جمعه: 31/فرو/1403 (الجمعة: 10/شوال/1445)

التنبیه الرابع: دوران الأمر بین جزئیة شیء أو شرطیته وبین مانعیته

إذا دار الأمر بین كون شیء شرطاً للمأموربه أو مانعاً، أو بین أن یكون جزءاً له أو مانعاً، فهل مقتضى الأصل فیه البراءة أو التخییر أو الاحتیاط؟

فنقول: أمّا البراءة فلیس المقام مورد جریانها؛ لأنّها تجری فی الشكّ فی التكلیف، وهنا یكون الشكّ فی المکلّف به.

وأمّا التخییر، فما قیل فی وجهه: أنّ الأمر دار بین المحذورین فلا یمكن الموافقة القطعیة، فلابدّ من الاحتمالیة، وحیث لا ترجیح لأحد الاحتمالین على الآخر فهو مخیّر بین الفعل والإتیان بالمأمور به معه أو بدونه.

لا یقال: یمكن الموافقة القطعیة بالتكرار.

فإنّه یقال: إنّه مستلزم لفوات ما یعتبر فی العبادة من القصد التفصیلی والجزم بكون ما یأتی به مأموراً به.

ولكن یضعّف هذا الجواب أوّلاً بعدم الدلیل على اعتبار الجزم فی النیّة. وثانیاً بأنّ هذا المحذور حاصل على القول بالتخییر أیضاً؛ لأنّ كون ما اختاره المأمور به الواقعی مشكوكٌ فیه، لأنّ التخییر یكون بحكم العقل ولیس شرعیاً.

وعلى ذلك کلّه، الأمر دائر فی المقام بین المتباینین، لا الأقلّ والأكثر حتى یقال بالبراءة، ولا المحذورین حتى یقال بالتخییر، فلابدّ من الاحتیاط بالتکرار. والله هو العالم.

موضوع: 
نويسنده: