ذلك الزمان.([63])

فالمصلحة قد اقتضت وقوع هذا الأمر، أی: أمر إدارة اُمور الاُمّة وتدبیر شؤونها السیاسیّة والاجتماعیة وغیرهما من حین ارتحال الرسول الأعظم ـ صلوات الله‏ وسلامه علیه وآله ـ إلی الرفیق الأعلى تحت ید من نصبه الله‏ تعالى ولیّاً على الاُمور، وجعله حجّةً على عباده، فلمّا وقع ما وقع لم یتحقّق الأمر كما اقتضته المصلحة الاُولى، واقتضت مصلحة اُخرى وهی حفظ كیان الإسلام ودفع الخطر عنه، وعدم قیام الولیّ لمطالبة بالأمر بالمحاربة والقوّة، فتأخّر تحقّق هذا الأمر لهذه المصلحة ومصالح اُخرى من امتحان العباد وغیره ممّا لا نحیط به، والله‏ أعلم به.

وبعبارة اُخرى: لا شكّ فی أنّ إصلاح حال العباد وقیام الاُمور بالقسط منوط بكون إدارة الاُمور والولایة علیها لمن له الولایة علیها من قبل الله‏ تعالى، وحیث لا یعرف من له هذه الأهلیة واللیاقة إلّا الله‏ تعالى یجب على حسب قاعدة اللطف وغیرها تعیین من یلی الأمر بعد النبیّ ونصبه، فلا یجوز إهمال هذا الأمر الخطیر مع دخله العظیم فی تحقّق أهداف النبوّات، ورسالات السماء وتوقّف كمال الدین وتمام النعمة علیه، قال الله‏ تعالى: ﴿ الْیَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دینَكُمْ وَأَتْمَمْتُ

 

عَلَیْكُمْ نِعْمَتی‏ وَرَضیتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِیناً﴾؛([64]) وقد نصّ النبیّ| بأمر الله‏ تعالى على ولایة الأئمّة الاثنی عشر^ حفظاً لهذه المصلحة، ولئلّا یكون للناس على الله‏ حجّة وقد اقتضت تحقّق هذا الأمر بعد النبیّ| أسبابه ومقتضیاته وكانت الاُمور تجری على مجراها الّذی ینتهی إلی ذلك لولا مخالفة الفئة المنافقة، وحزب الشیطان الّذین منعوا رسول الله| من كتابة وصیّته فهتكوا حرمته وقالوا وأسمعوه ما لا یقوله المسلم المؤمن بالله ورسوله، وإنّه: ﴿ومَا یَنْطِقُ عَنِ الْهَـوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْیٌ یُوحَى﴾.([65])

وعلى هذا یصحّ أن یقال: إنّ الأمر، أی: كون الولایة بعد النبیّ لأمیر المؤمنین÷، وإن کان من الاُمور الحتمیة المتحقّقة له× بنصب النبیّ| إیّاه لها؛ بل کانت متحقّقة له قبل ذلك وکان نصب النبیّ| إعلاماً بهذا الأمر المتحقّق؛ إلّا أنّ میعاد تحقّقه الظاهریّ کان عند ارتحاله| إلى الرفیق الأعلى، ولكنّه منع من ذلك ما صدر من المخالفین وطلّاب الرئاسة من الاجتماع فی السقیفة ونقض البیعة، وبعد قیام من لم یكن له أهلیة القیام بهذا الأمر الخطیر، ولم یعیّنه النبیّ|،  ثم بعدما

 

وقع الأمر بید من عیّنه الله‏ تعالى فجاهد فی الله‏ حقّ جهاده، إلّا أنّ بقیّة الفئة المنافقة ومحبّی الدنیا والرئاسة حالوا بینه وبین الاُمور ونكثوا بیعته وخرجوا على الإمام الحقّ فقام أمیر المومنین مولانا أبو الحسن× بدفع مكائدهم عن الإسلام وإخماد فتنهم إلی أن استشهد× بضـربة أشقى الأشقیاء، آل الأمر إلی أن تغلّب مثل معاویة على بلاد الإسلام وارتكب مظالم تقشعرّ منه الجلود،([66]) وجهد فی إطفاء نور النبوّة والتوحید وإرجاع الناس إلى القهقری حتى مات، وترك الأمر لابنه الفاسق الفاجر بعد ما أكره الناس على البیعة له تحت سیوف عمّاله،  فاقتضت الأسباب والأوضاع الاجتماعیّة رجوع الأمر إلى أهله، لكن هذه الأسباب أیضاً لم تؤثّر لأنّ الاُمّة إلّا القلیل منها لم تُجب دعوة مولانا أبی عبد الله‏ الحسین× الّتی قام بها إتماماً للحجّة، فتركت نصـرته وباعت الدین بالدنیا، فلمّا قتل الحسین× اُخّر ذلك، أی: لم یتهیّأ ما یقتضیه من الأسباب إلی سنة مأة وأربعین. وفی هذا الأوان أیضاً لمّا اُذیع ذلك للظالمین وانكشف السـرّ، شدّ أعداء الله‏ وأعداء آل محمّد على المؤمنین وشیعة الحقّ، فردّوهم عمّا یأملون، وبعد ذلك اُخّر الرخاء والفرج ولم یعلموا الشیعة بأزمنة اُخرى ربّما حصل فیها بعض الأسباب

 

المقتضیة لهذا الأمر ویمنع المانع من تأثیرها، وهكذا یستمرّ الأمر إلی زمان لا یعلمه إلّا الله‏ یوم الوقت المعلوم، یوم ظهور مولانا المهدیّ× وممّا یؤثّر حصول المقتضیات ویقوّیها ویوجب رفع الموانع الدعاء لتعجیل الفرج.

وعلى هذا نقول: ما ورد فی تعیین وقت الفرج والرخاء إنّما ورد فی مقام بیان هذه المراحل والأوضاع الّتی مرّت على الاُمّة وبیان لبعض الأسباب الّذی صار سبباً لتأخیر ظهور هذا الأمر وتحقّق ما وعد الله‏ تعالى به أنبیاءه ورسله وعباده، قال الله‏ تعالى: ﴿ولَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِینَ‏ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ‏ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾.([67])

هذا وقد ظهر لك أنّ ما فی بعض الأخبار من توقّع الرخاء فی سنة كذا أو تأخیره إلی سنة كذا، لیس معناه أنّ الأمر یتحقّق بمشیّة الله‏ تعالى لامحالة فی سنة كذا، حتى إذا اُخّر منها یلزم منه العجز أو الجهل علیه، تعالى الله‏ عنهما علوّاً كبیراً.

أو یقال: كیف یكون هذا مع دلالة الأخبار المتواترة على عدم تحقّق ذلك لواحد من الأئمّة^ إلّا بقدر ما تحقّق لأمیر المؤمنین والإمام المجتبى÷، وإلّا ما یتحقّق على النحو الكامل لمولانا المهدیّ× بأبی هو واُمّی.

 

 فإنّ المراد من هذه الأخبار أنّ أمر ولایتهم من حیث الظهور وفعلیة تولّیهم الاُمور مشروطة باُمور مثل قبول الاُمّة وتسلیمهم لهم، وغیر ذلك ممّا لا یعلم إلّا بإخبار الله‏ تعالى، وتخصیص بعض السنین والأوقات بالذكر إنّما یكون لأصل أنّ زوال بعض الموانع یجعل الفرج والرخاء أرجى وأسهل حصولاً.

فإن قلت: ما فائدة الإخبار بذلك مع العلم بعدم حصوله له؛ لعدم تحقّق شرطه أو وجود مانعه؟

قلت: مضافاً إلی ما مرّ فی ضمن الجواب الثانی، فائدته، أوّلاً: إتمام الحجّة وبیان أنّ الله‏ تعالى لم یكتب على خلقه الذلّ والصغار وسیطرة الظالمین علیهم، وأنّه لا یصیبهم ما أصابهم إلّا بما كسبت أیدیهم.

وثانیاً: الترغیب إلی العمل وتشویق الناس وتشجیعهم على حفظ مواضعهم قبال الكفرة والظلمة، وعلى حفظ الثبات، والاستقامة فی أداء الواجبات.

وثالثاً: تقویة روح الرجاء وحسن الظنّ بالمستقبل حتى لا یتسلّط علیهم القنوط عن رحمة الله‏ تعالى، ولا ییأسوا من روح الله‏، وهذه حكمة كبیرة یجب على من یسوس الناس بالسیاسة الإلهیة رعایتها حتى لا یخرجوا عن الطریق المستقیم، ولا یتكاسلوا، ولا یتقاعدوا عن العمل.

 

هذا ما ألهمنا الله‏ تعالى حول هذه الأحادیث، والله‏ ولیّ التسدید والتوفیق.

ومنه یظهر لك تفسیر غیرها من الأحادیث إن شاء الله‏ تعالى.

 

 

 

 

 

 

 

([1]) الأعراف، 142.

([2]) یونس، 98.

([3]) الصدوق، التوحید، ص336؛ المجلسی، بحار الأنوار، ج47، ص269.

([4]) الکلینی، الکافی، ج1، ص326.

([5]) الصدوق، الأمالی، ص589 ـ 590؛ المجلسی، بحار الأنوار، ج4، ص94.

([6]) الصدوق، عیون أخبار الرضا×، ج1، ص179 ـ 182؛ قطب الدین الراوندی، قصص الأنبیاء، ص241.

([7]) قطب الدین الراوندی، قصص الأنبیاء، ص207.

([8]) ابن بابویه، الإمامة والتبصرة، ص94 ـ 95.

([9]) ابن بابویه، الإمامة والتبصرة، ص94 ـ 95.

([10]) الکلینی، الکافی، ج4، ص5.

([11]) العیاشی، تفسیر، ج2، ص154، 217؛ الطوسی، الغیبة، ص427 ـ 429؛ المجلسـی، بحار الأنوار، ج4، ص113 ـ 114، 118 ـ 120.

([12]) الرعد، 39.

([13]) فاطر، 11.

([14]) الأعراف، 142.

([15]) القمّی، قوانین الاُصول، ص191؛ العراقی، نهایة الأفکار، ج1 ـ 2، ص503؛ الحکیم، المحکم فی اُصول الفقه، ج1، ص625.

([16]) الصافّات، 102.

([17]) الصافّات، 105.

([18]) یونس، 98.

([19]) الطبری، جامع البیان، ج11، ص119؛ الطبرسی، مجمع البیان، ج5، ص204؛ أبو الفتوح الرازی، روض الجنان، ج10، ص209.

([20]) الطبری، جامع البیان، ج11، ص118 ـ 119.

([21]) القصص، 23.

([22]) مریم، 71؛ الزمخشـری، الکشاف، ج3، ص35؛ الطبرسی، جوامع الجامع، ج2، ص405؛ الطبرسی، مجمع البیان، ج6، ص811.

([23]) قد نبشت الحكومة الجائرة المتسمّیة بالسعودیّة فی زماننا باسم توسعة الشارع قبره فوجد جسده طریّاً كأنّه مات فی الحال، فنقل إلی البقیع ودفن والقصّة مشهورة معروفة، وإسماعیل هذا توفّی سنة ثلاث وثلاثین ومأة قبل وفاة أبیه الصادق× بعشرین سنة، توفّی بالعریض قرب المدینة، وحمل على أعناق الرجال حتّى دفن بالبقیع، وکان أبو عبد الله‏× یحبّه حبّاً شدیداً ویكرمه إكراماً عظیماً. وروی أنّه لمّا مات جزع علیه أبو عبد الله× جزعاً شدیداً ووجد به وجداً عظیماً، وتقدّم سریره بغیرحذاء ولا رداء، وأمر بوضع سریره علىZ [الأرض قبل دفنه مراراً كثیرة، وکان یكشف عن وجهه وینظر إلیه یرید بذلك تحقیق أمر وفاته عند الظانّین خلافته له من بعده، وإزالة الشبهة عنهم فی حیاته. راجع: المدنی الشیرازی، ریاض السالكین، ج1، ص126.

([24]) الصدوق، التوحید، ص336.

([25]) الکلینی، الکافی، ج1، ص326.

([26]) الصدوق، التوحید، ص336؛ المدنی الشیرازی، ریاض السالکین، ج1، ص127 ـ 128.

([27]) المجلسـی، بحار الأنوار، ج4، ص122، أبواب الصفات، ب3، ح 69؛ ج47، ص269.

([28]) الصدوق، التوحید، ص336.

([29]) الصافّات، 102 ـ 107.

([30]) الصدوق، التوحید، ص 336، باب 54، ح10.

([31]) المفید، تصحیح اعتقادات الإمامیة، ص66.

([32]) الکلینی، الكافی، كتاب الحجّة، ج1، ص326، باب الإشارة والنصّ على أبی محمد×، ح 4 و5 و6.

([33]) الفیض الکاشانی، الوافی، ج2، ص387.

([34]) إبراهیم، 27.

([35]) الصدوق، الأمالی، ص589 ـ 590؛ المجلسـی، بحار الأنوار، ج 4، ص 94، باب3، ح1.

([36]) مریم، 67.

([37]) الروم، 27.

([38]) البقرة، 117؛ الأنعام، 101.

([39]) فاطر، 1.

([40]) السجدة، 7.

([41]) التوبة، 106.

([42]) فاطر، 11.

([43]) الذاریات، 54.

([44]) الذاریات، 55.

([45]) المائدة، 64.

([46]) المائدة، 64.

([47]) القدر، 1.

([48]) الصدوق، عیون أخبار الرضا×، ج1، ص179 ـ 182؛ المجلسـی، بحار الأنوار، ج4، ص95 ـ 96، ب3، ح2.

([49]) ابن بابویه، الإمامة والتبصرة، ص94 ـ 95؛ المجلسـی، بحار الأنوار، ج4، ص112، ب3، ح32.

([50]) قطب الدین الراوندی، قصص الأنبیاء^، ص241؛ المجلسـی، بحار الأنوار، ج4، ص 112 ـ 113، باب3، أبواب الصفات، ح33.

([51]) الکلینی، الکافی، ج4، ص5؛ المجلسی، بحار الأنوار، ج 4، ص 121 ـ 122، أبواب الصفات، باب3، ح67.

([52]) الطوسی، الغیبة، ص427 ـ 428، 431؛ المجلسـی، بحار الأنوار، ج4، ص113، ب3، ح38.

([53]) الرعد، 39.

([54]) المجلسی، بحار الأنوار، ج4، ص114، ب3، ح39.

([55]) الطوسی، الغیبة، ص429؛ المجلسی، بحار الأنوار، ج4، ص114، ب3، ح40.

([56]) هود، 72.

([57]) العیّاشی، تفسیر، ج2، ص154؛ المجلسی، بحار الأنوار، ج4، ص118، ب3، ح50.

([58]) الرعد، 39.

([59]) العیّاشی، تفسیر، ج2، ص217؛ المجلسـی، بحار الأنوار، ج4، ص119 ـ 120، باب3، ح60.

([60]) الرعد، 39.

([61]) الرعد، 39.

([62]) انظر: منتخب الأثر، للمؤلّف، ص270 ـ 273.

([63]) الطوسی، الغیبة، ص429.

([64]) المائدة، 3.

([65]) النجم، 3 ـ 4.

([66]) راجع كتاب النصائح الكافیة لمن یتولّى معاویة وكتاب معاویة بن أبی سفیان فی المیزان.

([67]) الصافّات، 171 ـ 173.

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: