جمعه: 31/فرو/1403 (الجمعة: 10/شوال/1445)

الفصل الأوّل:
فی مفاد الأمر والنهی

إعلم: أنّ المحقّق الخراسانی+ وإن ذهب فی الكفایة إلى عدم الفرق بین مفاد الأمر والنهی، وأنّ کلّ واحد منهما بمادته وصیغته لا دلالة له إلّا على الطلب، غیر أنّ متعلّق الطلب فی الأمر وجود الطبیعة، وفی النهی عدمها، فلا تفاوت فی مفادهما أصلاً.

وحیث إنّ متعلّق الطلب فی الأمر یكون وجود الطبیعة فلو أتى المكلّف بفردٍ منها یتحقّق به الامتثال؛ لأنّ الطبیعی یوجد بوجود فردٍ من أفراده. وفی جانب النهی حیث إنّ متعلّق الطلب یكون عدم الطبیعة فلا یتحقّق الامتثال إلّا بعدم جمیع أفرادها. فإطاعة أمر المولى تتحقّق بإیجاد فردٍ من الطبیعی، وعصیانه لا یتحقّق إلّا بترك جمیع الأفراد. وإطاعة نهیه لا تتحقق إلّا بترك جمیع أفراد الطبیعی، ومعصیة نهیه تتحقّق بوجود فردٍ من أفراده.([1])

ولكنّه یلزم من ذلك أوّلاً: لو نهى المولى عبده عن شرب الخمر مثلاً، فأطاعه ولم یشرب الخمر فی هذا الیوم مع شدّة میله إلیه، وكذا لم یشربه فی الغد، وهكذا أن یعدّ کلّ ذلك امتثالاً واحداً. أو نهاه عن أكل مائدة شخص، فدعاه إلیها فلم یجبه لأجل نهی المولى، ثم دعاه بعد ذلك الیوم فلم یجبه، وهكذا لم یجبه فی جمیع الأیّام مراعاة لنهی المولى أن یكون کلّ ذلك امتثالاً واحداً.

 

وثانیاً: لو عصا العبد نهی المولى فأتى بفردٍ من أفراد المحرّم، ثم أتى بعد ذلك بفردٍ آخر منه لم یكن على هذا المبنى إتیانه بالفرد الثانی عصیاناً.

وثالثاً: لو امتنع من شرب الخمر المنهیّ عنه فی یوم وشربه فی یوم آخر لا یكون بالنسبة إلى امتناعه عنه ممتثلاً.

والعقلاء فی أحكامهم یخالفون جمیع هذه اللوازم، ویكون دیدنهم فی باب الإطاعة والعصیان منافیاً لها بأشدّ المنافاة، وهذا كاشف عن إختلاف مفاد الأمر والنهی خلافاً لما ذكره صاحب الكفایة+.

 

([1]) الخراسانی، کفایة الاُصول، ج1، ص232.

موضوع: 
نويسنده: