پنجشنبه: 9/فرو/1403 (الخميس: 18/رمضان/1445)

عدم الفرق بین أقسام المؤونة

مسألة 65: كما یكون ما یصـرفه فیما تتلف عینه مثل المأكول والمشروب وما یعطیه من الربح للأشخاص للأغراض العرفیة من المؤونة كذلك یكون منها ما یحتاج إلیه فی سنة الربح ممّا تبقى عینه، كالفرش والأثاث والمركب ما دام الحاجة إلیها باقیة فی السنة الآتیة، فلا  فرق فی إطلاق المؤونة علیهما، فلا  وجه لأن یقال: إنّه یستثنى من الربح ما یستهلك منه فی سنته. وكذلك یكون منها ما یستغنی عنه بعد رفع حاجـته كالمرأة الّتی تستغنی عن الحلّی بعد عصـر شبابها، وكل ذلك لإطلاق المؤونة.

 

لا یقال: إذا استغنى عنه یكون واقعاً تحت عموم أدلّة الخمس.

فإنّه یقال: هذا إذا كان الدلیل الدالّ على استثناء المؤونة أزمانیاً دالّا ًعلى استثنائها فی زمان خاصّ مثل زمان الحاجة إلیه، ولكنّ الدلیل یكون أفرادیاً یدلّ على خروج الفرد الخاصّ المحتاج إلیه للمؤونة عن تحت العامّ فی جمیع الأزمنة، فلا  یجوز التمسّك بعموم العامّ بالنسبة إلیه فی بعض الأزمنة دون الآخر، وهذا یكون مثل خروج زید عن عموم أكرم العلماء، فإنّه لا یجوز التمسّك به لإثبات وجوب إكرام زید فی بعض أحواله، فمقتضـى إطلاق دلیل المخصّص كونه محكوماً بالاستثناء فی جمیع حالاته. فلا  حاجة إلى التمسّك بالأصل ـ كما أفاده بعض الأعلام([1]) ـ لنفی وجوب الخمس عن بعض حالات الفرد لرفع الشكّ، ولا تنتهی النوبة إلیه.

وأمّا ما أفاده من أنّ موضوع الخمس ـ وهو الفائدة والغنیمة بالمعنى الأعمّ ـ ظاهر فی الحدوث، بل لا بقاء لها وإنّما الباقی المال. وأمّا الإفادة فهی أمر حادث تقع فی كلّ ربح مرّة واحدة من غیر تكرّر، فإذا بقیت العین بعد السنة وخرجت عن الحاجة والمؤونیّة كالحلیّ للنسوان أو بعض الكتب لأهل العلم فلیست هناك إفادة جدیدة ولم تحدث فائدة ثانیة لیتعلّق بها الخمس، فحینما حدثت الإفادة لم یجب الخمس على الفرض؛ لأنّها كانت آنذاك من المؤونة ولا خمس إلّا بعد المؤونة، وبعد زوال الحاجة والخروج عن المؤونیّة لم تتحقّق فائدة ثانیة لیتعلّق

بها الخمس».([2])

وفیه: أنّ ما أفاده مبنیّ على أنّ تشریع الخمس یكون بعد استثناء المؤونة، كتشریع الإرث فإنّه یكون بعد الوصیّة والدین، فبعد حدوث الغنیمة قد تعلّق الخمس بما زاد على المؤونة الّتی منها ما كان محتاجا إلیه بالفعل، وبعد استغنائه لا تحدث غنیمة جدیدة حتى یتعلّق بها الخمس. ولكنّ الكلام فی المبنى فإنّ الخمس یتعلّق بعین الربح، غیر أنّ المالك مأذون فی التصرّف فیه لمؤونته، فما لم تبقَ عینه بالتصرّف فیه لا خمس فیه، وما بقیت عینه واستغنى عنه یجب أداء خمسه.

ویمكن أن یقال بالتفصیل: بأنّ ما صرف فی المؤونة إن بقیت عینه حین خروجه عن المؤونیة یجب تخمیسه، وإن لم یبقَ ولو بتبدیله بعین آخر لا یجب تخمیس بدله، فمثل حلیّ النساء بعد استغنائهنّ عنه لا یجب تخمیسه، وهذا لیس ببعید، وهو الأحوط.

هذا كلّه، ونعید الكلام ونقول بعد كلّ ما ذكر: إنّه بناءً على إطلاق قوله×: «الخمس بعد المؤونة» بحیث یشمل استثناء ما صرف فی المؤونة الّتی تزول الحاجة إلیها بعد حین وإن بقیت عینه على حالها، فلا كلام فی استثناء ما صرف فیها، وصحّة التمسّك بإطلاق دلیل المخصّص بعد الاستثناء عنه.

وبعبارة اُخرى: بناءً على إطلاق المؤونة وشمولها للمؤونة الّتی تخرج عن الاحتیاج إلیه بعد حین لابدّ للقول باستثنائها كسائر المؤن. وأمّا على القول بعدم

 

شمول إطلاقه لمثل هذه المؤونة أو الشكّ فیه فمقتضى الأصل ـ أی عموم العامّ ـ وجوب تخمیسها، إلّا أنّه یبقى الكلام فی جواز التصرّف فیها بعد حلول العام علیها وبقاء الحاجة الیها، فلیكن ذلك شاهداً على استثناء هذه المؤونة مطلقاً؛ لأنّه لا ریب فی جواز التصرّف فیها بعد مضیّ السنة علیها، ولا دلیل على ذلك إلّا كونها واقعة تحت قوله: «الخمس بعد المؤونة»، وخروجها عن تحت عموم العامّ. وینبغی مراعاة الاحتیاط وأداء خمس فائدة جعلت عینها المؤونة وخرجت عن الحاجة إلیها، بل أداء خمسها وإن لم تخرج عن الحاجة ولكن مضـى علیها الحول، بل یمكن أن یقال بهذا الإحتیاط إن اشترى بالفائدة ما یحتاج إلیه لمؤونته الّتی بقیت كذلك.

 

([1]) المستند فی شرح العروة الوثقی، ج25، ص262 ـ 263.

([2]) المستند فی شرح العروة الوثقی، ص255 ـ 256.

موضوع: 
نويسنده: