جمعه: 10/فرو/1403 (الجمعة: 19/رمضان/1445)

التنبیه الخامس: انحصار الطرق الظنّیة فی الخبر

إعلم: أنّ الطرق النقلیة الظنّیة المتعارفة منحصرة فی الخبر، بل حجّیتها نتیجة جمیع

 

المباحث المذكورة فی مبحث حجّیة الظنّ. فإنّ الإجماع المنقول لو قیل بحجّیته فإنّما هو باعتبار كشفه ونقله عن قول المعصوم×. وكذا الشهرة إنّما تعتبر لكونها سبباً للقطع بوجود خبر معتبر مذكور فی الجوامع الأوّلیة.

نعم، مبحث حجّیة الظواهر لیس راجعاً إلى مبحث الخبر.

وربما یقال: بأنّ استقرار طریقة العقلاء على الأخذ بظواهر الكلمات أقوى من الأخذ بالطرق النقلیة، خصوصاً هذه الطرق النقلیة الّتی كثرت الوسائط فیها بین الناقل والمنقول عنه خصوصاً فی أعصارنا، فلو لم نقل بعدم استقرار طریقتهم على الأخذ بمثل هذه الطرق لا مجال لإنكار ضعف استقرار طریقتهم على ذلك.

ولا یخفى علیك: أنّ هذا الكلام بظاهره متینٌ لولا ما بیّناه فی دلیل الانسداد من كون حجّیة هذه الطرق النقلیة ـ وإن بلغت الوسائط ما بلغت ـ هو مقتضى وضع الشـریعة الكاملة الإسلامیة وبقاء أحكامها إلى یوم القیامة لقوله: «بعثت أنا والساعة كهاتین»،([1]) مع عدم وجود طریق متعارف عند العقلاء غیر النقل.

هذا تمام الكلام فی دلیل الانسداد. ولا یخفى علیك أنّا وإن ابتعدنا عمّا هو المذكور فی کلمات المتأخّرین وخالفنا مسلكهم، إلّا أنّه لا اعتناء به بعد قربنا إلى ما هو المقصود من دلیل الانسداد فی المقام.

والحمد لله أوّلاً وآخراً واُصلّی على رسوله وآله الهادین المعصومین. وأسأله أن یوفّقنا لصالح الأعمال، وما یوجب رفع الدرجات وحطّ السیّئات وغفران الخطیئات. اللّهمّ اغفر لنا ولوالدینا ولمعلّمینا وللمؤمنین والمؤمنات.

 

 

 

([1]) النووی، المجموع، ج4، ص516؛ السیوطی، الجامع الصغیر، ج1، ص126؛ المتّقی الهندی، كنز العمّال، ج14، ص190، 194-195، 547.

موضوع: 
نويسنده: