پنجشنبه: 6/ارد/1403 (الخميس: 16/شوال/1445)

إخراج المال الغریق

المسألة 19: إذا انكسرت السفینة فی البحر فغرقت وما فیها، فاُخرج بعضه أو بعض ما فیها بالغوص، أو أخرج البحرُ بعضه أو بعض ما فیها، فمقتضى القاعدة كون الجمیع لمالكه، ومجرّد الغرق والیأس عن الظفر به لیس بمنزلة الإعراض، فعلى هذا إن عَرف مالكه فهو له، وإلّا فیعمل معه ما یعمل بمجهول المالك.

إلّا أنّ هنا روایتین ینتهی سند كلٍّ منهما إلى السكونی، إحداهما: ما رواه عن أبی عبد الله× فی حدیث عن أمیر المؤمنین× قال: «وإذا غرقت السفینة وما فیها فأصابه الناس، فما قذف به البحر على ساحله فهو لأهله وهم أحقّ به، وما غاص علیه الناس وتركه صاحبه فهو لهم».([1])

وثانیتهما: ما رواه الشعیری قال: «سئل أبو عبد الله× عن سفینة انكسرت فی البحر، فاُخرج بعضها بالغوص، وأخرج البحر بعض ما غرق فیها؟ فقال: أمّا ما أخرجه البحر فهو لأهله، الله أخرجه، وأمّا ما اُخرج بالغوص فهو لهم وهم
أحق به».([2])

 

ویمكن أن یقال ـ على ما ربّما یستفاد من كلام بعض الأعاظم من المعاصرین حیث یعتمد على الروایة الأولى دون الثانیة؛ لعدم وثاقة اُمیة بن عمر والواقع فی سندها ـ إنّ الحكم بكونه للغائص مشروط بترك صاحبه له، أی إعراضه عنه. وأفاد بأنّه لا فرق فی الإعراض بین أن یكون كراهةً له، أو قهراً علیه؛ لعدم تمكّنه من الوصول إلیه.([3])

أقول: یمكن أن یقال: الإعراض إنّما یتحقّق بالترك الاختیاری، فمن ضلَّ شیئاً فی أرض وفحص عنه ولم یجده وذهب: إن وجده أحد لا یجوز له تملّكه بإعراض مالكه عنه، بل اللازم أن یكون هناك قرینة على أنّه تركه من قبل نفسه حتى یأتی من یأخذه.

وأفاد السیّد الاُستاذ الأعظم+: بأنّ الظاهر بقاء المال فی ملك مالكه، وعلى تقدیر الشكّ فی بقائه یستصحب حاله السابق على الغرق.

وبالجملة: أفاد بأنّ الحدیث من جهة دلالته على أنّ ما أخرجه البحر یكون ملكاً لمالكه موافق للقواعد، ومن جهة إخراجه بالغوص مخالف لها، ولا یمكن القول به على خلاف القواعد تعـبّداً؛ لضعف سنده بالسكونی،([4]) وعدم إثبات العمل به من الأصحاب حتى یقال بجبر ضعفه بالعمل، بل إنّهم ـ قدّس الله أسرارهم ـ قد أفتـوا ـ فیما إذا ألقى الغاصب المال فی البحر أو غرق المال

 

المغصوب الّذی تحت یده فی البحرـ بوجوب ردّ بدل الحیلولة إلى مالكه إلى أن یرتفع المانع، أو یحصل الیقین بتلفه، ولازم هذا القول عدم قولهم بتلف المال الغریق، وأنّه لو اُخرج من البحر یردّ إلى صاحبه وبدل الحیلولة إلى غاصبه.

والحاصل: أنّه من حكمهم فی بدل الحیلولة یعلم أنّ الغریق من المال لا یخرج من ملك مالكه، ولذا قلنا: إنّ الحكم بكونه لمالكه إذا أخرجه البحر موافق للقاعدة، وعلى هذا فالأقوى ردّ المال إذا خرج بالغوص إلى مالكه.

ثم إنّه على القول بروایة السكونی فالظاهر أنّ ما اُخرج بالغوص لا یلحق فی الحكم بما یخرج ممّا یتكوّن فی البحر بالغوص؛ لانصـراف الأخبار عن مثله، وانصرافها إلى خصوص ما یتكوّن فی البحر، وإن كان مقتضى الاحتیاط إلحاقه بالغوص إن بلغ النصاب، وبأرباح المكاسب إن كان الأقلّ من النصاب. والله هو العالم بالأحكام.

 

([1]) الکافی، ج5، ص242؛ تهذیب الأحکام، ج7، ص219؛ وسائل الشیعة، كتاب اللقطة، ب 11، ح1، ج17، ص361 ـ 362؛ والشعیری من ألقاب السكونی، واسمه اسماعیل بن أبی زیاد.

([2]) تهذیب الأحکام، ج6، ص295؛ وسائل الشیعة، کتاب اللقطة، ب11، ح2، ج17، ص362.

([3]) المستند فی شرح العروة الوثقی، ج25، ص118.

([4]) وضعف الراوی عنه هنا وإن كان یمكن جبر ضعف السكونی إذا كان الراوی عنه مثل فضالة بن أیّوب وعبد الله بن المغیرة وهما من الأجلّاء وأصحاب الإجماع.

موضوع: 
نويسنده: