جمعه: 31/فرو/1403 (الجمعة: 10/شوال/1445)

الفصل الأوّل:
فی أقسام العامّ

قد ذهب المحقّق الخراسانی& كغیره([1]) إلى انقسام العامّ إلى المجموعیّ والبدلیّ والاستغراقیّ. إلّا أنّه أفاد بأنّ انقسامه إلیها إنّما یكون من جهة اختلاف كیفیة تعلّق الأحكام، وإلّا فالعموم فی الجمیع بمعنى واحد، وهو: شمول المفهوم لجمیع ما یصلح أن ینطبق علیه.([2])

ولكنّ التحقیق یقتضی خلاف ما أفاده+، وذلك لأنّ المفهوم ـ مع قطع النظر عن موضوعیته للحكم ولحاظ الحكم ـ إمّا أن یمتنع فرض صدقه على الكثیرین

 

ولا یتطرّق فیه التكثّر. فهو جزئی، وإمّا یتطرّق فیه ذلك ویمكن تكثیر وجوده خارجاً ولا یمتنع فرض صدقه على الكثیر، فهو كلّی. فلو لوحظ المفهوم الّذی یكون قابلاً للتكثّر بحسب الوجود بما أنّه كذلك وقابل لتطرّق الكثرة فیه، فهو كلّی باصطلاح المنطقیّین وعامّ منطقیّ باصطلاح الاُصولیّین. ولو لوحظ هذا المفهوم وجعل مرآة للخارج، فلو جعل مرآة وآلة لملاحظة تمام الكثرات على نحو یكون الملحوظ کلّ واحد من أفراده، فهو العامّ الاستغراقی. ولو جعل هذا المفهوم الّذی لا یمتنع فرض صدقه على كثیرین آلة لملاحظة أحد من الأفراد على سبیل التردید، فهو العامّ البدلی. ولو جعل مرآة لملاحظة تمام الكثرات على نحو یكون الجمیع شیئاً واحداً، فهو العامّ المجموعی.

فعلى هذا، تكون الأقسام أربعة: العامّ المنطقی، والمجموعی، والبدلی، والاستغراقی. إلّا أنّه لا فرق بین البدلیّ والمنطقی من حیث الحكم، مثل أن یقال: جئنی برجل أو بالرجل.

هذا، مضافاً إلى أنّنا نجد من أنفسنا الفرق بین ألفاظ: أحد الرجال، والرجل، ورجل، والرجال ولو لم یتعلّق بها حكم من الأحكام.

ولا یذهب علیك: أنّ العامّ المجموعی بهذا المعنى الدائر فی السنّة المتأخّرین قلّما یوجد، بل لم نجده فی الشرعیات أن یكون موضوعاً لحكم من الأحكام؛ فإنّ العامّ المجموعی فی ألسنتهم ما یكون مركّباً من أفراد مفهوم واحد ولوحظ الجمیع شیئاً واحداً، فهو مركّب تكون أجزاؤه متوافقة فی الحقیقة. وهذا بخلاف العامّ المجموعی الدائر على ألسنة القدماء؛ لأنّه عندهم مركّب من أجزاء لا توافق بینها بحسب الحقیقة. وقد مثّلوا له بالدار؛([3]) فإنّه مركّب من السقف والجدران وغیرهما من الأجزاء ولا توافق بینها بحسب الحقیقة  ولوحظ الجمیع شیئاً واحداً. وسیجیء إن شاء الله تعالى أنّ الأحكام الثابتة لجمیع أقسام العامّ ثابتة لهذا أیضاً.

 

([1]) الأصفهانی، الفصول الغرویة، ص160؛ الأصفهانی، هدایة المسترشدین، ص341.

([2]) الخراسانی، کفایة الاُصول، ج1، ص332.

([3]) شرح العضدی علی مختصر ابن الحاجب، ص213-214.

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: