پنجشنبه: 6/ارد/1403 (الخميس: 16/شوال/1445)

الأمر الثالث: أنحاء تعلّق النهی وإجراء البراءة فیها

لا یخفى علیك أنّه على ما أفاد السیّد الاُستاذ+ من أنّ النهی عبارة عن الزجر عن الفعل، ینحلّ الحكم إلى أحكام عدیدةٍ. فعلى هذا، یجب ترك کلّ فردٍ كان اندراجه تحت ما تعلّق به الزجر معلوماً دون ما جهل كونه مصداقاً له، سواءٌ لاحظ الحاكم الطبیعة مرآةً للأفراد أو لاحظها بما هی هی.

ووجه ذلك أنّ الزجر عن الطبیعة ـ إذا لم تكن مقیّدةً بقیدٍ خاصّ ـ یشمل جمیع أفرادها؛ لأنّ کلّ فردٍ منها یكون نفس الطبیعة مع مشخصّات زائدة علیها، فإذا كانت الطبیعة مزجورة عنها باعتبار كونها مبغوضةً للزاجر یكون کلّ فرد منها مزجوراً عنه، وإذن فلا وجه للتفصیل المذكور فی الكفایة،([1]) فتجری البراءة فی کلّ فردٍ شكّ كونه من الطبیعة.

نعم، على ما بنى علیه فی الكفایة من أنّ معنى النهی هو طلب الترك، یمكن فی مقام الثبوت أن یقال: إنّ النهی عن شیءٍ إذا كان بمعنى طلب تركه فی زمانٍ أو مكانٍ ـ بحیث لو وجد فی ذلك المكان أو الزمان ولو دفعةً لما امتثل أصلاً ـ كان اللازم على المکلّف إحراز أنّه تركه بالمرّة ولو بالأصل، فلا یجوز الإتیان بشیءٍ یشكّ معه فی تركه إلّا إذا كان مسبوقا به لیستصحب مع الإتیان به.([2])

وبعبارة اُخرى: إذا كان الحاكم طلب ترك الطبیعة على النحو المذكور وشكّ فی

 

شیءٍ فی كونه من أفراد الطبیعة ومصادیقها، لا یجوز إجراء البراءة بالنسبة إلیه؛ لأنّ مع الإتیان به لا یحصل الیقین بالامتثال. وهذا بخلاف ما إذا كان طلب منه ترك کلّ فردٍ منها، فإنّه لا یجب علیه ترك ما شكّ فی كونه فرداً منها، ولا یجب علیه إلّا ترك ما علم أنّه فردها. إلّا أنّ الظاهر فی مقام الإثبات كون النواهی على الصورة الثانیة، فتجری على هذا المبنى أیضاً البراءة الشرعیة والعقلیة فی الفرد المشكوك، والله هو العالم. 

 

([1]) الخراسانی، كفایة الاُصول، ج2، ص200.

([2]) الخراسانی، کفایة الاُصول، ج2، ص200.

موضوع: 
نويسنده: