جمعه: 31/فرو/1403 (الجمعة: 10/شوال/1445)

تعلّق الخمس بالخمس أو الزكاة أو الصدقة

مسألة 55: قال الشیخ الأنصاری+: «فی وجوبه (أی الخمس) فی مثل الزكاة والخمس إذا فضل شیء منهما عن مؤونة السنة إشكال؛ نظراً إلى أنّه للسادة والفقراء، فكأنّه یدفع إلیهم ما یطلبونه، فیشكل

 

صدق الفائدة. مع أنّ هذا الفرض إنّما یصحّ فی الخمس بناءً على عدم وجوب الاقتصار فی الدفع على مؤونة السنة».([1])

أقول: كأنّه أراد من الإشكال أنّ الخمس ملك للكلّی، أی بعبارة اُخرى: له شخصیة حقوقیة، أو هو جهة خاصّة یصرف منها ما یطلبه السادة ویحتاجون إلیه، فلا  یصدق علیه الفائدة، ولكن یصحّ هذا على القول بعدم جواز دفع ما یزید على مؤونة السنة إلیه، وأمّا على القول بجوازه فالظاهر صدق الفائدة علیه.

وربّما یورد على القول بوجوبه فی الخمس بالإشكال المعروف المذكور فی باب حجیة خبر الواحد، وهو: أنّ دلیل الحجّیة لا یشمل خبر الواسطة كخبر المفید الّذی أخبر عنه الشیخ؛ لأنّ شمول دلیل الحجّیة ـ مثل صدّق العادل ـ لا یصحّ لخبر الشیخ إلّا إذا كان لِما أخبر عنه الشیخ أثر شرعی، وهو هنا وجوب تصدیق خبر المفید بدلیل حجّیة خبر العادل، فیلزم من ذلك أخذ الحكم فی موضوعه، وتقدُّم الحكم على موضوعه وتوقّفه على نفسه.

وفی المقام أیضاً الدلیل على وجوب الخمس إن شمل ما مَلِكَه بالخمس یلزم أن یكون الحكم محقّقاً لموضوعه. وبعبارة اُخرى: موضوع وجوب الخمس ما ملكه بغیر الخمس، ولا یمكن أن یكون ما یملكه به موضوعاً له.

ویمكن أن یقال: أمّا بالنسبة إلى الإشكال المذكور فی البحث عن حجّیة الخبر: أنّ الحكم بحجیة الخبر من القضایا الّتی تنحلّ إلى قضایا كثیرة جزئیة وأحكام

 

متعدّدة لكلّ حكم موضوعه المختصّ به، فالحكم بوجوب تصدیق خبر المفید الثابت بإخبار الشیخ عنه لیس عین الحكم بوجوب تصدیق خبر الشیخ، بل هو مثله وغیره.

وبالنسبة إلى الخمس أیضاً «قضیّة فی كلّ فائدة الخمس» تنحلّ إلى قضایا كثیرة منها تعلّق الخمس بهذه الفائدة الحاصلة من التجارة، ومنها تعلّقه بهذه الفائدة العائدة إلیه من الخمس.

ولكنّ الإنصاف أنّ ذلك لا یستفاد من قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِن شَیْءٍ فَأَنَّ لِ‍لّٰهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی الْقُرْبَى﴾.([2])

وبعبارة اُخرى: الآیة وإن كانت متضمّنة للحكم الكلّی الانحلالی، إلّا أنّها منصرفة عمّا یملكه السادة الّذین جعل الله لهم الخمس بالخمس، فمقتضى الأصل عدم وجوب الخمس فیه علیهم.

نعم، الظاهر أنّه یجب الخمس فیما اُرسل إلى السادة من الخمس الّذی وصل إلیهم هدیّة. كما أنّ الظاهر أنّه لا خمس فی ما یعطیه الإمام× جائزة وهدیّة من الخمس. ویدلّ علیه: ما رواه الكلینی+، عن علیّ بن الحسین بن عبد ربّه بسند فیه سهل بن زیاد، قال: «سرّح الرضا× بصلة إلى أبی، فكتب إلیه أبی: هل علیّ فیما سرّحت إلیّ خمس؟ فكتب إلیه: لا خمس علیك فیما سرّح به صاحب الخمس».([3])

 

فهل یلحق به ما یعطیه× من غیر الخمس؟ الأحوط عدم الإلحاق. وفیما یعطیه الفقیه من سهم الإمام المبارك×  ـ روحی لتراب مقدم خدّامه الفداء ـ إشكال، وإن كان الأحوط الأداء.

وبالنسبة إلى الزكاة فإن قلنا بجواز إعطائها الفقیر ما زاد على مؤونة سنته یجب الخمس، وإلّا فلا  یبقى له محلّ له.

وبالنسبة إلى الصدقة الواجبة بل المتسحبّة أیضاً لا یترك الاحتیاط بالأداء.

وربّما یقال بعدم تعلّق الخمس بجمیع هذه الأقسام لانصراف الغنیمة عنها، ولا یبعد القول به وإن كان مراعاة الاحتیاط ـ كما ذكر ـ لا ینبغی تركها، والله هو العالم.

 

([1]) كتاب الخمس للشیخ الأنصاری، ص195.

([2]) الأنفال، 41.

([3]) وسائل الشیعة، أبواب ما یجب فیه الخمس، ب 11، ج6، ص354، ح 2.

موضوع: 
نويسنده: