شنبه: 1/ارد/1403 (السبت: 11/شوال/1445)

التوهّم الأوّل: استصحاب الفرد لترتیب آثار الكلّی مثبت

إنّ استصحاب الفرد أو منشأ الانتزاع لترتیب آثار الكلّی الطبیعی، أو العرض على الفرد أو على منشأ الانتزاع مثبت.([1])

ومنشأ هذا التوهّم یمكن أن یكون أحد أمرین:

أحدهما: مغایرة الكلّی مع أفراده وجوداً، فإذا شككنا فی خمریة مائع كان متیقّن الخمریة سابقاً وأردنا استصحاب خمریته لأن نثبت به حرمته، نقول: إنّ الأصل ـ أی مقتضـى الاستصحاب ـ بقاء المائع على حالته السابقة، ولازم ذلك بقاء طبیعة الخمریة الّتی كانت معه للملازمة بین بقائه وبقائها، ولكن هذا اللزوم لیس شرعیاً حتى یحكم بحرمة المائع المذكور، فیكون إثبات حرمته بهذا الاستصحاب مثبتاً.

والجواب عن ذلك: أنّ وجود الطبیعة فی الخارج لیس مغایراً لوجود الفرد بل هو موجود بعین وجود الفرد، فما كان متیقّناً هو الكلّی الموجود بوجود الفرد وهو عین وجوده وما یستصحب أیضاً هو ذلك الكلّی.

هذا مضافاً إلى أن الحكم الكلّی المتعلّق بالطبیعة ینحلّ إلى أحكام جزئیة حسب أفرادها فیستصحب فی المثال الخمر الجزئی الموجود بهذا الفرد فیترتّب علیه الحكم بحرمته.

ثانیهما: أن یقال: إنّ أثر الكلّی ـ وهو الحرمة فی المثال ـ یترتّب على الفرد بجمیع مشخّصاته الخارجیة، فالمائع المتیقّن حرمته لخمریته حرام بجمیع مشخّصاته الخارجیة فإثبات بقاء حرمته بجمیع تلك المشخّصات باستصحاب بقاء خمریته المستلزم عادة لبقاء هذه المشخّصات یكون مثبتاً.

وأجاب السیّد الاُستاذ ـ كما حكى عنه المقرّر فی الحاشیة ـ بأنّ الآثار المترتّبة على

 

الفرد بتوسّط الكلّی إنّما تكون مترتّبة علیه بما هو فرد للكلّی لا بما هو مقارن مع مشخّصاته الخارجیة، فإنّه لیس فی الأحكام الشـرعیة ما هو مترتّب على الفرد الخارجی بجمیع مشخّصاته، بل إنّما تكون مترتّبة على الكلّی المنطبق على أفراده خارجاً والمتّحد معها وجوداً. انتهى.([2])

ولا یخفى علیك: أنّ وجود العرضی كالملكیّة ممّا ینتزع من منشأ انتزاعه أیضاً یكون كالكلّی، والفرد وجوده بعین وجود منشأ انتزاعه لا وجود له إلّا بمعنى وجود منشأ انتزاعه، فاستصحاب منشأ انتزاعها یكفی لترتیب أثرها بدون توسیط ثبوته لأنّه لا ثبوت لها زائداً على ثبوت منشأ انتزاعها.

 

([1]) توهّمه الشیخ فی فرائد الاُصول (الأنصاری، ص384).

([2]) الخراسانی، الحاشیة على كفایة الاُصول، ج2، ص418 - 419.

موضوع: 
نويسنده: