شنبه: 1/ارد/1403 (السبت: 11/شوال/1445)

الفصل السادس:
فی أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه

هل یجوز أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه أو لا؟([1])

إعلم: أنّ هذا البحث قد انقلب عمّا هو علیه أوّلاً، ضرورة أنّه لا معنى للبحث عن هذا العنوان ولا محصّل له، بل محصّله لا یكون إلّا التناقض؛ فإنّ مع انتفاء الشرط ینتفی المشروط وهو الأمر، فیكون محصّل العنوان: أنّ مع فرض عدم الأمر هل یجوز الأمر أو لا؟ ولیس هذا إلّا التناقض. فالصحیح فی عنوان المسألة أن یقال: هل یجوز للآمر الأمر مع كون أمره واجداً لشرائطه حین الأمر ولكنّه یعلم انتفاء بعض شرائطه عند مجیء وقت العمل به، كما فی أمره مع علمه بالنسخ عند حضور وقت العمل مثل:

 

أمره تعالى بذبح إبراهیم ـ على نبیّنا وآله وعلیه السلام ـ ولده مع علمه تعالى بفقدان شرطه وقت العمل، فإنّه ربما یكون من شرائط وجوبه عدم وجود الفداء.

إذا عرفت ما یمكن أن یرجع إلیه البحث وعنوان الكلام فاعلم: أنّ الأشاعرة لمّا ذهبوا إلى الكلام النفسی وأنّه غیر الإرادة النفسانیة([2]) التزموا بجواز ذلك؛ لأنّه لا مانع من تعلّق الطلب النفسی على هذا بأمر یعلم الآمر فقدان شرطه عند حضور وقت العمل.([3]) وأمّا المعتزلة: فقد ذهبوا إلى عدم جواز ذلك؛([4]) فإنّهم نفوا وجود صفة قائمة بالنفس غیر الإرادة وسائر الصفات المعروفة، فبناءً علیه لا یمكن تعلّق الإرادة بـشیء كان الآمر عالماً بفقدان شرط أمره قبل حضور وقت العمل. وأمّا قضیّة إبراهیم× وأمثالها فقد أسلفنا الكلام فی تحقیقه، فتدبّر.

 

 

 

([1]) انظر عنوان المسألة والبحث فیها عند القدماء فی الذریعة إلی اُصول الشـریعة (الشـریف المرتضی، ج1، ص430)؛ العدّة فی اُصول الفقه (الطوسی، ج2، ص518)؛ معارج الاُصول (المحقّق الحلّی، ص167 وما بعدها)؛ المستصفی (الغزالی، ج1، ص215)؛ الاحکام (الآمدی، ج3، ص115)؛ الإبهاج بـشرح المنهاج (السبکی، ج2، ص234)؛ اللمع فی اُصول الفقه (الاشعری، ص56)؛ شرح اللمع، ج1، ص485؛ شرح المنهاج،  ج1، ص469؛ المعتمد (البصـری، ج1، ص164) (شروط حسن الأمر)، ص375 376؛ الاحکام (ابن حزم الأندلسـی، ج4، ص512)؛ المنخول (الغزالی، ص392)؛ روضة الناظر (المقدسی، ص70)؛ المحصول (الفخر الرازی، ج2، ص275؛ ج3، ص311).

وعند المتأخّرین فی معالم الدین (العاملی، ص82)؛ قوانین الاُصول (القمی، ج1، ص124)؛ هدایة المسترشدین (الأصفهانی، ص300)؛ الفصول الغرویة (الأصفهانی، ص109).

([2]) راجع: الفخر الرازی، المحصول، ج2، ص 18؛ وأیضاً: الجرجانی، شرح المواقف، ج8، ص91 104؛ التفتازانی، شرح المقاصد، ج4، ص147 151. وانظر نسبة الجواز إلی أکثر مخالفینا فی المعالم (العاملی، ص82)؛ والقوانین (القمّی، ج1، ص126).

([3]) راجع: شرح العضدی علی مختصـر ابن الحاجب (ص106، 108)؛ المستصفی (الغزالی، ج1، ص215)؛ المعتمد (البصری، ج1، ص376)؛ تیسیر التحریر (الفخر الرازی، ج2، ص240).

([4]) راجع: البصری، المعتمد، ج1، ص376؛ الفخر الرازی، المحصول، ج2، ص19.

موضوع: 
نويسنده: