شنبه: 1/ارد/1403 (السبت: 11/شوال/1445)

المعدن فی الروایات

من الروایات الدالّة على وجوب الخمس فی المعادن: ما رواه الصدوق، عن ابن أبی عمیر، عن غیر واحد عن أبی عبد الله× قال: «الخمس على خمسة أشیاء: على الكنوز والمعادن والغوص والغنیمة، ونسی ابن أبی عمیر الخامس».([1])

 

أیضاً فی الصحیح بإسناده، عن محمد بن مسلم، عن أبی جعفر× قال: سألته عن معادن الذهب والفضّة والصفر والحدید والرصاص، فقال: «علیها الخمس جمیعاً».([2])

وما رواه الشیخ بسنده، عن الحلبی فی حدیث قال: سألت أبا عبد الله× عن الكنز كم فیه؟ قال: «الخمس»، وعن المعادن كم فیها؟ قال: «الخمس»، وعن الرصاص والصفر والحدید وما كان بالمعادن كم فیها؟ قال: «یؤخذ منها كما یؤخذ من معادن الذهب والفضّة».([3])

ومنها: صحیحة زرارة، عن أبی جعفر× قال: سألته عن المعادن ما فیها؟ فقال: «كل ما كان ركازاً ففیه الخمس وقال: ما عالجته بما لك ففیه ـ ما أخرج الله سبحانه منه من حجارته مصفّى ـ الخمس».([4])

ومنها: صحیح محمد بن مسلم قال: «سألت أبا جعفر× عن الملاحة؟ فقال: وما الملاحة؟ فقال (فقلت): أرض سبخة مالحة یجتمع فیها الماء فیصیر ملحاً، فقال: هذا المعدن فیه الخمس، فقلت: والكبریت والنفط یخرج من الأرض؟

 

قال: فقال: هذا وأشباهه فیه الخمس».([5])

وغیرها من الروایات الّتی تدلّ على وجوب الخمس فی المعادن. وهذا لا إشكال فیه من جهة الحكم. فلا  كلام فی وجوب الخمس على المعادن. وأمّا الموضوع فما هو مذكور بعینه فی الروایات أو ملحق به عرفاً أو یصدق علیه عنوان المعدن فهو واقع تحت حكمه الخاصّ. وما شكّ فی أنّه منه كالجصّ وطین الرأس والطین الأحمر، فقد یقال بعدم وجوب خمسه بالفعل ما لم یمضِ علیه السنة، ولم یصـرف فیها فی المؤونة أخذاً بعموم ما دلّ على أنّ كلّ ما أفاد الناس من قلیل أو كثیر ففیه الخمس بعد المؤونة أی مؤونة السنة، خرج منه بالدلیل الخاصّ الدال على الوجوب الفعلیّ ما خرج، وفی الباقی حجّیة أصالة العموم على حالها، فإنّ العامّ المخصَّص بالمخصِّص المنفصل حجّة فی الباقی حتى وإن كان الدلیل المخصّص مجملاً([6]) ولا حاجة حینئذ إلى إجراء أصالة عدم وجوب التخمیس فیه.([7])

ولكن یمكن أن یقال: إنّ العامّ ـ وهو الآیة والروایة ـ قد دلّ على وجوب أداء الخمس فعلاً، وخرج منه بعض الغنائم مثل أرباح المكاسب، ووقع الشكّ فی غیرها ممّا ذكر، ومقتضى أصالة العموم وجوب تخمیسه فعلاً، وهذا ینتج عكس

 

ما أنتج الدلیل السابق. والله هو العالم.

***

ثم إنّه لا فرق فی تعلّق الخمس بالمعدن بین كونه فی أرض مباحة أو مملوكة، لإطلاق الأدلة.([8]) كما أنّه لا فرق بین أن یكون المخرج مسلماً أو كافراً ذمّیاً، بل ولو حربیاً([9]) فیما إذا كان المعدن فی ملكه، فیؤدّی هو خمسه. وأمّا إن كان المعدن فی الأراضی المفتوحة عنوةً فهی للمسلمین لا یملكها غیرهم.

وكذا إن كان فی الأراضی المیتة ونحوها فجمیعها للإمام×.

إلّا أن یقال: إنّ قوله|: «من اُحیى أرضاً میتةً فهی له» یدل بالإطلاق على إذنه× أنّ المحیی للمعدن یملكه سواء كان مؤمناً أو كافراً ذمّیاً. وأمّا الكافر الحربی فعلیه إخراج الخمس إلّا أنّه یؤدّیه مَن سلّطه علیه من المسلمین.

وكذا لا فرق بین أن یكون المخرج بالغاً أو صبیّاً،([10]) وعاقـلاً أو مجنوناً، فلا 

 

كلام فی تعلّق الخمس بما یخرج بواسطتهم. كما أنّه لا كلام فی وجوبه على المخرج إذا كان مسلماً بالغاً عاقلا وأنّه المالك للزائد على خمسه، وكذا على ولیّ الصبیّ الممیِّز إن أراد الولیّ التصرّف فیه، وإلّا فیجب علیه الأداء إذا بلغ.

ولو خرج المعدن بنفسه أو بحادث وسبب سماوی ونحوه فالظاهر أنّه یجب على آخذه الخمس؛ لإطلاق مثل قوله×: «الخمس على خمسة أشیاء: على الكنوز والمعادن...»، والله هو العالم.

 

([1]) الخصال، ص291؛ وسائل الشیعة، أبواب ما یجب فیه الخمس، ب 3، ح7، ج6، ص344.

([2]) تهذیب الأحکام، ج4، ص121؛ وسائل الشیعة، أبواب ما یجب فیه الخمس، ب 3، ح1، ج6، ص342.

([3]) تهذیب الأحکام، ج4، ص121؛ وسائل الشیعة، أبواب ما یجب فیه الخمس، ب3، ح2، ج6، ص342.

([4]) تهذیب الأحکام، ج4، ص122؛ وسائل الشیعة، أبواب ما یجب فیه الخمس، ب3، ح3، ج6، ص343.

([5]) تهذیب الأحکام، ج4، ص122؛ وسائل الشیعة، أبواب ما یجب فیه الخمس، ب 3، ح4، ج6، ص343.

([6]) استدلّ بهذا الوجه كثیر من الفقهاء، منهم الطباطبائی & فی ریاض المسائل، ج5، ص239؛ والنراقی فی مستند الشیعة، ج10، ص19.

([7]) أو أصالة البراءة عن تعلّق الخمس قبل حیلولة السنة، لأنّهما من الاُصول العملیة، وهی لا حاجة إلیها فیما تجری الاُصول اللفظیة الّتی منها أصالة العموم المذكور توضیحه فی المتن.

([8]) انظر هذه المسألة فی المعتبر، كتاب الخمس، فروع: الفرع الثانی، ج2، ص621؛ ومنتهی المطلب، ج1، ص545؛ وتذكرة الفقهاء، ج5، ص412؛ ومدارك الأحکام، ج5، ص368؛ وغنائم الأیّام، ج4، ص296.

([9]) والشیخ+ منع عن ذلك بقوله: «الذّمّی إذا عمل فی المعدن یمنع منه، فإن خالف وأخرج شیئاً منه ملكه، ویؤخد منه الخمس». الخلاف، ج2، ص120 ـ 121، مسألة 144.

ورده صاحب المدارك بعدم الدلیل على منع الذّمّی. مدارك الأحكام، ج5، ص368.

وفصّل صاحب الجواهر بتفاصیل فی جواهر الکلام، ج16، ص23.

([10]) كما فی شرائع الإسلام، كتاب الزكاة، فروع: الأوّل، ج1، ص135؛ وإرشاد الأذهان، ج1، ص293؛ وقواعد الأحکام، ج1، ص361؛ ومسالك الأفهام، ج1، ص467؛ ومنتهی Z
[ المطلب، ج1، ص546 ـ 547؛ وتذکرة الفقهاء، ج5، ص412؛ وتحریر الأحکام، ج1، ص435؛ والدروس، ج1، ص260؛ ومدارك الأحکام، ج5، ص389.

موضوع: 
نويسنده: