جمعه: 10/فرو/1403 (الجمعة: 19/رمضان/1445)

مقام الإثبات

إذا عرفت إمكان رجوع القید إلى الطلب مع إطلاق المطلوب ثبوتاً، یبقى الكلام فی مقام الإثبات وفی أنّه هل یوجد فی اللغات المتداولة سیّما اللغة العربیة الواسعة لفظ یفید ذلك المعنى أو لا؟ فلو ادّعی إمكان أن یكون لأهل الألسنة سیّما أهل اللسان

 

العربی مراداً مثل ما ذكر ولم یمكنهم إفادته ولا بیانه، فلا ریب أنّه خلاف الواقع؛ لأنّا نرى بالوجدان أنّ أهل کلّ لغة سیّما العرب یعبّرون فی مقام التفهیم ـ بتوسط الجمل الشرطیة ـ عن مرادهم إذا كان من قبیل ما ذكر. ولو قال لهم قائل بأنّ ذلك محال، لم یقبلوا منه، ویعدّون قوله شبهة فی مقابل البدیهة وإنكاراً للوجدانیات، فإنّ کلّ أحد یرى من نفسه إمكان إفادة هذا المراد فی مقام الإفهام بتوسط إنشاء الجمل الشرطیة. وهذا شائع فی محاوراتهم واستعمالاتهم من دون أن ینكره أحد. فعلى هذا، لا مجال للاعتناء بالإشكالات المذكورة ودعوى استحالة ذلك؛ إذ كلّها شبهات مقابل البدیهة والوجدان. مع أنّ أدلّ دلیل على إمكان شیء وقوعه.

ثم إنّه لا یخفى علیك عدم الفرق فی ذلك بین قوله: «أطلب منك الإكرام إن جاء زید» أو «إن جاء زید فأكرمه».

نعم، الفرق بینهما كما مرّ من جهة أنّ الطلب فی الأوّل وقع تحت لحاظ الآمر مستقلّا أی لاحظه باللحاظ الاستقلالی ثم استعمل لفظ الطلب. وأمّا فی الثانی فهو مغفولٌ عنه، وملاحظته مندكّة فی ملاحظة المطلوب و أنّ الآمر لا یرى إلّا فعل الإكرام، فینشئ لفظ «أكرمه» من غیر التفات إلّا إلى تحقّق الإكرام من المطلوب منه. نعم، یرى الإكرام رؤیة من اشتاق إلیه ویتوجّه إلیه توجّه من یطلبه، كما أنّ الإنسان إذا مشى إلى مسجد یكون حین المشی غافلاً عن مشیه ولا یرى إلّا لكون فی المسجد.

ویمكن بعیداً أن یكون مراد الشیخ+ من عدم إمكان رجوع القید إلى الهیئة هذا الفرق الموجود بین النحوین من الأمر. وأنّه حیث إنّ الطلب مغفول عنه فلا یمكن تقییده؛ لأنّ إمكان تقییده ملازم لملحوظیته استقلالاً وهی خلاف الفرض. فحیث إنّ الآمر لا یرى إلّا المطلوب، فلابدّ من أن یكون القید راجعاً إلیه.

ولكن لا یخفى علیك أنّ هذا أیضاً فی الحقیقة یرجع إلى تقیید الهیئة.

 

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: