شنبه: 1/ارد/1403 (السبت: 11/شوال/1445)

الفصل الرابع:
فی المفهوم فی الجمل الإنشائیة

إذا قال: «أوقفت مالی (أو وقفت مالی) على أولادی الفقراء (أو إن كانوا فقراء)» فهل یصحّ أن یقال فیه بالمفهوم أو لا؟

الظاهر: أنّ الوقف حیث تكون حقیقته حفظ العین وإبقاءه على عنوان أو أشخاص، بحیث یدرّ على المعنون، ووجوده یتحقّق بإنشاء الواقف وإیجابه، فإذا قال: «أوفقتُ مالی على أولادی إن كانوا فقراء» جعل العین على أولاده معلّقاً على هذا الشرط، ففی صورة انتفاء الشرط لا یصحّ أن یقال بانتفاء الـمشروط وهو وقف هذا المال على أولاده؛ لأنّ عدم تعلّق الوقف بهم لو لم یكونوا فقراء لیس من جهة المفهوم ودلالة قوله: «أوقفت... إلخ» على الانتفاء عند الانتفاء، بل انتفاء الحكم عن غیر هذا المورد إنّما یكون لأجل أنّ إیجاد الواقف وإنشاءه لم یتعلّق بالعین إلّا بشرط كونهم فقراء وعدم تعلّق إنشائه بغیر هذا المورد.

والحاصل: أنّه لا یصحّ فی الإنشائیات والإیجادیات القول بالمفهوم؛ لأنّنا ندور فیها مدار الإنشاء والإیجاد، فبعد العلم بأنّ الإنشاء والإیجاد لم یتعلّق بغیر هذا المورد وأنّ تعلّقه بغیره یحتاج إلى إنشاء یخصّ به، لا یصحّ أن یقال بأنّ قوله: «إن جاءك زید فأكرمه» إذا كان فی مقام الإنشاء لا الإخبار یفید المفهوم على القول به؛ لأنّ إیجاد الوجوب وإنشاءه لم یتعلّق بإكرامه إلّا بشرط مجیئه، فعدم وجوب إكرامه على تقدیر

 

عدم مجیئه ولو تخصّص بخصوصیة اُخرى لا یكون من باب المفهوم، بل من جهة عدم تعلّق الإنشاء إلیه وعدم كون غیر هذا الشخص من وجوب الإكرام.

نعم، لا مانع من القول بالمفهوم فی الإخباریات كما لو قال: «إذا جاء زید یجب إكرامه»؛ وفی الإنشاءات الإرشادیة مثل ما هو الغالب فی أوامر الأنبیاء والأئمّة ـ صلوات الله علیهم ـ وأوامر العلماء، حیث إنّهم إذا كانوا فی مقام بیان الأحكام لا یأمرون مولویة بل یرشدون الناس إلى أحكام الله تعالى. ففی مثل هذه الموارد لا مانع من جریان نزاع المفهوم كما لا یخفى، فتدبّر واغتنم.([1])

 

 

 

([1]) ربما یتوهمّ أنّه إن لم نستفد عدم وجوب إکرام زید علی تقدیر عدم مجیئه من مفهوم: «إن جاءك زید فأکرمه» ـ وإن تخصّص بخصوصیة اُخری لأنّه خارج عمّا وقع تحت الإنشاء کما أنّ عمراً وبکراً أیضاً خارجان عن تحته ـ فما هو إذن مصبّ إجراء المفهوم علی القول به؟

والجواب أمّا علی ما أفاده السیّد الاُستاذ+ فمصبّ إجراء المفهوم هو زید إذا لم یکن متخصّصاً بخصوصیة اُخری أیضاً فهو محکوم بعدم وجوب الإکرام. وأمّا علی قول المتأخّرین إذا کانت القضیّة دالّة علی الانتفاء عند الانتفاء، فعدم کون زید علی تقدیر عدم مجیئه واجب الإکرام، لعدم وقوعه تحت الإنشاء وعدم الدلیل علی وجوب إکرامه، ولکن مفهوم القضیّة دلیل علی عدم الوجوب، فالمفهوم علی الصورتین معارض مع الدلیل الدالّ علی الوجوب إن کان فی البین، فتدبّر. [منه دام ظلّه العالی].

موضوع: 
نويسنده: