چهارشنبه: 29/فرو/1403 (الأربعاء: 8/شوال/1445)

الفصل الثالث:
فی مفهوم الشرط

نبحث هنا فی مفهوم الشرط على مسلك المتأخّرین وإن كان خلاف ما ذهبنا إلیه. وحاصل ما أفاد فی الكفایة فی المقام: أنّ إثبات المفهوم موقوف:

أوّلاً: على إثبات أنّ القضیّة الشرطیة لزومیة لا اتّفاقیة.

وثانیاً: على إثبات دلالة الجملة على نحو الترتّب؛ لأنّه یمكن أن یكون الشـرط والجزاء معلولین لعلّة ثالثة.

وثالثاً: على إثبات أنّ الترتّب یكون على نحو الترتّب على العلّة بمعنى ترتّب الجزاء على الشرط الّذی هو علّته.

ورابعاً: على إثبات أنّه على نحو ترتّب المعلول على العلّة المنحصرة.

فمنكر المفهوم فی سعة وفسحة.

وأمّا القائل بالمفهوم مستدلاً بالتبادر، فلا یمكن له إثباته.

وأمّا ادّعاؤه: انصراف إطلاق العلاقة اللزومیة إلى ما هو أكمل أفرادها، وهو اللزوم بین العلّة المنحصرة ومعلولها.

ففاسد؛ لعدم كون الأكملیة موجبة للانصراف. ولعدم كون العلّة المنحصرة أكمل من غیرها.

 

كما أنّه لا وجه للتمسّك بما هو قضیّة الإطلاق بمقدّمات الحكمة، كما یتمسّك بقضیة إطلاق صیغة الأمر لإثبات الوجوب النفسی؛ لأنّ التمسّك بالإطلاق بمعونة مقدّمات الحكمة لا یكاد یتمّ فیما هو مفاد الحرف كما فی المقام، وإلّا لم یكن المعنى حرفیاً.

هذا، مضافاً إلى أنّ کلّ واحد من أنحاء اللزوم والترتّب تعیینه محتاج إلى القرینة، كان اللزوم والترتّب بنحو الترتّب على العلّة المنحصرة أو لا .

ولا یقاس المقام بالواجب النفسی والغیری؛ فإنّ النفـسی واجب على کلّ تقدیر، دون الغیری فإنّه واجب على تقدیر الوجوب النفسی فبیانه محتاج إلى مؤونة التقیید بما إذا كان الغیر واجباً، فیكون الإطلاق فی الصیغة مع مقدّمات الحكمة محمولاً على الوجوب النفسی.

وأمّا الاستدلال على المفهوم بإطلاق الـشرط، بتقریب: أنّ الـشرط لو لم یكن بمنحصـر یلزم تقییده، ضرورةَ أنّه لو قارنه أو سبقه أمر آخر لم یؤثّر وحده، وقضیّة إطلاقه تأثیره كذلك مطلقاً.

ففیه: أنّه لا یكاد أن یصحّ إنكار المفهوم مع إطلاقه كذلك، إلّا أنّه لو لم نقل بعدم اتّفاقه لا ریب فی ندرة تحقّقه.

وأمّا لو قیل: بأنّ مقتضى إطلاق الشرط تعیّنه كما أنّ مقتضـى إطلاق الأمر هو تعیّن الوجوب.

فیدفع: بأنّ الواجب التعیینی هو الواجب الّذی تعلّق به الوجوب معیّناً من غیر أن یكون له عدل، بخلاف التخییری فإنّ الوجوب یتعلّق فیه بأحد الشیئین أو الأشیاء على سبیل التردید، فلا مانع من التمسّك بالإطلاق لإثبات الواجب التعیینی؛ لأنّه لیس له عدل، وما له العدل محتاج إلى زیادة مؤونة. وهذا بخلاف الـشرط، فإنّه ـ واحداً كان أم متعدّداً ـ یكون دخله فی المشروط على نحو واحد، ولا تتفاوت الحال فیه

 

ثبوتاً حتى یقال بتفاوته إثباتاً. واحتیاج ما إذا كان الشرط متعدّداً إنّما یكون لبیان تعدّده لا لبیان نحو تأثیره فی المشروط، فحیث كانت القضیة مسوقة لبیان الشـرطیة من غیر إهمال ولا إجمال لا تتفاوت نسبة إطلاق الشرط إلى المشروط، كان هناك شرط آخر أم لا؟ بخلاف إطلاق الأمر، فإنّه لو لم‏ یكن لبیان خصوص الوجوب التعیینی فلا محالة یكون فی مقام الإهمال والإجمال.([1]) هذا حاصل ما أفاده فی الكفایة.

ویمكن أن یزاد على هذه الوجوه الخمسة الّتی أجاب عنها+ وجهاً سادساً، وهو: ما أوردناه علیه فی مجلس بحثه: بأنّ الـشرط إمّا یكون مؤثّراً فی الـمشروط بشخصه وخصوصیته؛ وإمّا أن لا یكون مؤثّراً كذلك، بل بما أنّه أحد مصادیق العلّة، ویكون مؤثّراً فیه من جهة أنّه واجد لما هو الجامع بینه وبین سائر مصادیقها فیؤثّر بهذه الجهة، وظاهر اختصاص هذا الشرط بالذكر أنّه هو المؤثّر فی وجود المشروط، ویكون علّة له بشخصه وخصوصیته، فانتفاؤه یكون مستلزماً لانتفاء المشروط، ولا نعنی بالمفهوم إلّا هذا.

وقد أجاب عنّا: بأنّ التفطّن بهذا لا یحصل إلّا بعد إعمال التأمّل والدقّة العقلیة، وهذا لا یساعده ابتناء المحاورات على العرفیات.

 

 

([1]) الخراسانی، کفایة الاُصول، ج1، ص302-307.

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: