شنبه: 1/ارد/1403 (السبت: 11/شوال/1445)

إمكان التخییر بین الأقلّ والأكثر

وقع الخلاف فی إمكان التخییر بین الأقلّ والأكثر.([1])

ولا یخفى: أنّه لابدّ من فرض النزاع فیما إذا كان الأكثر مشتملاً على الأقلّ، وهذا هو معنى الأقلّ والأكثر؛ فالزیادة الّتی تزید على الأقلّ إمّا أن تكون من جنس المزید علیه وهذا كالطبائع المشكّكة الّتی لها أفراد مختلفة فی الشدّة والضعف والطول والقصـر والأوّلیة والآخریة، وإمّا أن لا تكون كذلك بل الزیادة تكون مباینة للأقلّ، فیكون الأقلّ والأكثر من قبیل المتباینین.

والحاصل: أنّ محلّ النزاع یكون فیما إذا كانت الجهة المشتركة هی الجهة المائزة، سواء كانت من قبیل الكمّیات المنفصلة كالأعداد، أو المتّصلة كالخطّ. مع فرض أنّ موضوع النزاع هو ذات الأقلّ والأكثر، لا بما أنّ الأقلّ له حدّ عدمی هو عدم وجدانه للزیادة وأخذه بشرط لا؛ إذ حینئذٍ یصیر من قبیل المتباینین تباین الماهیة بـشرط لا مع الماهیة بشرط شیء، فیخرج عن محلّ النزاع.

إذا عرفت ذلك، فاعلم: أنّه قد یقال فی تقریب التخییر: بأنّه إذا كان الأقلّ محصّلاً للغرض والأكثر أیضاً محصّلاً له بحیث یكون إذا وجد الأقلّ وجد الغرض بتمامه، وإذا وجد الأكثر وجد الغرض بتمامه أیضاً، ویكون الأقلّ فی ضمن الأكثر جزءً للمحصّل، فتخصیص الوجوب بخصوص الأقلّ أو الأكثر یكون بلا مخصّص لا محالة؛ بداهة أنّه إذا كان الخطّ الطویل كالقصیر محصّلاً لتمام الغرض یكون تخصیص الوجوب بأحدهما دون الآخر تخصیصاً من غیر مخصّص، هذا فی الكمّیات المتّصلة.

 

وأمّا الكمّیات المنفصلة أو المتّصلة الّتی یتخلّل فیها العدم، فهی أیضاً كذلك؛ لأنّ الغرض إنّما یترتّب على الأقلّ لو لم یضمّ إلیه الأزید، ولو انضمّ إلیه الأزید فلا یترتّب علیه بل یترتّب على فرد آخر وهو الأكثر. هذا ملخّص تقریب القول بالتخییر.

ولكنّك خبیر بأنّه لو كان الأقلّ والأكثر من الكمّیات المنفصلة أو ممّا یتخلّل فیه العدم، كالخطّ الّذی یقطع فی حدّ مّا، فیحصل الغرض بمجرّد حصول الأقلّ، فلایصحّ فرض التخییر بینهما أصلاً.([2])

نعم، یمكن أن یقال: بأنّه لو كانت للطبیعة الجامعة خصوصیة ملازمة للأقلّ وخصوصیة اُخرى ملازمة للأكثر، كالصلاة المخصَّصه بالخصوصیّة السفریة أو الحـضریة تكون فی الأقلّ مصلحة لا تكون فی الأكثر وفی الأكثر مصلحة لا تكون فی الأقلّ إلّا أنّ كلّا من المصلحتین لو حصلت توجب سقوط الاُخرى. ویمكن أن تكون التسبیحة من هذا القبیل، فإنّها لو لوحظت بماهی هی وبما أنّها تسبیحة من غیر ضمّ خصوصیة بها لایمكن تصوّر التخییر بین الأقلّ والأكثر فیها؛ لأنّ الغرض یحصل بأوّل تسبیحة صدرت من المكلّف ولا تصل النوبة إلى الأكثر. وأمّا إذا لوحظت مع خصوصیة وبما أنّ فی إحداها مصلحة خاصّة وفی الثلاثة مصلحة اُخرى لامانع من تصویر التخییر بینهما حینئذٍ. هذا كلّه فیما إذا كان على نحو الانفصال كما فی التسبیحات، أو الاتّصال مع تخلّل العدم فیه.

وأمّا لو لم یكن كذلك وكان متّصلاً من غیر تخلّل عدم فی اتّصاله، فلا یبعد صحّة التخییر بینهما مطلقاً ولو لم یكن کلّ من الأقلّ والأكثر ملازماً لعنوان ذی مصلحة خاصّة؛ فإنّ الخطّ الطویل یكون فرداً واحداً من الخطّ، والقصیر أیضاً فرداً منه، فما دام لم یتخلّل العدم فی رسمه یكون شیئاً واحداً غیر الآخر، قصیراً كان أو طویلاً، فتدبّر.

 

 

([1]) القمّی، قوانین الاُصول، ج1، ص117؛ الأصفهانی، الفصول الغرویة، ص103؛ الخراسانی، کفایة الاُصول، ج1، ص226.

([2]) استدلّ بهذا الدلیل المحقّق القمّی& فی ما إذا کان حصول الأکثر تدریجیاً. راجع المصدر نفسه.

وذکره الجواهر (النجفی، ج10، ص43) فی عدد أدلّة القائلین باستحباب ما زاد علی الأربع من التسبیحات، وأجاب عنه، فراجع.

موضوع: 
نويسنده: