سه شنبه: 4/ارد/1403 (الثلاثاء: 14/شوال/1445)

الاستدلال لحجّیة الإجماع بالكتاب

استدلّوا لحجّیة الإجماع تارة:

بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ یُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَیَّنَ لَهُ الْـهُدى وَیَتَّبِعْ غَیْرَ سَبیلِ الْـمُـؤْمِنینَ نُوَلِّه ِمَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصیراً﴾.([1])

فإنّه تعالى جمع فی الوعید بین مشاققة الرسول واتّباع غیر سبیل المؤمنین، ولا شكّ فی حرمة مشاققته استقلالاً، فلابدّ من أن یكون اتّباع غیر سبیل المؤمنین مثله، وإلّا لم یحسن الجمع بینهما.

كما أنّه لا ریب فی كون سبیل المؤمنین عبارةً عن أقوالهم وفتاویهم وسلوكهم فی الاُمور الدینیة.

 

واُجیب عنها بوجوه:

منها: منع كون اللام فی المؤمنین للاستغراق.

ومنها: أنّه لا یستفاد من الآیة إلّا حرمة اتّباع غیر سبیلهم ومخالفتهم، لا وجوب موافقتهم.

ویمكن أن یقال: إنّ سبیل المؤمنین عبارةٌ عمّا علیه المؤمنون بما أنّهم مؤمنون وما هو مقتضى إیمانهم لا مطلق ما علیه المؤمنون.

واُخرى بقوله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَیْرَ اُمَّةٍ اُخْرِجَتْ لِلنّاسِ﴾.([2])

وقوله: ﴿وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ اُمَّةً وَسَطاً﴾.([3])

وجه الاستدلال بهما: اقتضاء كونهم اُمّةً وسطاً وخیر اُمّةٍ اُخرجت للناس عدم اجتماعهم على الباطل لوجود المنافاة بینهما.

وفی الاستدلال بهما أیضاً مضافاً إلى أنّ فی بعض القراءات: «كُنْتُمْ خَیْرَ أَئِمَّةٍ»،([4]) و ورود بعض الروایات على أنّ المراد بها أئمّة أهل البیت^، وكونهم واسطة بین الخلق والخالق، وأنّ المخاطب بخطاب ﴿جَعَلْنَاكُمْ فی الآیة الثانیة الأئمّة الطیّبین^: أنّ ظاهر الآیة الاُولى كونها مسوقة لأجل الترغیب إلى الأمر بالمعروف والنهی عن المنكر والإیمان بالله. والثانیة مسوقة لأجل الدعوة إلى الطریق السوی الوسط العدل، والترغیب إلى اتّباعه، وهو الطریق الّذی دعانا إلیه نبیّنا|، فلا ربط لهما بالإجماع، ولا مجال للاستدلال بهما.

 

وهكذا حال سائر الآیات الّتی استدلوا بها، كقوله تعالى: ﴿وَمِـمَّنْ خَلَقْنَا اُمَّةً یَهْدُونَ بِالْـحَقِّ وَبِهِ یَعْدِلُونَ﴾.([5])

فإنّ الاُمّة تقع على الواحد وعلى الجماعة. وتقع على جمیع الاُمّة على وجه الاستغراق، والشاهد على ذلك قوله فی حقّ إبراهیم: ﴿إِنَّ إِبرَاهیمَ كَانَ اُمَّةً قَانِتَاً﴾،([6]) وقوله عزّ من قائل: ﴿وَلَـمـَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْیَنَ وَجَدَ عَلَیْهِ اُمَّةً مِنَ النّاسِ﴾.([7])

فیمكن أن یكون المراد واحداً من الاُمّة، فلا دلالة لها على حجّیة الإجماع بما هو إجماع بل تدلّ على حجّیة هذا الواحد ویمكن أن یكون المراد بالاُمّة الأنبیاء.

 

([1]) النساء، 115. وانظر الاستدلال بهذه الآیة وغیرها من الأدلّة والإشكالات علیها فی المصادر المذكورة آنفاً.

([2]) آل عمران، 110.

([3]) البقرة، 143.

([4]) العیّاشی، تفسیر، ج1، ص195، ح 128 و 129؛ القمّی، تفسیر، ج1، ص110؛ ابن شهر آشوب، مناقب آل أبی طالب، ج4، ص2؛ الفیض الکاشانی، تفسیر الصافی، ج1، ص371، ذیل الآیة.

([5]) الأعراف، 181.

([6]) النحل، 120.

([7]) القصص، 23.

موضوع: 
نويسنده: