شنبه: 1/ارد/1403 (السبت: 11/شوال/1445)

تذنیب

إنّ للشیخ الأنصاری& كلاماً، حاصله: إنّ خبر الواحد إذا تعارض مع خبر آخر، وقلنا بالسببیة فی باب حجّیة الخبر بمعنى قیام المصلحة فی نفس العمل به، یكون من

 

قبیل المتزاحمین فیتقیّد إطلاق دلیل حجّیة کلّ منهما بعدم الآخر من غیر أن یسقط أصل الخطاب، وبهذا یرتفع محذور التزاحم.([1])

وأورد علیه بعض المعاصرین&([2]) ـ على ما فی تقریرات بحثه ـ بأنّ هذا التزام بخطابین یكون کلّ منهما مترتّباً على عدم امتثال الآخر ولیس هذا إلّا الالتزام بالترتّبین فضلاً عن الالتزام بترتّب واحد، والحال أنّ الشیخ ممّن ینكر إمكان الترتّب ویلتزم بسقوط الأمر بالمهمّ.([3])

هذا خلاصة ما أفاده المعاصر المزبور رداً على الشیخ&. ولكنّك بعد التأمّل فی كلام الشیخ& تعرف عدم ورود هذا الإشكال على كلامه؛ فإنّ مراد الشیخ أنّه بعد الالتزام بالسببیة ووجود المصلحة فی نفس العمل بالخبرین المتعارضین یرجع التعارض بینهما إلى التزاحم ونتیجته تقیید إطلاق دلیل کلّ منهما بعدم الآخر، وهذا عبارة اُخرى عن التخییر العقلی، وبهذا یرتفع محذور التزاحم من غیر أن یسقط الخطابین من الأصل.

وبعبارة أخرى: لا یكون مراد الشیخ& من تقیید کلّ من الإطلاقین بعدم الآخر

 

تقیید کلّ منهما بعصیان الآخر، كما هو الحال فی مسألة الترتّب حتى یكون کلّ واحد منهما مترتّباً على الآخر كما ظنّه هذا المحقّق المعاصر&، بل مراده تعیّن کلّ واحد منهما فی ظرف عدم الآخر بما أنّه عدم للآخر لا بما أنّه عصیان له. ولعلّ هذا هو محلّ التأمّل عند السیّد الشیرازی+ ووجه عدم التزامه بالعقابین.

نعم، لو كان عدم الآخر بمعنى التمرّد والعصیان یكون وجوب العمل بکلّ واحد منهما مـشروطاً بعصیان الآخر ویتّجه الإشكال، ولكن تفسیر كلامه بهذا واضح البطلان.

هذا خلاصة الكلام فی المقام ونسأل الله‏ التوفیق وعلیه التكلان.

 

 

 

([1]) الأنصاری، فرائد الاُصول، ج2، ص445 (فی التعادل والتراجیح، المقام الأول: فی المتکافئین)، وهذا نصه: «ولکن، لمّا کان امتثال التکلیف [بالعمل بکلّ] منهما کسائر التکالیف الشرعیة والعرفیة مشروطاً بالقدرة، والمفروض أنّ کلّا منهما مقدور فی حال ترك الآخر وغیر مقدور مع إیجاد الآخر، فکلّ منهما مع ترك الآخر مقدور یحرم ترکه ویتعیّن فعله. ومع إیجاد الآخر یجوز ترکه ولا یعاقب علیه. فوجوب الأخذ بأحدهما نتیجة أدلّة وجوب الامتثال [والعمل] بکلّ منهما بعد تقیید وجوب الامتثال بالقدرة.

وهذا ممّا یحکم به بدیهة العقل. کما فی کلّ واجبین اجتمعا علی المکلّف، ولا مانع من تعیین کلّ منهما علی المکلّف بمقتضی دلیله إلّا تعیین الآخر علیه کذلك».

([2]) یقصد به المحقّق النائینی& فی فوائد الاُصول (ج1، ص338 339)؛ وأجود التقریرات (ج1، ص287).

([3]) انظر إنکاره للترتّب فی مطارح الأنظار (الکلانتری الطهرانی، ص57 وما بعدها) (فی مباحث مقدّمة الواجب، الهدایة الّتی تکلّم فیها عن صحّة اشتراط الوجوب عقلاً بفعل محرّم مقدّم علیه وعدمها).

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: