پنجشنبه: 30/فرو/1403 (الخميس: 9/شوال/1445)

الفصل التاسع:
فی الواجب المطلق والموقّت

إنّ الواجب إمّا مطلق وهو: ما لیس للزمان دخل فی حصول مصلحته إذا أتى به، حتى لو فرض حصول الواجب فی ما وراء عالم الزمان لا مانع من تحقّق مصلحته.

فعلى هذا، ولو كان الفعل المأمور به من الزمانیات بمعنى ضرورة وقوعه فی وعاء الزمان ولكن لا یكون هذا سبباً لدخل الزمان فی حصول مصلحته وتقیّد الواجب بزمان خاصّ.

وإمّا موقّت وهو: ما كان للزمان دخل فی حصول مصلحته.

وهذا تارة: یكون الزمان الّذی له دخل فی حصول مصلحته بمقدار ما یحتاج فعل الواجب إلیه من غیر زیادة، فهو المضیّق. وتارة: یكون أوسع من ذلك كصلاة الظهر، وهو الموسّع.

فالواجب الموسّع هو الفعل الّذی أمر بإتیانه فی القطعة الواسعة من الزمان، فیكون المأمور به طبیعة الفعل الواقعة فی تلك القطعة من غیر دخالة لوقوعها فی أوّلها أو وسطها أو آخرها فی حصول المصلحة. فكما تكون للطبیعة أفراد دفعیة، تكون للموسّع أیضاً أفراد تدریجیة. وكما أنّ المكلّف مختار فی إتیان کلّ واحد من أفرادها الدفعیة، كذلك هو مخیّر بالنسبة إلى أفرادها التدریجیة. وكما أنّ التخییر بین الأفراد الدفعیة عقلی، یكون التخییر بین الأفراد التدریجیة أیضاً عقلیاً.

 

ولا یخفى: أنّ الواجب الموسّع بهذا المعنى لا یصیر مضیّقاً ولا تضیق دائرته بتضییق زمانه؛ لأنّ الموسّع هو الواجب الّذی تعلّق الطلب بإتیانه فی تلك القطعة من الزمان، فإن أتى به فی أوّل الوقت یقال: إنّه أتى بالمأمور به وكذلك إن أتى به فی وسط الوقت أو فی آخره، فهو على حاله.

ولا یصحّ أن یقال: إنّه أتى بالفرد المأمور به فیما یأتی به فی أوّل الوقت أو آخره، وإنّما هو یأتی بالطبیعة المأمور بها یكون فی أوّل الوقت أو آخره أو فی ضمن أیّ فرد من هذا الكلّی الممتدّ فی قطعة من الزمان. وعلیه إذا لم یبق من الوقت إلّا بمقدار لا یكون زائداً على المقدار الّذی یحتاج إلیه الفعل من الزمان عقلاً وأتى بالمأمور به فی هذا الوقت، فقد أتى بالطبیعة المأمور بها أیضاً بما أنّها موسّعة لا مضیّقة،([1]) لأنّ الطبیعة لا تنقلب عمّا هی علیه، وإنّما الانطباق فی هذه الصورة قهریّ عقلاً.

 

([1]) خلافاً لبعض العامّة کما فی المحصول (الفخر الرازی، ج2، ص174)؛ شرح العضدی علی مختصـر ابن الحاجب، ص89؛ مبادئ الوصول إلی علم اُصول (العلّامة الحلّی، ص104) نقلاً عنهم.

موضوع: 
نويسنده: