چهارشنبه: 5/ارد/1403 (الأربعاء: 15/شوال/1445)

تخمیس مال الإجارة لأكثر من سنة

مسألة 53: هل یختصّ الحكم بثبوت الخمس فیما یحصل بالإجارة بما إذا كانت لسنة واحدة، أو یشمل ما إذا كانت لأكثر من سنة، فیجب علیه إن زادت الاُجرة على مؤونة سنته الأولى تخمیس ما بقی وإن كان بإزاء السنین الآتیة، فهل یُعدّ ما یقابل منافع السنة التالیة منفعة السنة الأوّلى، أو یختصّ بسنتها فیؤدّی خمسها بعد مضیّ سنتها المتعلّقة بها؟

قد یقال بأنّ الإجارة: إمّا تكون متعلّقة بالأعمال أو بالأعیان، فإن كان متعلّقة بالأعمال لا یجب دفع خمس الزائد على السنة الواحدة، لعدم صدق الفائدة على أكثر من ذلك وإن كان مالكاً لاُجرة السنة الآتیة؛ لأنّه تسلّمها على الفرض، إلّا أنّه مدین فعلا بنفس العمل الّذی هو قبال الاُجرة فی السنة الآتیة، فلا  یصدق علیه أنّه استفاد بلا عوض لیتعلّق به الخمس، وهذا كما لو استدان مبلغاً وبقی منه فی آخر السنة مقدار وهو مدین بمقداره للغیر. نعم، بعد ما أدّى دینه وكان ذلك باقیاً یجب تخمیسه، ولا فرق فی ذلك بین الأموال والأعمال.

 

وأمّا إذا كانت الإجارة متعلّقة بالأعیان كالدار والأرض والسّیارة وغیرها فقد قیل([1]) بالاحتساب وأداء خمس ما بقی من إجارة السنوات الآتیة فی السنة الأوّلى، لأنّها منفعة خالصة ومصداق للفائدة.

ولكنّه غیر ظاهر (وإلیك ما أفاده المستشكل فی وجه عدم الظهور) لاستیجاب هذا النوع من الإیجار نقصاً فی مالیة العین بطبیعة الحال، ضرورة أنّ الدار المسلوبة المنفعة عشر سنین أو أقلّ تسوى بأقلّ منها لو لم تكن مسلوبة، فكانت تقوّم بألف والآن بثمانمئة مثلاً، ولا شكّ أنّ هذا النقص لابدّ من احتسابه ومراعاته عند ملاحظة الفائدة، فلا  یستثنى من الاُجرة الّتی تسلّمها خصوص مؤونة هذه السنة، بل یراعی النقص المزبور أیضاً.

فلو فرضنا أنّ الدار تسوى ألف دینار وقد آجرها عشر سنین بأربعمئة دینار وتسلّم الاُجرة بتمامها وصرف منها فی مؤونته مئة دینار، فكان الباقی له عند انتهاء السنة ثلاثمئة دینار، لم یجب الخمس فی تمامه، بل ینبغی تخریج مقدار یجبر به النقص الوارد على الدار الناشئ من كونها مسلوبة المنفعة تسع سنین، فلو فرضنا أنّ قیمتها فی هذه الحالة ثمانمئة دینار فنقصت عن قیمتها السابقة مئتان، یستثنى ذلك عن الثلاثمئة ولم یجب الخمس إلّا فی مئة دینار فقط؛ إذ لم یستفد

 

أكثر من ذلك، ولا خمس إلّا فی الغنیمة والفائدة دون غیرها.([2]) انتهى.

أقول: أمّا بالنسبة إلى الأعمال فعلى ما أفاده ینبغی أن نقول: إذا صار أجیراً لإحدى عشرة سنةً بمئة دینار فی كلّ سنة فلا  یجب علیه تخمیس اُجرة السنة الآتیة؛ لأنّ ما یقابلها من العمل على ذمّته، وإذا كان اُجرة عملها فی الواقع أقلّ من المئة یجب علیه خمس الزائد على قیمته الواقعیة إن لم یصـرفه فی السنة الأوّلى؛ لأنّه فائدة ومنفعة اكتسبها بالفعل.

وأمّا بالنسبة إلى الأعیان، فإذا كان الاعتبار فی حصول الفائدة ما أفاده فلابدّ أن نقول: فی كلّ عین مستأجرة ولو سنة واحدة بصیرورتها مسلوبة المنفعة سنة تنقص من قیمتها مبلغاً لا یعدّ المنفعة والفائدة إلّا إذا كانت الاُجرة المعیّنة أكثر من هذا النقص فیجب الخمس فی الزائد.

وبالجملة: لم نتحصّل ذلك كما ینبغی. والّذی نقول فی الوجه لعدم وجوب خمس ما یتعلّق بالسنوات الآتیة، سواء كان اُجرة العمل أو العین: إنّ الاُجرة وإن دخلت فی ملك الموجر والأجیر إلّا أنّه ضامن لها إن لم یستوف المنفعة المستأجرة لجهة كخراب البناء، أو فوت الأجیر، وإنّما یجب الخمس فی المال الّذی استقرّت ملكیّته للمالك دون مثل ذلك، والله هو العالم.

 

([1]) والقائل هو السیّد الحكیم+ فی منهاج الصالحین، كتاب الخمس، ج1، ص468 ـ 469،
مسألة 45.

([2]) المستند فی شرح العروة الوثقی، ج25، ص223.

موضوع: 
نويسنده: