پنجشنبه: 6/ارد/1403 (الخميس: 16/شوال/1445)

 

الفصل الخامس
ممّا یجب فیه الخمس

الحلال المختلط بالحرام

 

بحیث لا یتمیز أحدهما من الآخر لا بالشخص ولا بالمقدار، ولا یعرف صاحبه أصلاً ولو فی عدد محصور، على المشهور بل فی المنتهى([1]) نسبته إلى الأكثر، بل ظاهر بعضهم الإجماع علیه. وعن البیان دعوى اندراجه فی الغنیمة.

وقد یستدلّ له بما فی صحیح علیّ بن مهزیار، قال فیه: «والغنائم والفوائد ـ یرحمك الله ـ فهی الغنیمة یغنمها المرء، والفائدة یفیدها، والجائزة من الإنسان للإنسان الّتی لها خطر، والمیراث الّذی لا یحتسب من غیر أب ولا ابن، ومثل عدوٍّ یصطلم فیؤخذ ماله، ومثل مال یؤخذ ولا یعرف له صاحب، وما صار إلى موالی من أموال الخرّمیة الفسقة...» الى آخره.([2])

ولا یخفى ما فیها. أمّا كون المال المختلط بالحرام من الغنیمة فظاهر أنّه لیس منها، كما أنّه لیس من العناوین المذكورة فی الصحیح.

والعمدة فی مقام الاستدلال: روایات اُخرى:

منها: خبر الحسن بن زیاد، عن أبی عبد الله× قال: «إنّ رجـلاً أتى أمیر المؤمنین× فقال: یا أمیر المؤمنین، إنّی أصبت مالاً لا أعرف حلاله من حرامه؟ فقال له: أخرج الخمس من ذلك المال، فإنّ الله عزّ وجلّ قد رضی من ذلك المال

 

بالخمس، واجتنب ما كان صاحبه یعلم».([3])

ومنها: مرسل الصدوق، قال: «جاء رجل إلى أمیر المؤمنین× فقال: یا أمیر المؤمنین، اُصبت مالاً أغمضت فیه أ فلی توبة؟ قال: ائتنی بخمسه، فأتاه بخمسه فقال: هو لك، إنّ الرجل إذا تاب تاب ماله معه».([4])

ومنها: عن السكونی، عن أبی عبد الله× قال: «أتى رجل أمیر المؤمنین× فقال: إنّی كسبت مالاً أغمضت فی مطالبه حلالاً وحراماً، وقد أردت التوبة، ولا أدری الحلال منه والحرام وقد اختلط علیّ؟ فقال أمیر المؤمنین×: تصدّق بخمس مالك فإن الله قد رضی من الأشیاء بالخمس، وسائر المال لك حلال».([5])

والظاهر أنّ مرسل الصدوق لیس غیر ما رواه السكونی وما رواه الحسن بن زیاد، بل احتمال كون الثلاثة واحداً قویّ جدّاً، ولا أقلّ من أنّه لا یثبت بالثلاثة تعدّد المرویّ، وإنّما وقع الاختلاف فی الألفاظ لتعدّد الرواة والأسناد وعدم ضبط كلام الإمام× بلفظه الشریف ونقله بالمضمون، فالظاهر وحدة الحكایة الّتی أخبر عنها الإمام أبی عبد الله×، كما أنّ الظاهر وحدة حكایته× عنها.

 

إذن فالّذی یقوى فی النظر: أنّ هنا قضیةً واحدةً وقع السؤال عنها عن أمیر المؤمنین× وأخبر عنها الصادق× فی مجلس واحد، ورواها عنه السكونی والحسن بن زیاد.

وكیف كان فالمراد من الثلاثة: بیان حكم المال الّذی اختلط حلاله بحرامه من جهة عدم مبالاة من وقع تحت یده.

والظاهر عدم الفرق فی الحكم بین ما إذا وقع ابتداءً تحت یده، أو صار المال الّذی اختلط حرامه بحلاله تحت یده بأحد أسباب انتقال المال.

إذن فلا  فرق بین أن یكون قوله×: «واجتنب ما كان صاحبه یعلم»، كما هو فی الوسائل الموجود عندنا، أو كان «یعمل» كما هو فی التهذیب([6]) الموجود أیضاً عندنا، فقد روی الحدیث تحت رقم 358 و390 بلفظ «وصاحبه یعمل»، وفی ملاذ الأخیار([7]) جاء الأوّل بلفظ «یعمل» والثانی بلفظ «یعلم»، وقال فی الأوّل: ظاهره أنّ السائل كان ورث مالاً من رجل كان لا یبالی بكسب الحرام وجمعه، فبیَّن× له طریق المخرج من ذلك، ونهاه عمّا كان یعمل صاحب المال السابق من عدم المبالاة واكتساب الحرام.

وقال صاحب الوافی: هكذا فی النسخ الّتی رأیناها، والأظهر «یعلم» بدل «یعمل»، كما یوجد فی حواشی بعضها. ولو صحّ «یعمل» فلعلّ المراد به الأمر

 

باجتناب إصابة المال الّذی لا یعرف حلاله من حرامه، أو اجتناب عمل صاحبه وهو عدم المبالاة فی تحصیله، أو اجتناب ما كان صاحبه عامـلاً یعنی من قبل الجائر. انتهى.([8])

وقد قوّى السیّد الاُستاذ+ وقوع التحریف فی الروایة فصار بدل كلمة «یعلم» «یعمل».

وأقول: الظاهر أنّه كما یستفاد من ملاذ الأخیار أنّ الروایة فی التهذیب جاءت بلفظین، ففیما وقع تحت رقم 358 كان «یعمل»، وفیما وقع تحت رقم 390 كان «یعلم»، ولذا أعاد ذكرها فی باب الزیادات. وكیف كان فالمراد على ما ذكر معلوم.

 

([1]) منتهى المطلب، ج1، ص548.

([2]) الاستبصار، ج2، ص60 ـ 61؛ تهذیب الأحکام، ج4، ص141؛ وسائل الشیعة، أبواب ما یجب فیه الخمس، ب 8، ح 5، ج6، ص349.

([3]) تهذیب الأحکام، ج4، ص124، 138؛ وسائل الشیعة، أبواب ما یجب فیه الخمس، ب10، ح1، ج6، ص352 ـ 353.

([4]) من لا یحضره الفقیه، ج2، ص43؛ وسائل الشیعة، أبواب ما یجب فیه الخمس، ب10، ح3، ج6، ص353.

([5]) المحاسن، ج2، ص320؛ الکافی، ج5، ص125؛ تهذیب الأحکام، ج6، ص368؛ وسائل الشیعة، أبواب ما یجب فیه الخمس، ب 10، ح4، ج6، ص353.

([6]) تهذیب الأحكام، ج4 ، ص124، ح358، ص138، ح390.

([7]) ملاذ الأخیار، ج6، ص349، ح15.

([8]) الوافی، ج10، ص315، ح15 (بیان).

موضوع: 
نويسنده: