جمعه: 10/فرو/1403 (الجمعة: 19/رمضان/1445)

تنبیهات

التنبیه الأوّل: فی إخراج الأفراد بالتعلیل المذكور

إذا قال المولى: «أكرم جیرانی» وقال: «لا تكرم زیداً لأنّه عدوّی» والحال أنّ زیداً یكون جاره، وشكّ فی أنّ عمرواً عدوّه أم لا؟ فهل یكون التمسّك بعموم «أكرم جیرانی» كالتمسّك بعموم «أكرم العلماء» المخصّص بقوله «لا تكرم الفسّاق منهم» إذا شكّ فی فسق فرد، من جهة استفادة التعمیم من العلّة المذكورة (لأنّه عدوّی) للحكم بالنسبة إلى جمیع الموارد، أو نقول بجواز التمسّك بالعموم من جهة أنّ المخصّص إنّما هو فی مورد خاصّ ولیس مقدار عموم علّته معلوماً؟ وجهان. لا یبعد أن یكون الأظهر هو الثانی من جهة عدم معلومیة مقدار عمومیة العلّة المذكورة.([1])

 

التنبیه الثانی: فی التمسّك بأحد العامّین المتزاحمین

إذا قال المولى: «أكرم کلّ عالم» وقال فی خطاب آخر: «لا تكرم الفسّاق» لا ریب فی أنّ مفاد کلّ من الدلیلین ثبوت الحكم فی ظرف وجود الموضوع، وهو العالم فی المثال الأوّل، والفاسق فی المثال الثانی. فإن تصادقا كلاهما فی مورد واحد ووقع التزاحم بینهما، فلابدّ من ترجیح أحد المقتضیین، إمّا مقتضی الوجوب لو علمنا بأهمّیته فی نظر المولى، أو الحرمة لو علم أهمّیتها.

وأمّا إذا شكّ فى صدق أحد العنوانین على فرد یصدق علیه العنوان الآخر، إمّا من جهة أصل الشكّ فی وقوع التصادق بین العنوانین خارجاً، أو من جهة الشكّ فی مورد خاصّ بعد فرض وجود التصادق فی مورد آخر، فهل یكون هذا أیضاً من الشبهة المصداقیة حتى لا یصحّ التمسّك بالعامّ من جهة إحراز عدم تطابق الإرادة الاستعمالیة مع الجدّیة فی مورد التصادق بالنسبة إلى العامّ الّذی لا یكون مقتضى حكمه أهمّ من الآخر، أو یجوز التمسّك به؟ فإذا علم صدق عنوان العالم على هذا الشخص وشكّ فی صدق الفاسق علیه، فهل لا یجوز التمسّك بعموم أكرم العلماء لإثبات وجوب إكرامه، أو لا مانع من التمسّك به لإحراز وجود المقتـضی وعدم إحراز المزاحم؟ لا یبعد أیضاً أن یكون الأوجه هو الوجه الثانی. ألا ترى أنّ العقلاء یذمّون من خالف أمر المولى أو نهیه بعذر وجود هذه الشبهة .([1])

 

ثم إنّه یمكن أن یكون مراد الشیخ& عمّا إذا لم یكن للمخصّص عنوان([2]) هو هذا؛ لأنّه لیس للمخصّص عنوان. ویمكن أن یكون مراده ما ذكرناه فی التنبیه الأوّل.([3])

التنبیه الثالث: فی إحراز المصداقیة بالأصل

لا یخفى: أنّ ما قلناه من عدم جواز التمسّك بالعامّ فی الشبهات المصداقیة سواء كان المخصّص لفظیاً أو لبّیاً، أو إذا كان المخصّص لفظیاً دون ما كان لبّیاً كما مرّ، إنّما یكون فیما لم یكن فی المورد المشكوك أصل أو أمارة یرتفع بأحدهما الاشتباه، كما إذا قال: «أكرم العلماء» وقال: «لا تكرم الفسّاق منهم» وشكّ فی فسق زید العالم بعد العلم بعدالته سابقاً فباستصحاب العدالة یثبت له حكم العامّ، وذلك مثل ما إذا قامت البینة علیها. كما أنّ قیام البیّنة على فسقه أو جریان استصحاب فسقه موجب لإثبات حكم دلیل المخصّص.

وهذا لیس تمسّكاً بالعامّ فی الحقیقة بل یكون تمسّكاً بدلیل حجّیة الأصل أو الأمارة، ومقتضاه وجوب ترتّب آثار مؤدّاهما علیهما وهو فی المقام حكم العامّ، وهذا لا إشكال فیه.

 

([1]) یمکن أن یقال: إنّ الأقرب هو الوجه الأوّل؛ لأنّه علی هذا یصیر العامّ الّذی یکون مقتضی حکمه مرجوحاً بالنسبة إلی الآخر معنوناً بحسب اللبّ ویکون معناه مثلاً وجوب إکرام کلّ عالم لا یکون مجمع العنوانین، أو حرمة إکرام کلّ فاسق یکون کذا لو قلنا بأهمیّة أحد المقتضیین. ولو قلنا بتکافؤهما یکون کذلك فی کلّ منهما ویقال بعدم تطابق الإرادة الجدّیة مع الاستعمالیة فی کلیهما بالنسبة إلی مورد التصادق، فعلی هذا لا یجوز التمسّك بالعامّ، ویکون کالشبهة المصداقیة المذکورة، فتأمّل. [منه دام ظلّه العالی].

([2]) تقدّم تفصیله فی الصفحة 363.

([3]) التأمّل فی کلام الشیخ+ یعطی عدم وجاهة هذا التوجیه، فتدبّر. [منه دام ظلّه العالی].

 


([1]) لا یخفی: أنّ مقتضی إطلاق العلّه المذکورة فی دلیل المخصّص عمومیة العلّة. فکما لا یجب إکرام عمرو المعلوم عداوته للمولی من جهة هذه العلّة وکذا فرد آخر لأجل عدم وجود أصالة تطابق الإرادتین فی مورد من کان من أعدائه، کذلك لا یصحّ التمسّك بعموم العامّ لإثبات وجوب إکرام الفرد المشکوك، فتأمّل. [منه دام ظلّه العالی].

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: