پنجشنبه: 9/فرو/1403 (الخميس: 18/رمضان/1445)

حكم الكنز فی أرض مبتاعة

مسألة 12: قال فی الجواهر: «لو كانت (أی الأرض) مملوكة بابتیاع أو هبة أو نحوهما ممّا لا یحصل بسببه ملك للكنز وكان علیه أثر الإسلام، ففی المنتهى([1]) والتذكرة والمسالك وغیرها عرّفه البائع، فإن عرفه وإلّا فالمالك الّذی قبله، وهكذا. بل لا أجد فیه خلافاً بیننا لوجوب الحكم به له، مع دعواه إیّاه إجماعاً فی المنتهى قضاء لظاهر یده السابقة، بل قد یدّعى أنّه محكوم بملكیته ما لم ینفِه عن نفسه لذلك من غیر حاجة إلى دعواه إیّاه، كما عساه یؤمی إلیه صحیحتا ابن مسلم السابقتان، فیجب تعریفه حینئذ قطعاً».([2])

أقول: صحیحتا ابن مسلم إحداهما ما رواها الكلینی والشیخ، عنه، عن أبی جعفر× قال: «سألته عن الدار یوجد فیها الورق؟ فقال: إن كانت معمورة فیها أهلها فهی لهم، وإن كانت خربة قد جلا عنها أهلها فالّذی وجد المال فهو

 

أحقّ به». ونحوه صحیحته الاُخرى.([3])

والمستفاد منهما: أنّ ما یوجد فی المعمورة إذا احتمل أنّه لأهلها فلهم، ودلیله أنّ المعمورة تحت یدهم الفعلیّة؛ وأمّا فی مسألتنا هذه فالحكم بكون الكنز للبایع إنّما یكون باعتبار الید السابقة على الید الفعلیّة، فلا بدّ للقول باعتبار الید السابقة بإلغاء اعتبار الفعلیّة، وأنّ أماریة الید السابقة كالید اللاحقة على المال سواء.

لا یقال: ما الفرق بین الید السابقة فی الأماریة وبین الید السابقة علیها وهكذا؟ فتتساقط الأیادی بالمعارضة، فلا  وجه لتقدیم الید السابقة الأولى على غیرها إن وقع المال مورداً لتنازع أرباب الأیادی فیه.

فإنّه یقال: إنّ الید السابقة على الید الفعلیّة إنّما سقطت عن الاعتبار للید الفعلیّة، فإذا سقطت الفعلیّة تبقى أماریة السابقة على حالها، وأمّا الأیادی السابقة فقد سقطت أماریة كلّها بلاحقتها. وأظنّ أنّ هذا هو الوجه لذهاب المشهور إلى أنّ الكنز فی مسألتنا یكون ملكاً للبایع، والعرف هو الحاكم بذلك.

وعلى هذا لو ادّعى المال كلّ واحد من أرباب الأیادی السابقة فلا  تدخل المسألة تحت باب التداعی إذا ادّعى صاحب الید السابقة على الید فعلیة مالكیة ما وجد فی الأرض، فعلى من ادّعاه علیه إقامة البیّنة، وإن لم تكن له البیّنة فله حلف المدّعى علیه.

نعم، إذا نفاه صاحب الید السابقة على الفعلیّة وادّعاه السابق علیه یكون هو

 

المنكر، ومن یدّعیه ممّن هو سابقاً علیه المدّعی. والله هو العالم.

ثم إنّه على فرض دخول المسألة فی باب التداعی إن ادّعاه بایعان أو أكثر، فإن كان لواحد منهم البیّنة دون الباقی فهو له، وإن أقام كلّ واحد منهم البیّنة فتتساقطان بالتعارض، لكن تفصل خصومتهم بالتحالف، فإن حلف أحدهم دون الباقی فالكنز له دون الناكل أو الناكلین، وإن نكل الجمیع الیمین أو حلفوا فهل المرجع قاعدة العدل والإنصاف فیقسّم بینهم بالسویة، أو القرعة لأنّه لكلّ أمر مشكل؟ فهنا روایتان:

إحداهما: موثّق غیاث بن إبراهیم، عن أبی عبد الله× «إنّ أمیر المؤمنین× اختصم إلیه رجلان فی دابّة، وكلاهما أقاما البیّنة أنّه أنتجها، فقضى بها للّذی فی یده، وقال: لو لم تكن فی یده جعلتها بینهما نصفین».([4])

وعلى هذا الحدیث فی مسألتنا حیث إنّ الكنز لم یكن فی ید واحد منهم بعد إقامة البینة من كل واحد منهم یجعل الكنز بین البایعین بالسویّة.

إلّا أنّ إطلاقه الشامل لصورتی الحلف والنكول یقیّد بموثّقة إسحاق بن عمّار، عن أبی عبد الله×: «إنّ رجلین اختصما إلى أمیر المؤمنین× فی دابّة فی أیدیهما، وأقام كلّ واحد منهما البیّنة أنّها نتجت عنده، فأحلفهما علیّ× فحلف أحدهما وأبى الآخر أن یحلف، فقضى بها للحالف.

 

فقیل له: فلو لم تكن فی ید واحد منهما وأقاما البیّنة؟ فقال: اُحلِّفهما فأیّهما حلف ونكل الآخر جعلتها للحالف، فإن حلفا جمیعاً جعلتها بینهما نصفین.

قیل: فإن كانت فی ید أحدهما وأقاما جمیعاً البینة؟ قال: أقضـی بها للحالف الّذی هی فی یده».([5])

وعلى هذا لا محلّ للقرعة؛ لانتفاء موضوعها أوّلاً ، ولمكان النصّ ثانیاً. والله هو العالم.

 

([1]) منتهى المطلب، ج1، ص546.

([2]) جواهر الكلام، ج16 ، ص31.

([3]) وسائل الشیعة، كتاب اللقطة، ب5، ح1و2، ج17، ص354 ـ 355.

([4]) الکافی، ج7، ص419؛ تهذیب الأحکام، ج6، ص234؛ وسائل الشیعة، أبواب كیفیة الحكم، ب12، ح3، ج18، ص182.

([5]) الکافی، ج7، ص419؛ تهذیب الأحکام، ج6، ص233؛ وسائل الشیعة، أبواب كیفیة الحكم، ب12، ح2، ج18، ص182.

موضوع: 
نويسنده: